ضاعت أحلام الملايين من المستثمرين الكبار او الصغار في إقامة مشروعات خاصة في مصر بسبب ارتفاع أسعار العقارات والأراضي ومواد البناء المتابع للحركة الاقتصادية المصرية المصونة في العشر سنوات الأخيرة سيدرك بسهولة إنها تعتمد علي تجارة الأراضي والسمسرة والتسقيع.. يشارك في ذلك كل الأطراف القادرة من حكومة ومواطنين ورجال أعمال الكل يلعب في الأراضي ويسعي لإشعال أسعارها حتي وصل سعر الشقق في بعض المناطق العشوائية إلي 300 ألف جنيه (ناهيا، إمبابة. الشوارع الموازية لفيصل).. فهل هذا يجوز في دولة يعيش نصف سكانها تحت خط الفقر.. ويعاني ثلث شبابها من العنوسة (11 مليونا) بسبب ارتفاع تكاليف الزواج وعلي رأسها عش الزوجية.. وبالرغم من ذلك تنفخ كافة القطاعات في سعر الاراضي والعقارات.. ومؤخرا هب الشعب ودب بسبب عقود مدينة مدينتي وكتب الكتاب وعلق الصحفيون وصرخ المذيعون في الفضائيات وتحدث رجال القانون والاقتصاد ولم يذكر احد فيهم للأسف حق الغلابة.. فسواء باعت الحكومة ارض مدينتي وما شابهها ب 15 ملياراً او بعشرين او ثلاثين لن يشعر الغلابة بأي فرق ولن ينتعش الاقتصاد الوطني من الغيبوبة ولن تأخذ الحكومة الفرق وتوزعه علي الفقراء والمساكين ليرتفع الدخل القومي.. ستأخذ الحكومة المال كثيرا او قليلا (وعد غنمك يا جحا واحدة نايمة وواحدة قايمة) ويبقي الحال علي ما هو عليه.. المشكلة الأكبر إننا نشجع الدولة ونطالبها بزيادة أسعار بيعها للأراضي وكأنها نعمة رغم إنها نقمة فالأهم هو أن نطالب الحكومة بمراقبة الشركات والأفراد وتحديد أسعار عادلة للعقارات والحفاظ علي وجود بدائل عقارية متدنية الأسعار لتوفر احتياجات الغلابة وهم الأغلبية.. فالارتفاع المهول في أسعار العقارات هو من أهم أسباب بطء عجلة التنمية لو كانت بتلف كما يدعون.. فعلي المستوي الاجتماعي قلل نسبة الزواج لان متوسط سعر شقق الشباب 64 مترا وصل الي أكثر من 150 ألف جنيه بدون تشطيب و200 ألف لو بتشطيب "عرة".. فإذا ادخر الشاب ألف جنيه شهريا و(هذا مستحيل للأغلبية) فهو يحتاج أكثر من 16 سنة لإتمام الزفاف السعيد ترتفع الي 32 سنة لو كانت قدرته علي الادخار 500 جنيه شهريا وهذا اقرب الي الواقع. لذلك عزف الشباب عن الزواج وإقامة حياة اجتماعية سليمة لانه سيكون علي مشارف الستين (و يدينا ويديكم طول العمر) .. كما ان ارتفاع أسعار العقارات قلل من قدرات الغلابة (الأغلبية)علي تغيير مساكنهم وتطوير حياتهم وفقدوا الأمل في الانتقال من العشوائيات والحارات الضيقة إلي شوارع واسعة ونظيفة والتمتع بأي مظاهر آدمية.. بالإضافة إلي التكدس والزحام في العاصمة والمدن الرئيسية لان المناطق الصحراوية أصبحت الآن اغلي من العاصمة فكل من بني عمارتين حفر حمام سباحة مترين أو عمل نافورة بفسقية وأطلق عليها اسم (كومباوند) بلا رقيب أو حسيب.. اما علي المستوي الاقتصادي فدراسات الجدوي لاي مشروع في مصر تؤكد ان مكان اقامة المشروع يستهلك معظم رأس المال ومن الأفضل ان تسقعه بدلا من ان تقيم مشروعك فيه.. وضاعت أحلام الملايين من المستثمرين الكبار او الصغار في إقامة مشروعات خاصة في مصر بسبب ارتفاع أسعار العقارات والأراضي ومواد البناء.. اما علي المستوي السياسي فهو وصمة عار حضارية لأننا مازلنا نعيش علي 6% من مساحة مصر وتركنا الباقي (للسلعوة) فلو كانت الحكومات تعمل وتؤدي واجبها السياسي بما يرضي الله (لا رجال الأعمال) لدخلت المرافق والخدمات وتعمقت في الأراضي الصحراوية ليزيد العرض علي الطلب ولينخفض سعر العقارات في مصر (وخلي الناس تعيش) ولكن ان يصل سعر العشة في إسطبل عنتر الي 80 ألف جنيه فهذا يؤكد اننا نعيش بالفعل في إسطبل كبير حتي لو اطلقنا عليه كومباوند..