غريب أمر هذا البلد الذي نعيش فيه، وغريبة تلك الحكومة التي يقال إنها تحكمنا،هل يعقل أن مصر بلد الحضارة والتاريخ، والتي تمتلك ثلث آثار العالم، والتي تعتمد علي السياحة كمورد أساسي،تغرق في بحر من القمامة،وخاصة عاصمتها السياحية بلد الأهرامات وأبو الهول، عيون السياح من كل بلاد العالم بدلا من أن تصافح شموخ الأهرامات، وبدلا من أن تتغني بعظمة حارس مصر الأمين أبو الهول،تحاصرها أهرامات القمامة من كل جانب، أينما سرت تهل عليك روائح القمامة، تزكم أنوف السائحين،ولكنها للأسف لم تحرك ولم تصل إلي أنف حكومتنا، المصابة بزكام مزمن،منذ أن أطلت علينا بطلعتها البهية. قرابة الشهر، ومحافظة الجيزة كلها تهاجمها جيوش الحشرات، وتحاصر بيوت أحيائها الراقية والفقيرة تلال القمامة، وتنتشر في أجوائها الروائح النتنة والعفنة، وحكومة الدكتور نظيف لم تحرك ساكنا،إلا بعد أن وصلت رائحة عفن الكارثة إلي مقر الرئاسة،فغضب الرئيس وطالب بسرعة التحرك. أعتقد أن حكومة تفشل في نظافة مدينة واحدة ،يجب أن تقدم استقالتها، وتعلن عجزها،خاصة وأن جبال القمامة أصبحت مشهدا مألوفا ومعلما من معالم مدننا المصرية،وكأن الحكومة عامدة متعمدة، تريد أن تنافس المصريين القدماء في بناء الأهرامات، ولكنها "أهرامات من قمامة". غيبوبة الانجازات الوهمية ** وفي الوقت الذي تقرع فيه انفلونزا الخنازير ومن قبلها أنفلونزا الطيور أبوابنا بشدة، ورغم أننا جميعا نعرف أن أبسط قواعد الصحة العامة هي النظافة،ت ضربنا كارثة القمامة في مقتل، لتزيد " الطين بلة" ، وحكومتنا تعيش في غيبوبة "الإنجازات الوهمية"جاهلة أو متجاهلة تلك القاعدة ،مما يجعل البعض منا يظن، وعندهم حق في ظنهم أن بلدنا"مصر" المبتلي بحكوماته بدءا من مهندس بيع مصر"عاطف عبيد"وصولا إلي الدكتورنظيف، يتعرض إلي مؤامرة ،تستهدف القضاء علي كل جميل وأصيل في هذا الشعب. ** وما جبال القمامة، وتلال العفن، وجيوش الذباب وأسراب البعوض،وجحافل الفئران، إلا سلسلة من سلاسل الفساد التي منينا بها في سنواتنا الأخيرة،والتي للأسف كان كبار المسئولين مشاركين أساسيين ،وفاعلين فيها،ففي الوقت الذي نحاول فيه جميعا حل لغز هرب هدي عبد المنعم" المرأة الحديدية" العائدة بعد 22سنة من وضعها علي قوائم الممنوعين من السفر، والتي قيل إن أحد الوزراء هو الذي سهل لها طريقة الهرب،وهو الذي خطط مع مجموعة من المسئولين الكبار تأمين الهرب بأموال الشعب إلي الخارج،تهب علينا روائح القمامة الكريهة، ويعترف أحد المسئولين السابقين، أن الذي ابتلانا بتلك القمامة وكان ورائءا"الدكتور عاطف عبيد"، فقد كشف اللواء محمد لبن، رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة الأسبق، عن أن الدكتور عاطف عبيد، رئيس الوزراء السابق، (ضغط) علي المحافظين من أجل دخول شركات النظافة الأجنبية للعمل في مصر، وقال إن الدكتور عبدالرحيم شحاتة، محافظ القاهرة السابق، رفض وقتها بشدة دخول شركات النظافة أحياء العاصمة، مؤكداً أن العقود المبرمة بين الحكومة وشركات النظافة الأجنبية بها "ثغرات قانونية كثيرة" لصالح الشركات الأجنبية. وتابع لبن أن عقود شركات النظافة مستمرة لمدة 51 عاماً، وأن الشركات الأجنبية الثلاث "الإيطالية والفرنسية والإسبانية"، تحصل علي 180 مليون جنيه سنوياً. ولن أعلق الآن علي كم العمولات، التي حصل عليها البعض في هذه الصفقة، في الوقت الذي كانت الشركات المصرية أولي بهذه الملايين، التي تذهب إلي جيوب الإيطاليين والفرنسيين والأسبان.