بعدما أكد الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر أنه لا سلام بدون الاعتراف الاسرائيلى الأمريكى بحماس، وأن هناك فرصة تاريخية أمام الرئيس الأمريكى باراك أوباما لينهى الصراع العربى الإسرائيلى إلى الأبد، يضع اليوم فى الحلقة الأخيرة من كتابه، 6 خطوات عملية أمام الرئيس أوباما ليحقق بها السلام قبل حلول شهر سبتمبر المقبل. استبعاد حماس وأسر شاليط فى طريق عودتى إلى أتلانتا، قررت أن أحضر اجتماع الفريق الرباعى الدولى المنعقد فى لندن، فرجعت إلى دارى ليلة واحدة ثم استأنفت السفر إلى لندن حيث ينعقد هذا الاجتماع بين ممثلى الأممالمتحدة، والولاياتالمتحدة، والوحدة الأوروبية وروسيا. وجلس الجمع يستمعون إلى فى أدب بينما رحت أشرح لهم ما رأيت من سير الانتخابات الفلسطينية وطالبتهم بإيجاد وسيلة لاحترام نتائج هذه الانتخابات والسماح لأعضاء البرلمان المنتخبين بالسفر فى حرية، وإقناع سائر الدول العربية بقبول أى فرصة مستقبلة لاتفاق على السلام بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى وقبول قرار 242 والسماح للفلسطينيين بالتمتع بكامل حقوقهم الإنسانية فى أراضيهم وتوفير الاعتمادات الكافية للحكومة الفلسطينية لكى تمارس سلطتها، ثم حضرت مؤتمرا صحفيا فى نهاية الاجتماع، ولاحظت أن كل النقاط التى أثرتها أمام الاجتماع لم تذكر على الإطلاق، بل إن حماس، بقيت مستبعدة تماما وأنه لا أمل فى تشكيل حكومة فلسطينية موحدة. ويسجل الرئيس كارتر كل التطورات التى حدثت بعد ذلك بموضوعية كاملة، ومنها تسلل بعض المناضلين عبر نفق حفروه تحت الجدار المحيط بغزة وبعد معركة قصيرة بالأسلحة الخفيفة قتل فيها جنديان إسرائيليان وثلاثة فلسطينيين، واعتقل شاويش (أصبحت قصته قضية مستمرة حتى يومنا هذا) اسمه جلعاد شاليط، وما زالت قضيته معلقة على الرغم من الوساطة المصرية. حزب الله ولكن الحدث الأكبر هو المعركة التى نشبت بين حزب الله الذى يؤيد النضال الفلسطينى والقوات الإسرائيلية واستمرت أكثر من ثلاثة وثلاثين يوما، ويقول كارتر إنه على الرغم من أن أعداد الضحايا نسبيا من الجانبين كانت تشير إلى تفوق إسرائيل عسكريا، فقد احتفلت قوات حزب الله بأنها هزمت إسرائيل واضطرت إسرائيل لعقد تحقيقات لتحديد مسئولية ذلك بين القيادات العسكرية، كما وصف كارتر بالتفصيل الأحداث التى أدت فى النهاية إلى الصورة القائمة بين حماس والسلطة الفلسطينية، واستمرار إسرائيل فى غاراتها الليلية على الضفة الغربية، بلغ عدد ضحاياها من الفلسطينيين 1787قتيلا، بينما لم تخسر إسرائيل سوى 41 من المستوطنين، وما تلا ذلك من تشكيل لجنة سميت ب«الراشدين» جمعت كوفى أنا ونيلسون مانديللا والقس ديزمونه توتو ومحمود يونس (رئيس ومؤسس بنك جرامين) والأخضر الإبراهيمى وعشرات آخرين من الهند والبرازيل ودول أخرى. ووصل كارتر كغيره من المراقبين إلى أن إسرائيل كانت ترفض فى كل خطوة أن تجمد المستوطنات بل إن عدد نقاط التفتيش على الطرق زادت، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على أهالى غزة ازدادت حدة حتى أثناء زيارة الرئيس بوش إلى المنطقة فى شهر يناير من سنة 2008، ومحاولته إقناع الجانب الإسرائيلى بأن الثقوب الواسعة فيما سماه ب«قطعة الجبن الرومى» لن تؤدى إلى قيام دولة فلسطينية كاملة. وأدلى ببعض التصريحات التى رأى كارتر