أن يهجر المخرج الكبير د. سمير سيف السينما او تهجره فيطلب اللجوء الي الدراما التليفزيونية وينجز للشاشة الصغيرة: "السندريلا"، "الدم والنار"، "نور الصباح" وفي رمضان الماضي "نسيم الروح" الذي اثار كبقية اعماله التليفزيونية جدلا وضجة في الوقت الذي تعجز فيه السينما المصرية عن استثمار موهبته ولغته وثقافته ورسالة الدكتوراة التي حصل عليها في "الاسس الجمالية والحرفية لاخراج افلام الحركة" فان الوضع يؤكد بجلاء ان "فيه حاجة غلط"! هل هجرت السينما أم هجرتك؟ - لم أهجرها ولم تهجرني، وكل ما في الامر انني توقفت عن الاخراج السينمائي لبعض الوقت املا في العثور علي العمل المناسب الذي ارضي عن تقديمه في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها السينما المصرية في الفترة الراهنة، بمعني انها تغير جلدها سواء من حيث الافكار والموضوعات التي تتناولها او الوجوه والابطال الذين تقدمهم، والذين استبدلتهم عن النجوم الذين تربعوا علي عرشها طويلا. وهل تضع شروطا للعودة؟ - ليست شروطا بهذه الصورة التي جاءت في سؤالك، وانما هي معايير وضعتها لنفسي من بينها ان تكون العودة بتأن وحذر، فالسينما الان لا تتقبل الموضوعات او القضايا ذات العيار الثقيل، والتي اعتدت تقديمها في افلامي من قبل، ونظرا لانني مدرك لكل هذه الجوانب فانني اعكف علي كتابة موضوع فيلمي الجديد مع واحد من جيل الشباب، تمهيدا للبدء في تصويره خلال الشهور القادمة، وكعادة افلامي سيكون "اكشن اجتماعي". وهل تري ان التغيير الذي طال السينما المصرية مؤخرا سيكون له انعكاسه علي "الاكشن" ايضا بمعني انك ستقدم "الاكشن" بشكل جديد؟ - "الاكشن" هو "الاكشن" لكنني سأراعي تقديم هذا الفن بحيث يبدو نابعا من بيئتنا المصرية وليس محاكاة للسينما الامريكية بمعني انني لن اقدم العنف بالشكل الذي تذخر به افلام الاكشن المصرية في الفترة الاخيرة، وان كنت لا انكر ان هناك افلام اكشن قدمت بشكل جيد للغاية لكنها قليلة. وهل تري ابنك "داني" الذي اتجه مؤخرا الي الاخراج ايضا امتدادا لك؟ - "مفيش حد امتداد لحد" لان الظروف التي تخلق الموهبة مختلفة كما ان وعي البشر وثقافاتهم والخلفيات التي تحركهم ايضا مختلفة وبالتالي فلابد ان يصبح لكل شخص فكره وذوقه بما يوجد له شخصية منفردة واسلوباً مستقلاً. ألم يكن لك دخل في اختيار مجال الاخراج بالتحديد ليسلكه في حياته؟ - علي الاطلاق، فهو الذي اختار ان يكون مخرجا سينمائيا وبدأ السلم من اوله عندما راح يتدرب معي وتدرج في كل صفوف العمل الاخراجي سواء في السينما او في التليفزيون خصوصا انه يتمتع بذوق وفكر مختلف بما يجعلني لا اتدخل في حياته ابدا. حديثنا عن الشاب "داني" يجرنا الي جيل الشباب، فما رأيك في الوجوه الجديدة والجيل الذي تربع علي عرش البطولات في الآونة الاخيرة؟ - طول عمرنا في السينما المصرية نتميز بتقديم ممثلين كويسين، والبنات منهم اكثر من الولاد، والكل يتمتع بقدرات هائلة وقوية من ناحية الحس والموهبة. اقتناعك بالممثلات الي هذه الدرجة لماذا لا يدفعك لاختيارهن كبطلات لافلامك؟ - لا انكر ان الممثلات اي الجنس اللطيف يقع عليهن ظلم كبير مقارنة بالفرص التي تتاح للممثلين الرجال، لكنني اتصور ان السبب في هذا يرجع الي المنتجين الذين يخشون المغامرة ولا يتحمسون كثيرا للدفع بهن في فرص واعدة كما يحدث مع الممثلين الشبان. عدم ثقة فيهن؟ - المسألة لا تكمن في الثقة فيهن او غيابها لكن تخضع لاعتبارات تجارية في المقام الاول حيث ان اسم الممثلة كبطلة لا يمثل عنصرا جاذبا للجمهور كاسم البطل. ومن المؤكد في حالة كهذه ان يلعب المنتج علي المضمون، الي ان يتغير الوضع ويصبح المنتجون مجبرين علي منح الفرصة للممثلات واظنهن جديرات بها. هل تري ان لنزوح الفنانات اللبنانيات وايضا السوريات وفنانات دول المغرب العربي دخل في تقلص فرص الفنانات المصريات؟ - مفيش فنان او فنانة عربي بياخد مكانة احد او دوره، وكثرة الكلام في هذه النقطة يعكس جهلا صارخا، وضيق افق لم نعتده في الماضي، فالفنانين العرب "طول عمرهم" محل حفاوة وترحيب في مصر والامثلة كثيرة علي هذا مثل: نور الهدي، صباح، نجاح سلام، وفريد الاطرش، وغيرهم، فما الذي جري ليصبح الحديث في هذا الامر هو شغلنا الشاغل؟ لكن البعض يري في المقابل ان الفنانين المصريين يتحولون الي عناصر مهمشة عندما يتم الاستعانة بهم في اعمال عربية؟ - العكس هو الصحيح، فالفنان المصري يذهب الي الدول العربية بطلا متوجا للاعمال الدرامية التي يطلب للعمل فيها، بينما الحاصل ان الفنان العربي مهما كانت شهرته في الخليج والدول العربية يتحسس خطاه في مصر، وغالبا ما يبدوأ بادوار هامشية او ثانية. بصراحة.. هل طلبت اللجوء الي التليفزيون هربا من عدم وجود اعمال سينمائية؟ - ما اود توضيحه انه لا يوجد فارق كبير بين ان تخرج للسينما او للتليفزيون مادمت حريصا علي تقديم العمل الجيد الذي يمتع الناس وما دمت اكثر حرصا علي تقديم اللغة الفنية التي تجعلك منحازا للابداع، لكنني في كل الاحوال رأيت انني استنفدت فرصتي في التليفزيون بعد ان اخذني عن السينما طويلا واعتبرت ان اخر تجربة لي مع التليفزيون كانت في مسلسل "نسيم الروح" وسأعود للسينما بدليل انني لن اقدم عملا تليفزيونيا في رمضان القادم وربما اعود للتليفزيون في رمضان بعد القادم من خلال مشروع من انتاج مدينة الانتاج الاعلامي. هل ندمت علي اخراج "السندريلات"؟ - ابدا، بدليل ان المسلسل حقق في عرضه الاخير نجاحا وتجاوبا اكبر بكثير من ذلك الذي حققه عند عرضه الاول، فقد اجتهدت كثيرا في هذا العمل وسعيت جاهدا لتقديمه في افضل صورة لكن المسلسل تعرض لحملة ظالمة لا اعرف سببها. حملة مدبرة في رأيك؟ - اكيد، واتصور ان هناك اطرافا كانت تقف وراءها. وانت تتأمل حال السينما عن بعد، كيف تراها؟ - من حيث كم الانتاج والمردود المالي المتمثل في الايرادات التي تحققها الافلام المصرية في الداخل، هي مؤشرات ايجابية بكل تأكيد لكنني لدي تحفظات علي طريقة التناول سواء من حيث التأليف او الاخراج.