لا يهم أن يكون بيومي صاحب شركة "الفرسان" قد هرب إلي تركيا أو لندن أو اليونان أو حتي إلي بلاد "الواء واء".. المهم انه مثل عشرات غيره شفط اموال الناس والبنوك والشركات وهرب! كيف هرب؟.. تلك هي القضية، خصوصا ونحن نتغني ونتفاخر بأن كل شيء تحت السيطرة، وأن "الباب لو خبط بنعرف بره مين"، وأن دبة النملة عندنا علم بها، وعلم أيضا بجنس هذه النملة، وهل هي ذكر ام انثي ام جنس ثالث. مايهمنا أن الرجل استطاع رغم كل تلك الحصون والمتاريس والقبضات الحديدية المهيمنة أن يضحك علي الجميع ويخرج لهم لسانه ومعه "بقجة" بها حوالي 500 مليون جنيه هي مجموع ما استولي عليه من المواطنين والعملاء والبنوك! ومايهمنا هو أن الرجل كأن في عز الظهر يلعب نفس أدوار الريان والسعد وكل شركات توظيف الاموال دون أن يعرف المسئولون عنه شيئا، وكأنه وكل فروع شركاته وموظفيه يلبسون طاقية الإخفاء فلا يراهم أحد! ومايهمنا هو أن بيومي ومعاونيه كانوا يملأون الدنيا نشاطا وحركة ولايعملون في السر أو تحت "بير السلم" فقد كانوا يملأون صفحات الصحف ببيانات وأرقام وعبارات مشكوك فيها ولافتة للانتباه، حيث وصفوه بأنه فارس الفرسان ومحطم الأسعار، ونصير الغلابة ورافع شعار سيارة لكل مواطن، والتاجر المؤمن، وعدو الجشع، وقاهر الاحتكار اللي ماشي علي صمولة ومسمار وربك هو الستار، وقرَّب يا افندي والحق يابيه قسط العربية بقي 30 جنيه! نصب علني وعلي عينك ياتاجر ولم يتحرك أحد لينقذ الغلابة الذين باعوا "الجلد والسقط" من أجل أن يتحقق لهم حلم امتلاك سيارة صيني تغنيهم عن بهدلة المواصلات وشر التحرش. ووقعت الفأس في الرأس، صاحب الفرسان تخلي عن "أخلاق الفرسان" وهرب.. ولكن بقي السؤال: من المذنب؟ بيومي الذي ولد وترعرع في مناخ يقول "انهب واهرب".. وعُكْ وربك يفُكْ؟ أم المواطن البسيط الذي نضحك علي عقله بالإعلانات في كل وسائل الاعلام وتحت سمع وبصر كل المسئولين والمراقبين فانخدع وصدق وآمن وذهب إلي شيوخ المنصر بقدميه؟ أم المسئولون عن حمايته والمدربون علي التعامل مع هؤلاء اللصوص والذين لدغوا الشعب قبل ذلك من ألف جحر وجحر؟! المسئولون كالعادة يمارسون لعبتهم في التأكيد علي شيئين مهمين يغسلون بهما أياديهم من دم الضحايا، وفي نفس الوقت يلعبون معهم لعبة "التنويم" بحيث تصغر الكارثة وتضمر الحسرة في قلوبهم يوما بعد يوم مهمين ويتعايشون مع الأمر الواقع، مثلما تعايشوا من قبل مع عشرات النواكب والملمات المتشابهة: أولها: يؤكدون أن بيومي صاحب الفرسان لم يهرب خارج البلاد، بحيث لايظهرون تقصيرهم المعتاد، مما يعطي للمواطنين أملا في أن اللص موجود، وأن مطاردته في البر والبحر والجو تجري علي قدم وساق، وأنهم في القريب العاجل سيمسكونه مثل الفار المسلوخ ويقدمونه للعدالة. وإذا ظهر مستقبلا في اليونان أو تركيا أو لندن