أنها حميدة مثل قوله إنه يثق فى أن الخالق موجود، وأن وعده هو أن يعيش كل رجل وامرأة وطفل فى العالم فى حرية، غير أنه لم يكن من إسرائيل سوى التهكم وقولها «ان كل ما خرجنا به من زيارة بوش هو الكلام المعسول، وأن أى فرد كان يتوقع أكثر من ذلك يخيب أمله! قناعة بوش تتغير ولم يتردد كارتر فى توجيه اللوم إلى الولاياتالمتحدة، إذ قال فى أكثر من موضع إن الرأى العام فى العالم العربى يرى أن الولاياتالمتحدة أكثر خطرا على بلادهم من إيران، وأن حل المشكلة الفلسطينية سيصلح من أحوال مواطنيهم للغاية. وفى نهاية عهد الرئيس بوش والكلام هنا لكارتر فقد غير بوش من لهجة خطابه السياسى «من عبارة إننى أعتقد أن اتفاقية سلام سوف توقع قبل نهاية فترة حكمه» إلى عبارة «إنه يعتقد أن هناك أملا فى تحديد هوية الفلسطينيين مع نهاية هذا العام! ويصل كارتر فى النهاية إلى أن الحاجة إلى تقدير مستقل للأمور ومدى فرص تحقيق السلام أصبحت ضرورية أكثر من أى وقت مضى. غزة 2008 ولا يكف كارتر عن توجيه النقد إلى كل من أمريكا وإسرائيل لسوء الأحوال المعيشية للفلسطينيين فى الضفة والقطاع، وأغلقت إسرائيل كل المعابر إلى غزة فى 17يناير سنة 2008، وقطعت بذلك كل وسيلة لوصول الغذاء والمواد الإنسانية الأساسية وما يحتاجه مليون ونصف المليون مواطن من زاد وطعام، بل إنها قطعت عنهم الكهرباء فحرمتهم من النور والدفء والتخلص من الزبالة. وقامت نساء غزة بإضرابات يطالبن بحق الوصول إلى الدواء والعلاج وبقيت غزة معزولة تماما لمدة سبعة أشهر منذ تولى حماس السلطة. بينما سجل للأمم المتحدة تأكيدها أن ما يفعلونه فى شعب غزة يزيدهم تصميما على النضال. وتعجب كارتر من تصميم إسرائيل على عدم الاعتراف بنتائج سياستها ونقل عن دانييل جافرون وهو صهيونى متعصب ما نشره فى صحيفة نيويورك تايمز إذ قال إننا أشبه باللاعب الذى يفوز بكأس العالم «نسبة إلى اعتراف الدول العربية بسيطرة إسرائيل على 77٪ من أراضى فلسطين»، ومع ذلك فإن هذا اللاعب يقول: لا.. لا إننا لم نفز بل إننا خسرنا. إن هذا النصر ليس سوى سراب، وأنه أضاف أنه لكى يتحقق حلم قيام دولتين متجاورتين ينبغى لنا أن ننسحب بالكامل من الضفة الغربية، وأنه لكى ينجح المشروع الصهيونى، فلا ينبغى أن نقتفى السياسة التى نتبعها الآن. وقال كارتر إنه حتى عندما جاء الملك عبدالله ملك الأردن إلى اجتماع مشترك للكويز قال فيه إن منبع كل أصوات السخط، والإحباط فى الشرق الأوسط هو حرمان الفلسطينيين مما يستحقونه من العدل والسلام، فإن هذا الجزء من خطابه لم ينشر منه حرف واحد فى أى من الصحف الأمريكية. ويضرب كارتر عشرات الأمثلة التى تغيب تماما عن أى مواطن أمريكى بسبب الرقابة الذاتية التى تفرضها هذه الصحف على كل ما ينشر عن إسرائيل، فقال إنها بنت طريقا حيويا يقع نصفه فى الضفة الغربية برقم 443، وكان القصد منه تسهيل المواصلات على الفلسطينيين فى أرضهم، طوله تسعة عشر ميلا، ثم تحول بقدرة قادر إلى أن يخدم الإسرائيليين وحدهم، ومنع الفلسطينيون من اسخدامه على الإطلاق. وروى عدة حالات من التعسف الإسرائيلى الذى يمنع المرضى الذين يصابون بأزمة قلبية من استخدام الطريق للوصول إلى المستشفيات فى رام الله على الرغم من أن لديهم تصاريح بذلك. ويلمس كارتر عدة نقاط حساسة لا يجرؤ غيره على لمسها، على الرغم من أنها من المسلمات