اذا كانت المقدمات تقود الي النتائج فإن البيان الختامي للقمة العربية العشرين التي اختتمت أعمالها في دمشق أمس بغياب 11 رئيسا وزعيما عربيا جاء منسجما تماما مع الحضور المتدني للزعماء العرب والذي يعكس استسلاما للضغوط الخارجية السافرة التي سعت الي عرقلة التئام القمة او افشالها في الحد الأدني. واذا كان معيار النجاح والفشل يقاس بحجم القرارات القابلة للتنفيذ والقادرة علي إحياء التضامن العربي الذي كان فإن قمة دمشق تحولت الي استثناء من هذه القاعدة حيث تمحورت كل قضاياها حول من حضر ومن غاب وهو ما يحقق أهداف أعداء الأمة بعدما انشغل القادة العرب بتبادل الاتهامات والتصريحات النارية متناسين حجم المؤامرات التي تستهدف ضرب وحدة الأمة. المهم ان البيان الهزيل الذي تمخضت عنه القمة لم يتضمن أي جديد وجاء اقرب إلي إعادة صياغة للعديد من البيانات التي دبجتها القمم السابقة دون ان نجد لها أي اثر علي أرض الواقع. وقد اعتبرت سوريا ان غياب زعماء ابرز الدول القريبة من الولاياتالمتحدة عن قمة دمشق يشكل رضوخا لإملاءات واشنطن ولن يؤثر في نجاح القمة، في حين يتخوف محللون من تعميق الشرخ العربي. فبعد اعلان السعودية ومصر عدم المشاركة علي مستوي الرؤساء وخفض مستوي تمثيلهما في القمة علي خلفية التوتر مع سوريا حول الازمة في لبنان، اعلن الاردن المتحالف بدوره مع واشنطن، عدم مشاركة ملكه عبدالله الثاني في القمة. وقال وزير الاعلام والاتصال الاردني ناصر جودة ان مندوب المملكة لدي الجامعة العربية عمر الرفاعي سيترأس وفد بلاده، فيما كان وزير الخارجية صلاح البشير شارك في اجتماعات وزراء الخارجية العرب في دمشق. كذلك، تغيب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في اللحظة الاخيرة عن القمة واوفد نائبه عبد ربه منصور هادي. وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم لمح الي ان تغيب بعض العرب ناتج عن ضغوط الولاياتالمتحدة التي كانت دعت الدول العربية الي التروي قبل اتخاذ قرار المشاركة في القمة. وقال المعلم في ختام الاجتماع الوزاري ان "هذه القمة لم تدع اليها الولاياتالمتحدة ولا اثر لها علي اعمالها او جدول اعمالها". في المقابل، ايد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قرار مصر والسعودية خفض تمثيلهما الي القمة، وقال "اعتقد انهما علي حق لان سوريا تمادت". وردا علي ساركوزي، ابدت صحيفة "الثورة" السورية الرسمية اسفها ل"انضمام فرنسا بعظمتها الي جوقة الضغط اللاموضوعي علي سوريا والقمة". واعتبر رئيس تحرير "الثورة" الياس مراد ان "الولاياتالمتحدة مارست ضغوطا وطلبت عدم الحضور من الدول العربية لان الامريكيين لا يريدون ان تكون هناك قمة، ثم لا يريدونها في دمشق ولا يريدون اي عمل عربي مشترك". واضاف "مستوي التمثيل لا يغير في قرارات القمة والقمة نجحت، فرغم الضغوط حضر ثمانية عشر وزير خارجية الاجتماع التحضيري. واكد مراد ان "دمشق لن تسمح للادارة الامريكية بالتدخل في اجندة القمة واعمالها وقراراتها". ويشارك احد عشر زعيما عربيا في القمة، فيما يغيب عنها تسعة زعماء. في المقابل، شارك 18 زعيما عربيا في قمة الرياض في مارس 2007، علما ان الزعيم الليبي معمر القذافي كان ابرز الغائبين. من جهتهم، تخوف محللون من ان تساهم هذه القمة في تعميق الخلافات العربية القائمة اساسا. وقالوا ان "هذه القمة تعقد في ظل انقسام عربي عميق بدأ مع القمم السابقة، لكنه وصل الي ذروته الان في ظل عدم قدرة العرب علي الحوار علي مستوي القمة". واوضحوا انه اذا لم يحدث تحرك جاد من الامين العام للجامعة العربية (عمرو موسي) لترتيب حوار بين مصر والسعودية وسوريا، فإننا متجهون الي وضع شبيه بالحالة التي كانت تسود العالم العربي بين 1957 و1967". وطبع هذه الفترة صراع بين مصر عبد الناصر والمملكة العربية السعودية اطلق عليه "الحرب العربية الباردة" واستمر حتي حرب 1967 بين اسرائيل والعرب. وأضافوا انه "من الممكن ان تتحول اي من الازمات مثل الوضع في لبنان او فلسطين الي شرارة تشعل المنطقة". وتحمل السعودية ومصر، سوريا مسئولية عدم انتخاب رئيس لبناني جديد في حين تطالب دمشقالرياض بممارسة مزيد من الضغوط علي حلفائها اللبنانيين لتجاوز هذا المأزق. واكد المراقبون ان "سوريا تؤيدها بعض القوي العربية، تحمل مشروعا لتغيير المنطقة طابعه ايراني في مواجهة الولايات