أو أمريكا يقولون إنه الشبيه أو القرين أو أن تجارب الاستنساخ في هذه البلاد قد نجحت، وهذه هي النسخة المستنسخة منه.. وفي أضعف الإيمان اذا تأكد أحد من أنه الشخص الحقيقي، وأنه قد هرب من المطار أو من أحد الموانئ أو من خلال "لنش" في البحر أو علي جناح يمامة، فالرد معروف ويرضي كل الأطراف: سوف نحقق في الموضوع ونضرب علي يد المتسبب. وحينما سيكون علي المواطن المغلوب علي أمره أن يختار بين شيئين إما أن يرضي ويرضخ ويفوض أمره لله، ويكنس السيدة علي كل من تسببوا في هذا المناخ الذي تربي فيه الحرامية واللصوص وإما أن يفعل مثلما فعل آباؤه الاوائل الذين ضاعت أموالهم في شركات توظيف الأموال، وأخذوا مقابل ثرواتهم و"شقي العمر" صواميل ومكرونة وسافو وبوية. وثانيها: أن المواطن هو المسئول عما حدث له.. فهو الذي تسلم السيارة بدون افراج جمركي، وهو الذي لم يتعلم من دروس الماضي وأخذ أمواله وذهب إليهم كي يوظفوها له طمعا في الربح، العائد.. وهو أيضا الذي لم يتأكد من أخلاق وسلوك من يسلمهم ماله وتعبه وعرقه بهذه البساطة، بينما يتفنن في أن يتهرب من حق الدولة فلا يدفع الضرائب ولا الجمارك ولا مصروفات جمع القمامة، وبالتالي فالطمع هو الذي أعمي بصيرته وجعله يضع يده في جحر الحية حتي يسرق جوهرتها فإذا نجح لانعرف عنه شيئا، أما إذا لدغته يصرخ ويولول ويحمل الحكومة المسئولية. وهكذا يلجمون المواطن باتهاماتهم له، فيضطر أن يحبس غصته في حلقه وحسرته في قلبه وإلا اتهموه بأنه السبب في ثقب الأوزون وتصنيع السلاح النووي ومعاداة السامية! مما سبق يتضح ماهو مصير بلاغات المواطنين والعملاء والشركات في أقسام مصر القديمة ومصر الجديدة ومدينة نصر وإمبابة والمنيرة، وكل مكان في مصر ضد المتهم محمد بيومي رئيس مجلس ادارة وصاحب شركة الفرسان والذي هرب ومعه أكثر من 500 مليون جنيه، وترك اخوته الذين لن نأخذ منهم" حقا ولا باطلاً لأن كل شيء محسوب ومرتب ومخطط له.. فالبضاعة والمعاملات والتعاقدات والقروض وكل شيء باسمه، والقانون لايحمي المغفلين! الطريف أن بيومي أفندي مثلما ضحك علي المصريين نصب أيضا علي الصينيين واليابانيين والفرنسيين والألمان في وقت واحد. فشركة شيري الصينية تقدمت ببلاغات ضده تتهمه بأخذ سيارات لم يسدد ثمنها، ونفس الشيء بالنسبة لشركة "رينو الفرنسية" ومتسوبيشي اليابانية، وهذا يدعونا إلي الفخر، ففي الوقت الذي لم نتمكن فيه من المنافسة بأي شئ وفي أي شئ استطعنا بالنصب أن نصل إلي العالمية! ويبقي السؤال الأهم: الذين وضعوا أموالهم في حجر بيومي كي يستثمرها لهم أو بمعني أدق يوظفها لهم، قد لاقوا جزاء طمعهم وأخذ الغراب إيداعاتهم وطار. والبنوك التي مارست لعبتها في إقراض الذين يرتدون عباءة المستثمرين والتجار وما هم بمستثمرين ولا تجار، تستحق ما لحق بها من خسارة لانها