الطبيعية مثلما قال إن كلا من زبجنيو بريزنسكى وبرينت سكوكروفت والنائب لى هاميلتون رئيس معهد وودرو ويلسون كتبوا معا إلى الرئيس بوش ينصحونه بأن إجراء حوار حقيقى مع منظمة حماس أفضل مائة مرة من محاولة عزلها، بل إن بعض قادة المخابرات الإسرائيلية، وهم آمى آيالون رئيس الشين بيت، وأفرايم هاليفى رئيس الموساد وشلون جازيت رئيس المخابرات العسكرية أعلنوا تأييدهم لمحادثات مباشرة مع حماس دون جدوى، على الرغم من أن استطلاعات الرأى قالت إن 64٪ من الإسرائيليين يحبذون الحوار المباشر مع حماس، بما فى ذلك 48 منهم ينتمون إلى حزب الليكود المتشدد. وربما كان كارتر من القلة النادرة من الأمريكيين الذين ليس فقط زاروا غزة والضفة الغربية وأبدوا مشاعر العطف والحنو على أحوال الفلسطينيين فيها، ويصف وقلبه يكاد ينفطر الأحوال المعيشية فى غزة التى كان تعدادها 80 ألف نسمة، ثم زاد عليهم 200 ألف آخرون من اللاجئين يعيشون فى ثمانية مخيمات يعتمد 80٪ منهم فى قوتهم على المعونات، وتصل نسبة البطالة بينهم إلى 40٪، وتتعطل 95% من وسائل معيشتهم الصناعية والانتاجية وبالرغم من أن قادة حماس أعلنوا استعدادهم للاتفاق على وقف إطلاق النار فى الضفة وغزة وتبادل الأسرى، فإن أعضاء لجنة الراشدين وصلوا إلى قناعة بأن أى اتفاق كهذا سوف يقوى من ساعد حماس ويضعف من هيبة السلطة فى القدس، الأمر الذى تعارضه إسرائيل والولاياتالمتحدة على طول الخط، وينبغى أن يعامل بمنتهى الحرص. وهناك نقاط يلمسها كل من يتعامل مع إسرائيل، حتى ولو كان رئيسا سابقا للولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال يذكر الرئيس كارتر أنه عندما ذهب إلى زيارة إسرائيل وبصحبته زوجته روزالين وابنه، قال كارتر إنه لم يرغب فى إحراج إيهود أولمرت رئيس الوزراء، ذلك أنه فى دولة ديمقراطية مثل إسرائيل فإنك تستطيع أن تسمع تحاليل عدد كبير من المواطنين العاديين الذين يمكن أن تستمع إلى آرائهم وتحليلاتهم لموقف وسياسات الحكومة، من هنا فلم يطلب مقابلة أولمرت. ولكنه عندما زار شيمون بيريز، هو وزوجته وابنه، وكانت مقابلة ودية للغاية، ذكر أحد مساعدى بيريز أن المقابلة كانت خشنة تخللتها عدة مواجهات وأن الجانب الإسرائيلى أدان كارتر بسبب خط سير رحلته، التى شملت الضفة الغربية ومصر وسوريا والمملكة السعودية والأردن، وأنه حرص على أن يقابل قادة حركة حماس إما فى القاهرة أو دمشق حتى لا يتهم بأنه زار غزة، أى أن قادة إسرائيل على أعلى المستويات لم يتورعوا عن تلفيق محضر مقابلته مع بيريز حتى يبدو أن إسرائيل لم تعبأ بمكانة الرئيس كارتر أو ما يتمتع به من احترام فى أنحاء العالم كله وإنها عاملته بخشونة مجردة من الاحترام. كذلك فإنه فى اليوم التالى استمع كارتر إلى تحليل لآراء الرأى العام فى إسرائيل قام به عدد من المحللين الإسرائيليين أكدوا له أن المواطنين الإسرائيليين مرتاحون تماما للوضع كما هو عليه، وأنهم لا يعبئون بل لا يثقون فى أى فريق يدعو إلى التفاوض من أى جانب، كما أكدوا له أيضا اهتمام الإسرائيليين بتركيز الجانب الفلسطينى على حق العودة منهم بأى شىء آخر مثل تأثير استمرار التوسع فى بناء المستوطنات، وأنه لا يهمهم مطلقا المعاناة والضنك الذى يلاقيه الشعب الفلسطينى. كما سجل كارتر أن الحدث الذى هزه عاطفيا للغاية هو مقابلته عددا من الشباب الفلسطينى، وهم