حسم الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية قضية المسيحيين الذين ارتدوا عن الاسلام وعادوا الي المسيحية، وذلك عبر فتوي أصدرها تقول بأن ارتدادهم مسألة فقهية وليست قانونية. وكانت هذه القضية أثارت جدلا واسعا خلال الأسابيع الماضية في الاوساط القبطية المصرية، وذلك علي خلفية الدعوي القضائية التي أقامها نحو 400 مسيحي مصري في محكمة القضاء الاداري ضد قرار وزير الداخلية المصري عدم اثبات هوياتهم الدينية المسيحية في البطاقات الشخصية، وحكمت المحكمة بعدم جواز استخراج البطاقات واعتبرتهم مرتدين عن الاسلام . وقالت فتوي الدكتور جمعة، التي حصلت نهضة مصرعلي نصها، إن "هؤلاء المسيحيين وان كانوا مرتدين عن الاسلام من الناحية الفقهية الا أن الحقوق المدنية المترتبة علي ارتدادهم عن دين الاسلام تجاه الدولة والهيئة الاجتماعية ... امر يرجع الي جهة الادارة بحساب المنافع والمضار، ومدي موافقة هذا التصرف للدستور والقوانين المعمول بها ومدي تأثيره علي الامن الاجتماعي والسلامة القومية وكل ذالك يتعلق بالحياة المدنية التي تعد الادارة مسئولة عنها بغض النظر عن الحكم الديني في المسألة". وقد استندت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية علي هذه الفتوي في بيان لها صدر مؤخرا، وأعربت فيه عن أسفها بشأن الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري بعدم الاعتراف بحق المواطنين في العودة الي المسيحية بعد تحولهم الي الاسلام. ووصفت المبادرة، وهي منظمة حقوقية تختص بالحقوق الشخصية، الحكم الصادر بانه تراجع جديد عن موقف مجلس الدولة من الحماية الدستورية والقانونية للحق في حرية الدين والمعتقد. من جهة اخري انتقد الدكتور مصطفي الشكعة عضو مجمع البحوث الاسلامية "هيئة كبار العلماء بالأزهر "، فتوي الدكتور علي جمعة. وقال في تصريح لموقع العربية : ان الحكم الفقهي في هذه المسألة مترتب عليه أحكام القانون المدني ولا يصح التفرقة بينهما حسب ما أفتي به الدكتور علي جمعة مع تقديري الشخصي له ولعلمه فهذا التفريق يتناقض مع الدستور الذي يعتبر وفق المادة الثانية منه ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وأحكامها تنطبق علي كل مسلم سواء بالنسب الي أبيه المسلم أو كان مسيحيا واعتنق الاسلام بعد ذلك عن رضا وقناعة. وأضاف "في حالتنا هذه نحن امام مسيحيين اعتنقوا الاسلام بلا اكراه واصبحوا مسلمين وبالتالي تطبق عليهم أحكام الاسلام، ومن ضمن هذه الأحكام حكم الردة والذي ورد فيه حديث صحيح. وحول ما اذا كان هذا الحكم يعتبر اكراها للمسيحيين علي اعتناق الاسلام، يقول الدكتور مصطفي الشكعة :بالطبع الاسلام لا يكره أحدا علي الدخول فيه ولكن هناك فهما خاطئا لفهم آية (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وآية (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) فالمقصود بالاكراه هنا هو الاكراه من البداية اي ان الشخص يكون علي ديانة ما ثم يجبر تحت تهديد او وعيد او اغراء ما علي الدخول في الاسلام كما أن هذه الآية جاءت ردا علي من يزعمون ان الاسلام قد انتشر بالسيف أو عن طريق الحروب لأن الله يعلم وعلمه أزلي أن هناك من سيقول بهذه الفرية ضد الاسلام. وتابع :"أما اذا دخل الانسان في الاسلام برغبته وخرج منه بعد ذلك، فهو يعتبر مفسدا في الارض وأن نيته لم تكن خالصة للاسلام وانه يبتغي من هذا الدخول في الاسلام ثم العودة الي ما كان عليه قبل الدخول هو الطعن في الدين وتفريق الجماعة الاسلامية لذلك كانت حكمة التشريع من حكم الردة ، ولهذا الحكم أحكام مترتبة عليه اختلف العلماء حولها فهناك من يأخذ بلفظ الحديث صراحة من ارتد عن دينه يقتل وهناك من يقول أنه يستتاب لمدة ثلاثة ايام يوضح له خلالها تعاليم الاسلام فان عاد لا يطبق عليه الحد وان استمر علي ارتداده يقتل وهناك رأي ثالث أن هذا المرتد يستتاب لمدي الحياة ولكن هذا الرأي مازال محل بحث في مجمع البحوث الاسلامية ". من جهة اخري كشفت مصادر بمجمع البحوث الاسلامية عن رفض الدكتور محمد سيد طنطاوي مناقشة هذا الرأي في جلسة المجمع الاخيرة قطعا لاثارة الجدل مرة اخري حول قضية الردة خاصة بعد ما أثير فيها من جدل. وقال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعليقا علي الحكم القضائي الأخير "من المؤسف أن المحكمة قررت من تلقاء نفسها أن "تغيير المواطن لمعتقداته الديينية يعد تلاعبا بالاسلام وهو توصيف أخلاقي أكثر من كونه قانونيا". وتابع "إن الحكم يشكل تغيرا في موقف المحكمة ذاتها والتي أصدرت ما لا يقل عن 22 حكما معاكسا في الفترة من أبريل 2004 وحتي تقاعد الرئيس السابق للمحكمة المستشار فاروق عبد القادر في سبتمبر 2006، جاء فيها جميعا أن تعسف جهة الادارة في اثبات عودة المواطنين الي المسيحية يعد تدخلا لا مبرر له من جانبها ويشكل اجبارا للمدعين علي اختيار عقيدة ودين معين وهو ليس راغبا فيه"