تهوي دائما لعبة "الاستك" تشده فيلسعها ثم تصرخ، وتعاود من جديد لعبة الشد من أجل أن يلسعها مرة ثانية وثالثة. السؤال هو: ما الذي نفعله من أجل المواطن الذي اقتطع من قوته وباع النحاس من أجل أن يشتري سيارة صيني ينتقل بها هو وأولاده ثم اكتشف أن بيومي ضحك علي الحكومة وحكومات أخري وهرب دون أن يسلمه الافراج الجمركي، وبالتالي أصبحت سيارته أمام البيت مثل البيت الوقف لن يرخصها ولن يتمكن من التحرك بها بالإضافة إلي أنها بدون قيمة مادية.. هل يمكن أن تتحرك الدولة من أجل إنقاذ هؤلاء؟ فاذا كأن بيومي كما يقول المسئولون تحت السيطرة ولم يخرج من البلاد وأن القبض عليه قاب قوسين أو أدني.. اذا كان الامر كذلك، فلماذا لا تتكاتف أجهزة الدولة المعنية (جمارك ومرور وغيرهما) من أجل أن تعطي هؤلاء تصريحات مؤقتة تضمن لهم تسيير هذه السيارات والتحرك بها لحين أن يتم المراد من رب العباد وتقبض علي بيومي. وحتي لو قبضوا عليه فماذا ستأخذ الريح من البلاط.. فالرجل كان يمارس لعبة "الطواقي" وكل الناس لبسوا الطاقية.. وكل المسئولين عن حمايتهم لبسوا الطرابيش.. والبلد كلها اذا لم تجد حلا جذريا في التعامل مع بيومي ومن شابهه "ستلبس في الحيط" فقد صدقت حيلهم واتخدعت بأوهامهم حين دخلوا عليها بالحنجل والمنجل وقالوا إنهم مستثمرون وتجار ورجال أعمال وأنهم يملكون الأمانة والنزاهة "وأخلاق الفرسان"! قناع آخر ومن اقنعة التجار والمستثمرين ورجال الأعمال ننتقل إلي قناع آخر لايقل أهمية وهو القناع الذي ارتداه 50 طالبا بجامعة الازهر وراحوا يمارسون الكاراتيه والكونغوفو في اطار مظاهراتهم بالجامعة احتجاجا علي حبس زملائهم كما يقولون. تعالوا نسلم بأخطر الاستنتاجات التي قالها البعض من قبيل أنه كان استعراضا للقوة، وأن هؤلاء يمثلون ميليشيات الإخوان في الجامعة، وأن هؤلاء يعيدون إلي الأذهان فكرة النظام الخاص للإخوان والتنظيم السري والجوالة والكشافة والقمصان الخضر، وكل ما يخطر علي البال. لو سلمنا بكل هذا، فإنني أود أن أطرح سؤالا ساذجا.. وهو ما الأسلوب الأمثل للتعامل مع هؤلاء: هل اعتقالهم وتجديد حبسهم هو الحل؟ هل الاسلوب الطيب لفضيلة الدكتور أحمد الطيب للتعامل مع الفكر غير الطيب في رؤوس هؤلاء الطلاب هو الحل، عندما يكتفي باللقاء معهم ويقول لهم يا أولادي انتبهوا لدروسكم وعندما تتخرجون افعلوا كل ماتريدون؟ ام أن الحل بدلا من الحبس والاعتقال أو مسكنات الدكتور أحمد الطيب هو محاورة هؤلاء وفك شفرة رؤوسهم ثم فتحها واستخراج البارود والقنابل والافكار السوداء منها، فننزع فتيلها ونمنع غيرهم من الوقوع في براثن من يمسكون بالريموت كنترول خارج الجامعة ويحركون الطلبة والأساتذة معا؟!! مجرد سؤال.. اللهم سألت.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد" [email protected]