يعيش نحو 26 مليون عربي ومسلم في دول الاتحاد الاوروبي ال 27 حالة من الخوف والفزع امام حملة ضخمة من الاتهامات التي تصبها عليهم صبا احزاب اليمين والجماعات المتطرفة التي تكره العرب والمسلمين.. ففي هولندا- مثلا- طالب عضو برلماني بحظر القرآن الكريم في البلاد واصفا اياه بانه كتاب فاشي يحض- من وجهة نظره- المؤمنين به علي القتل والاغتصاب. وفي هولندا ايضا طالب وزير التعليم بحظر النقاب الاسلامي مؤكدا انه لا يتلاءم مع المجتمع المعاصر و"المتقدم". وكانت هولندا- ولاتزال- تعيش حالة من الاستنفار بسبب عرض فيلم فتنة الذي يسيء الي الدين الاسلامي مما دفع امين عام الاممالمتحدة "بان كي مون" الي التنديد بالفيلم الذي يحرض علي الكراهية، وكانت ايران استدعت سفير هولندا في طهران للاحتجاج علي هذا الفيلم الذي اصر مخرجه ومنتجوه علي بثه علي شبكة الانترنت امعانا في ازدراء مشاعر المسلمين. وكانت مدينة كولونا الالمانية شهدت مؤتمرا تحت شعار "لا لأسلمة أوروبا" شاركت فيه منظمات يمينية متطرفة وحدث تراشق بالاتهامات وتلاسن بين افراد من هذه المنظمات وابناء الجالية الاسلامية في المانيا.. والاخطر ان الوجود الاسلامي في النرويج قد اصبح ورقة انتخابية واصبح شعار "لا لأسلمة النرويج" يقف في وجه شعار آخر يرفعه المسلمون البالغ عددهم نحو 150 الف شخص من اجمالي عدد السكان البالغ 5 ملايين وهو: لا لاضطهاد المسلمين.. وقد خرجت مظاهرات هناك تندد بالوجود الاسلامي وقامت بحرق "الحجاب" في ميدان عام في العاصمة اوسلو. وأدانت احزاب اليمين مطالب المسلمين الخاصة بأن يتضمن طعام السجناء اللحم الحلال "المذبوح علي الطريقة الاسلامية" وفصل البنات عن البنين في المدارس الثانوية وفي حصص التربية الرياضية، وهاج البعض هناك وماجوا رافضين اسلمة النرويج مشددين علي المحافظة علي خصوصية الشعب النرويجي في اشارة الي ان من لا يريد الاندماج واعتناق قيم وعادات النرويج فعليه ان يحمل عصاه علي كتفه ويرحل من البلاد. العجيب والغريب ان العالم الاسلامي لا يأبه لهذه القضية الصعبة التي يعيشها المسلمون في الغرب ويترك نفسه فريسة لقضايا لا تخصه وينشغل بالهولوكست والمحرقة وينسي ان هناك من القضايا الخاصة به ما تستحق ان يغرق فيها حتي اذنيه. أوجاع في النظام الدولي طردت بروكسل اثنين من الدبلوماسيين الروس من اراضيها بتهمة التجسس علي ملف الناتو وتوعدت موسكو بالرد المؤلم علي ذلك.. وفي ظني ان مسألة التجسس التي تتذرع بها اوروبا لا تقوم علي اساس صحيح خصوصا ان التقنيات الحديثة قد نالت كثيرا من مسألة التجسس فالمعلومات متوافرة في كل مكان ولم يعد صعبا الحصول عليها.. حتي المعلومات العسكرية.. وكلنا يعرف ان ثورة الانترنت قد احدثت زلزالا في هذا الاتجاه.. وبالتالي فالحديث عن "تجسس" كما هو الحال اليوم بين الناتو- واوروبا من ناحية، وروسيا من ناحية اخري يعكس واقعا اخر- وهذا هو الاهم- وهو ان العلاقات بين امريكا واوروبا اولا، ثم روسيا ثانيا ليست في صورة جيدة.. وكلنا يذكر حرب روسيا علي جورجيا بل والقلاقل التي تثور- كالبركان.. حتي اليوم في جورجيا كانت في جانب فيها ردا روسيا علي محاولات جورجيا والدول المجاورة الانضمام الي حلف الناتو، وهو ما يعني- في نظر روسيا- تهديدا لامنها بل اختراق حقيقي للامن القومي الروسي. يضاف الي ذلك ان روسيا لم تغفر بعد لنفسها السماح باختفاء "حلف وارسو" الذي