وهذه حكاية أخري. أكثر من سؤال ** يري البعض من المصريين الفقراء أن اهتمام القيادة السياسية والحكومة بأزمة النظافة يأتي الآن ، لأن جبال القمامة بدأت تزحف علي أحياء علية القوم في المهندسين وغيرها من الأحياء الراقية، وعلي المناطق السياحية التي أصبحت تشوه صورة مصر، فالقمامة في أحياء مصر الشعبية والفقيرة أصبحت معلما من معالمها، وعنصرا أساسيا من نهار وليل الناس فيها،منذ عشرات السنين،ولم يحرك أحد ساكنا،فلا هناك عربات تنقل أطنان القمامة التي تغرق فيها الشوارع، ولاتوجد صناديق للقمامة، يمكن للناس أن تلقي فيها مخلفاتهم. تنامي وارتفاع قامة أطنان القمامة في شوارع الجيزة،ومثلها أيضا القاهرة، وغيرها من محافظات مصر من الإسكندرية حتي أسوان، يجعلنا نتساءل: أين وزارة البيئة؟، وأين هيئة نظافة وتجميل القاهرة الكبري؟ وأين دور الأحياء المختلفة؟ ولماذا تعاقدنا أصلا مع شركات أجنبية؟ الإجابة سهلة وهي أن كل هذه الجهات مقصرة ومسئولة مسئولية مباشرة، وأننا لو أردنا الإنصاف،لابد أن نحاسب المسئولين عنها، ولكن الحساب في بلدنا أصبح للضعفاء فقط من الناس، إذا خالف المواطن البسيط جلدناه بسياط القانون التي لاترحم، أما إذا جاء الخطأ، وتمت الجر يمة بأيدي المسئولين الكبار،غيبنا القانون، بل وكرمنا من خان الأمانة، وأهدر أموال الشعب، وسمم أبدان الناس، وأحال حياتهم إلي كابوس من العفن والفساد، فساد ذمم الكبار من المسئولين الحاليين والسابقين، هو الذي صنع تلال القمامة والعفن، وهو الذي سيقضي علي كل شيء جميل علي أرض هذا الوطن، إلا إذا أفاق كل مسئول في مصر من غيبوبته وعادت إليه مصريته المفقودة. ** لا أعرف أين كان السيد اللواء محافظ الجيزة عندما أقام الحي -الذي يتبعه أعظم المزارات السياحية في العالم- وتحديدا في شارع ترعة السيسي والذي توجد به ثلاث مدارس ابتدائية وبعض المطاعم السياحية التي تقصدها اساطيل سيارات السياحة ،بؤرة لتجميع الزبالة في الميدان الرئيسي بالشارع الذي يضم مفارق الطرق المؤدية الي شارع الهرم وابو الهول والمريوطية، واصبح طبيعيا ان تري اتوبيسا سياحيا ممتلئا بالسواح وهم يدورون حول تل القمامة ومخلفات المباني ويقومون بتصويرها ،وقد تم لفت نظر رئيس الحي ومهندسوه الي هذه المأساة اكثر من مرة ورآها بأم عينيه، ولكن سيادة اللواء لم ير في ذلك اي مخالفة او مأساة او معرة تصب فوق رؤوس ساكني الحي وابنائهم ومستقبل السياحة في بلدهم أزمة "زبالة" ** أزمة" الزبالة" وأنا أفضل أن يكون هذا مسماها، لأنه يعبر تعبيرا دقيقا عن موقف حكومتنا منها،تلك الأزمة، التي لم تتحرك حكومة"د,نظيف" لحلها إلا بعد تدخل الرئيس فيها بعد أن اجتمع بوزيري البيئة والحكم المحلي في حضور رئيس الوزراء وطالبهم بسرعة الحل،تلك الأزمة تجعلنا نعود إلي نظرية الجباية التي برع فيها وأعاد إحياءها وزير الجباية الأشهر في مصر"يوسف بطرس غالي" الذي كان وراء فرض رسم نظافة علي فاتور الكهرباء،دون أن يقابلها تحرك إيجابي ليشعر الناس في مختلف بر مصر الخاضع لجباية حكومة "نظيف" بأنهم يعيشون في بيئة نظيفة. ورغم أن هذه الضريبة ،وليست الرسم،ثبت أنها غير قانونية أو دستورية إلا أننا مازلنا ندفعها ونحن صاغرين،هذه الضريبة وما تبعها من تلال القمامة، التي تحاصر حتي أعرق المناطق،باستثناء معسكرات الأغنياء في "كنتوناتهم الخاصة بهم"تدفعنا للترحم علي أيام " الزبالين" الذين كانوا يجمعونها من أمام الشقق والبيوت،ويخلصونا منها، أيامهم كانت التكلفة أقل، جنيهين أوثلاثة علي أكثر تقدير، أما الآن فتصل ضريبة النظافة علي فاتورة الكهرباء إلي 10أو15 جنيها، أي خمسة أضعاف مما كانت، في وقت أرتفعت فيه أسعار كل شيء إلا المواطن المصري. تلال القمامة التي تحاصرنا تستوجب أن نرفع الأكف بالدعاء إلي الله أن يرحم خنازيرنا التي كانت تأكل يوميا أطنان الزبالة،والتي راحت ضحية مؤامرة أصحاب مصانع التدوير وفوضي قرارات المسئولين في حكومتنا الرشيدة.