الذي يحدث علي الساحة الفلسطينية يدعو إلي التأمل والتعجب فآخر الأنباء هذا الأسبوع تشير إلي قيام الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر برعاية مفاوضات غير مباشرة بالطبع بين إسرائيل وحركة حماس بهدف إنساني كعادة الأهداف التي يعمل من أجلها الرئيس الأمريكي الأسبق منذ خروجه من البيت الأبيض بعد 8 سنوات حقق خلالها المعاهدة المصرية الإسرائيلية واتفاقيات كامب ديفيد كأول اختراق كبير في مسار تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. الرئيس كارتر يعمل علي صياغة صفقة مبادلة بين الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير لدي حركة حماس جلعاد شليط مقابل الإفراج عن 400 أسير فلسطيني، ولذلك التقي بقادة حماس في دمشق وفي القاهرة بعد أن رفضت إسرائيل السماح له بزيارة غزة فاقتصر علي زيارة مدينة رام الله في الضفة الغربية حيث وضع إكليلا من الزهور علي قبر الرئيس الراحل ياسر عرفات ترحما عليه، وربما علي عملية السلام برمتها. وفي إسرائيل لم يأخذ أحد مهمة كارتر بالجدية الكبيرة إذ لم يقابل أحدا من أركان الحكومة واكتفي رئيس الدولة شيمون بيريز بلقاء ودي معه داعما جهوده الإنسانية للإفراج عن شاليط. أما الصحف الإسرائيلية فقد هاجمت كارتر نظرا لأنه أصدر كتابا كشف فيه معاناة الفلسطينيين وكيف تحولوا لضحية العصر الحديث في الفصل العنصري والتهام أراضيهم وقتل أبنائهم المدنيين والعزل علي يد الجيش. ولكن كارتر لم يهتم كرئيس سابق بالانتقادات التي وجهت له في إسرائيل وعاد ليهاجم الحكومة الإسرائيلية ويقول إن قتل المدنيين سواء الفلسطينيين أو الإسرائيليين هو إرهاب. بوش في إسرائيل وإذا كان كارترقد أصبح حرا من أي قيود ويتحرك بحرية سواء بوازع خلفيته الدينية الإيمانية فإن الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش وهو أيضا يتمتع بإيمان قوي لدرجة أنه أكد أن حروبه قد تمت بإلهام ديني، فهو يتخذ موقفا مختلفا عن مواقف وسياسات الرئيس كارتر صاحب أكبر الإنجازات علي صعيد الصراع العربي الإسرائيلي. وصحيح أن بوش أعلن دعمه لإقامة دولة فلسطينية بنهاية هذا العام إلا أن هذا الوعد لم يتحول أبدا إلي خطة عمل وضغط علي إسرائيل واكتفي عمليا بعقد مؤتمر أنابوليس للسلام الذي عقد في نوفمبر الماضي وإيفاد وزيرة خارجيته كونداليزا رايس إلي الشرق الأوسط في زيارات أصبحت شهرية تقريبا في محاولة مستمرة للتنسيق مع القادة العرب وحكومة إسرائيل فيما يتعلق بالتعامل مع عدة ملفات وهي: والسيطرة علي الوضع علي صعيد المسار الإسرائيلي الفلسطيني، وعدم السماح بإفشال مسار التسوية دون التدخل في مسار المفاوضات. متابعة تطورات الأزمة اللبنانية في ظل تحول لبنان إلي ساحة للمواجهات الإقليمية في سوريا وإيران من ناحية ومصر والسعودية ودول عربية معتدلة تؤيدها الولاياتالمتحدة وفرنسا من جهة أخري. اكتساب الدعم العربي للموقف في العراق ودعوة الدول العربية كما حدث بالفعل في مؤتمر دول جوار العراق في الكويت حيث دعت الدول العربية لإرسال سفراء إلي العراق. الحفاظ علي إمدادات النفط والسيطرة علي أسعاره وهو ما تمثل جليا خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني للمملكة العربية السعودية ودول عربية خليجية حيث أدت الزيارة إلي خفض سريع لأسعار النفط قبل أن تعود الأسعار للارتفاع مرة جديدة وهو ما سوف يستدعي تحركا أمريكيا جديدا. ومع نهاية الفترة الثانية للرئيس بوش فقد تلاشي برنامجه للضغط علي الدول العربية من أجل الإصلاح الديمقراطي وعاد إلي اتباع السياسة الأمريكية التقليدية في الحفاظ علي المصالح الأمريكية أولا حتي لو أدي الأمر إلي التعاون مع دول تنتهك الحريات وحقوق الإنسانية. في شرم الشيخ وفي منتصف الشهر القادم سيصل بوش إلي الشرق الأوسط ليحضر قمة خماسية في شرم الشيخ يجري الترتيب لها بحضور قادة مصر وإيران والسلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في محاولة لدفع عملية السلاح والتوقيع في احتفال كبير علي إعلانه مبادئ أو اتفاق إطار بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في حالة تمكن الطرفان من إنجاز هذا الاتفاق. وسيكون هذا الإعلان بمثابة تغطية كبيرة علي المهلة الأكبر لبوش في إسرائيل التي سيذهب إليها للاحتفال بالذكري السنوية لقيامها حيث ستقام له الاحتفالات باعتباره أكبر رئيس قام بدعم إسرائيل في تاريخ علاقات البلدين، ورغم أن كارتر ساعد إسرائيل في جعل أكبر دولة عربية وهي مصر تعترف بها فإنه لم يلق إلا التجاهل وبين كارتر وبوش فإن مياها كثيرة جرت في بحور الشرق الأوسط والمحصلة أن إسرائيل تحتفل بعيدها السنوي والفلسطينيون منقسمون بين حماس وعباس ويبحثون عن حل كان في أياديهم عام 1948 حتي عام 1967 وهم يحاربون من أجل معركة العودة بالزمن ستون أوأربعون عاما إلي الوراء وهي حرب مستحيلة.