يصفون حياتهم والعناء الذى عانوه هم وعائلاتهم، وإصرارهم على العيش على وجه أكرم، الأمر الذى كاد يبكيه هو وزوجته وابنه، وروايات الكثيرين من هؤلاء الشباب كيف يمنعون من السفر لاستكمال تعليمهم فى الخارج، الأمر الذى إذا فعلوه فقدوا جنسيتهم ومواطنتهم، وحق العيش فى بلادهم، بل إن عددا منهم تحدث عن احتمال قيام انتفاضة ثالثة. معجب ب«سليمان» وقبيل نهاية هذا الفصل، روى كارتر باقتضاب دور مصر وجهودها فى سبيل تخفيف الضغط على الفلسطينيين وأثنى بصفة خاصة على دور اللواء عمر سليمان مدير المخابرات، وكيف أجاب عن كل أسئلته وهو وزوجته روزالين بلا أى تحفظ أو تردد، كما أنه طلب من الرئيس مبارك أن يدعو قادة حركة حماس لمقابلته فى القاهرة، بدلا من السفر بالسيارة إلى غزة، الأمر الذى كان سيضيع من وقته يومين كاملين، وأن الرئيس مبارك حقق له ذلك، فاستطاع أن يقابل محمود الزهار وسعيد صيام وأحمد يوسف وأنه اجتمع بهم لأكثر من ثلاث ساعات. وختم الرئيس كارتر كتابه بفصلين، أحدهما عما إذا كان فى استطاعة حماس أن تلعب دورا بناء فى مسيرة السلام كلها، وكان كارتر بالغ الثناء على حماس، وقال إنهم حصلوا فى آخر انتخابات مفتوحة على 43 فى المائة من مجموع الأصوات فى يناير 2006، وقال له إن هذا الفريق أى حماس عارض التسوية المبنية على التفاوض، فإنه لا أمل فى السلام، وبالمقابل فإنه إذا سمحت حماس لمسيرة السلام أن تتقدم ووعدت بأننا سنقف على الحياد بالنسبة لأى تسوية بل اتخذت موقفا بناء، فسوف يحكم عليهم الفلسطينيون بما يعطيهم حقهم، وأنه إذا ما توصلت حماس إلى وقف إطلاق النار مع إسرائيل، فسوف يكون لذلك آثار إيجابية عميقة فى تخفيف التوتر، وحقن الدماء ثم روى كارتر للقارئ الأمريكى بصفة خاصة تاريخ حركة حماس بموضوعية وتجرد ولكنه عبر عن أسفه من أن كل أعضاء حماس الذين فازوا بمقاعدهم فى الانتخابات البرلمانية منذ 2006 وعددهم 51 عضوا يقبعون فى سجون إسرائيل، كما ذكر أن حماس رفضت فى فبراير 2006 عقد هدنة مع إسرائيل مقابل أن تنسحب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية التى تحتلها وإقامة الدولة الفلسطينية، واستطرد كارتر باستفاضة عن أهمية دور حماس وأنه يتفهم لماذا تتردد إسرائيل وبعض الحكومات الأخرى فى عدم الموافقة على إشراك حماس، وذلك طبقا لرأيه لأن حماس ترفض الاعتراف بوجود إسرائيل، ولكنه فى الوقت نفسه، قال إنه إذا لم تقبل حماس النقاط التى عددها فإن السلام يصبح مستحيلا. وأكد فى الوقت نفسه أن سياسة عزلة حماس والضغط عليها فشلت وأن كل الاستطلاعات فى شتى أنحاء فلسطين تدل على شعبيتها وأنها فى النهاية تقبل أى اتفاق تصل إليه منظمة التحرير بشرط أن يقبلها الشعب الفلسطينى كله فى استفتاء ديمقراطى، إلا أن قادة حماس اعترفوا لهم بأنهم يعترفون بمحمود عباس رئيسا لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وأنه بهذه الصفة يتحدث باسم الشعب الفلسطينى بأكمله، وختم كارتر هذا الفصل بقوله إنه حاول إقناع قادة حماس بالمقاومة السلمية على غرار ما فعله مارتن لوثر كنج فى أمريكا وغاندى فى الهند، ولكنهم أعربوا عن شكهم فى أن تستجيب إسرائيل لمثل هذه السياسة بدليل أن إسرائيل لم تستجب إلى ذلك فى بداية أيام الانتفاضة عندما جربوا هذا الطريق. مربط الفرس وفى النهاية لمس كارتر نقطة تعد فى رأيه