تأسس ليكون ردا دفاعيا علي "حلف الناتو".. وانها لاتزال تشعر بالحنين يجرفها باتجاه النفوذ والسيطرة علي القرار الدولي الذي كانت شريكا فاعلا فيه وقت الحرب الباردة، ثم تقلص هذا النفوذ واختفي لاحقا عندما انهارت منظومة الثنائية القطبية التي سيطرت علي النظام الدولي ردحا من الزمن. بكلمة اخري ان النظام الدولي الحالي والذي تتبوأ فيه امريكا- وحدها- "المكانة- الرأس" تشعر روسيا بكثير من المهانة في كنفه، ولذلك تحاول بين وقت واخر ان تقول "لا" علي طريقتها.. مرة باختلاق متاعب سياسية من نوع ما في هذا البلد او ذاك.. ومرة بالاعتراض واستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الامن.. ومرة بالمجاهرة بمساندة الدول التي تعتبرها امريكا واوروبا دولا مارقة.. اذن هناك حالة قلق في النظام الدولي الحالي- واحسب ان روسيا ستظل مصدرا لهذه القلاقل طالما لم تجد استجابة او مرونة من الجانب الاخر.. بكلمة اخيرة: ان الجاسوسية المزعومة ليست الا غطاء يستر خلافات عميقة ومتجذرة بين القوتين العظميين امريكا وروسيا. تقارير الاتهام الأمريكية! عجب ان امريكا- وهي الدولة الارهابية الاولي في العالم- بحسب تعبير المفكر الامريكي ناعوم تشوميسكي تصدر سنويا تقريرا توجه فيه الاتهامات للدول.. هذه دولة ارهابية والاخري دولة تنتهك حقوق الانسان والثالثة دولة مستبدة والرابعة دولة تسوم مواطنيها العذاب الوانا. مناقول ذلك بمناسبة صدور هذا التقرير السنوي الذي تخص فيه امريكا، جمهورية مصر العربية ببضع صفحات مليئة بافتراءات واكاذيب.. والغريب ان امريكا التي تورطت في احداث 11 سبتمبر باعتبارها كما يقول الكاتب الفرنسي تيري ميسان في كتابه الشهير "الخديعة الكبري" هي التي تقف وراء فبركة احداث 11 سبتمبر وقتلت من مواطنيها ما يزيد علي ثلاثة الاف شخص.. ثم هي التي سمحت بانتهاك حقوق المواطن العراقي في سجن ابوغريب.. وهي ذاتها التي كانت تلقي القبض علي الابرياء من كل البلدان وتلقي بهم في غياهب سجن جوانتانامو وتنزل عليهم العقاب بجميع اشكاله.. تنصب نفسها اليوم بين الناس والدول "حكما" وتستخدم تقريرها المشار اليه "سوطا" تلهب به ظهور الدول التي لا ترضي عنها امريكا.. وبغض النظر عن ان هذه الدول قد ارتكبت جرائم ام لا، فأمريكا تمارس عيانا جهارا هذا الارهاب ضد الدول في هذه القارة او تلك. ما يؤسف له هو ان الدول التي تضعها امريكا- سنويا- وراء القضبان، تستسلم لهذه الحال- وتظل وكأنها في حالة انتظار "استاند باي" تخشي ان تورد امريكا اسمها في قوائمها السوداء.. وكان الاجدر ان تتحد هذه الدول مع بعضها البعض لترد علي امريكا مزاعمها وتفند اتهاماتها الباطلة.. واخص- هنا- بالذكر مصر والدول العربية مثل السعودية التي لم يعد مقبولا ان تسيء اليهما امريكا باسم حقوق الانسان.. هذه الحقوق التي لم تنتهكها دولة في العالم مثلما تفعل امريكا ذاتها، وجرائم الاحتلال الامريكي في العراق ستظل شاخصة في ضمير العالم ولا يمكن نسيانها او تجاهلها. يتعين علي جامعة الدول العربية ان تسعي الي كتابة تقرير حول احوال المواطن في العالم وتركز في الوقت ذاته علي الاحوال داخل امريكا وخارجها خصوصا داخل الدول التي تسمح امريكا لنفسها بان تعبث باستقلالها وافرادها ومؤسساتها.. ان اتهاما موثقا ضد امريكا في هذا الشأن سوف يدفعها الي مراجعة الذات والكف عن العبث بحاضر ومستقبل دول العالم.