مربط الفرس فى العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين وهى ضرورة انسحاب كل قوات الأمن الاسرائيلية من أرضهم وأنهم يعتقدون أن إسرائيل لا تسمح بأى وضع يمنع أى اعتداء إسرائيلى على الدولة الفلسطينية، ويعتقد كارتر أن ذلك يمكن أن يتحقق إذا ما سمح بوضع قوات دولية تؤيدها الولاياتالمتحدة فى تشكيلها وأهدافها، الأمر الذى يحتاجه الفلسطينيون فى كل من غزة والضفة الغربية وبشرط أن تتمتع هذه القوات الدولية بحق منع أى اعتداء أو أعمال عنف سواء ضد إسرائيل أو المواطنين الإسرائيليين ولا تتدخل فى حياة الفلسطينيين وحبذا لو حظيت هذه القوة الدولية بتأييد من الدول العربية ومنظمة ناتو والأممالمتحدة. وعبر كارتر عن الأسى والإحباط بسبب تزايد أعمال العنف بين الفلسطينيين وبعضهم البعض، واستمرار الاعتقال بلا محاكمة، ومعاملة المعتقلين معاملة غير إنسانية، وتساءل كارتر عما إذا كان من الأفضل أن يطالب الفلسطينيون بالعيش فى دولة موحدة بدلا من الاستمرار فى النضال المحبط من أجل إقامة دولة مستقلة وقال إن ذلك كان يعتمد على استجابة الإسرائيليين ويؤكد كارتر عدة مرات فى كل فرصة له فى الكتاب على عرض الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية، لإقرار السلام فى المنطقة بأسرها، واستعدادها للاعتراف بإسرائيل إذا ما استجابت إسرائيل لقرارات الاممالمتحدة 242 و194 وأن ذلك كله يعتمد على أن تلعب الولاياتالمتحدة دورا إيجابيا وتنخرط فى إيجاد الحل. خطة السلام ومع ذلك كله ومع شجاعة كارتر المنقطعة النظير فإنه كأى سياسى فى الولاياتالمتحدة حتى ولو كان رئيسا للجمهورية سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل فإنه يختتم كتابه كله بوصف الإطار الذى يمكن أن يحقق السلام، ويقول: إنه يجب أن يتضمن الآتى: 1 إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح وأن تستبدل القوات الإسرائيلية بقوات دولية يقبل بها الجانبان لتضمن عدم اعتداء أى جانب على الآخر، وعدم التسلح مرة أخرى وتسمح بحرية الحركة داخل الوطن. 2 يجب أن تتم بعض التعديلات وتبادل الأراضى والعودة إلى حدود 1976 مع السماح لبعض الإسرائيليين بالاحتفاظ ببيوتهم حول القدس وسحب كل المستوطنين من الضفة الغربية. 3 لابد من المشاركة فى القدس التى تصبح عاصمة الدولتين وأن يتمتع اليهود والمسلمون بأماكنهم المقدسة والمشاركة فى حكم بقية أنحاء المدينة القديمة العتيقة (كما يسميها الفلسطينيون). 4 حق الفلسطينيين فى العودة إلى الضفة الغربيةوغزة وتعويض كل من له حق فى إسرائيل. 5 الالتزام القوى بضرورة الوفاق على أن تتم الوحدة بين الضفة الغربية وأن يعترف الجانبان الفلسطينى والإسرائيلى بحق كل جانب فى العيش فى سلام كل منهما إلى جانب الآخر. 6 أن يتحدد أجل تحقيق هذه الأهداف كلها وتحديد الصعاب الباقية فى موعد لا يتجاوز سبتمبر من هذا العام 2009. وفى النهاية يقول الرئيس جيمى كارتر: وكما ذكرت فى كتابى بعنوان «دماء إبراهيم» الذى حباه الله بأن يكون أبا لكل الشعب المختار سواء من العرب أو اليهود أو المسيحيين وأن كثيرا من دمائهم جميعا أريقت فى سبيل تحرير من لهم الحق فى ميراث هذه الأراضى المقدسة ومازالت هذه الدماء كلها تبتهل إلى الله من أجل أن يهبهم السلام. ولقد حان الوقت لأن نستبدل هذه المعاناة بالفرح والسعادة والبهجة!