لم نكن نفهم ماذا تعني كلمة الخصخصة .. فتفضلت قضية "عمر أفندي" بإفهامنا وتعليمنا .. وكنا نظن أن وزارة الأوقاف هي التي تقوم بتعيين الأئمة والإشراف علي المساجد .. وجاءت قضية "عمر افندي" لتعرفنا أن الأوقاف لها أملاك وأطيان وثروات هائلة، تسكت عنها ولا تطالب بها إلا أحياناً. وهكذا انفتح باب واسع ظل مغلقاً طيلة عشرات السنوات، ليخفي خلفه ثروات وممتلكات ومنشآت لا حصر لها، خاضعة لوزارة الاوقاف، وكان المفترض أن تشرف الوزارة علي هذه الأموال والثروات لتحصيل ريعها وإيراداتها للإنفاق علي أعمال الخير. ولهذا السبب، قررت "نهضة مصر الاسبوعي" فتح قضية الأوقاف للنقاش والدراسة. أملاك الأوقاف تمثل نموذجاً صارخاً وصادماً للمال السايب، حيث تبلغ الاصول الدفترية للوزارة ملياري جنيه، إضافة إلي 1112فداناً من الأراضي الزراعية و 180 ألف فدان من الاراضي الفضاء و 900 الف فدان استردتها مؤخراً من احدي الشركات الناهبة. هذه الأموال الطائلة كانت دائما عرضة للسرقة والاختلاس والنهب منذ عام 1946 وهو تاريخ صدور أول قرار يحمي هذه الأملاك. ومع بداية عام 2002 بدأت رائحة الفساد تفوح من داخل الأوقاف ابتداء من الاختلاس مروراً بالاستيلاء والنهب والتعديات. ويقول مصدر مسئول بالوزارة ان القيمة الحقيقية لأصول الأوقاف تزيد علي 20 مليار جنيه، وان السعر الحقيقي لعمر افندي يزيد علي مليار جنيه.. السياسيون والبرلمانيون تسلموا ملف الاوقاف مؤخراً، ويقول النائب علي لبن إن الانحرافات تتم تحت سمع وبصر الحكومة وأن الوزير يتساهل في بيع العقارات والاراضي المملوكة للوزارة .. ويدلل المستشار السيد الحسيني بعشرات الامثلة علي حالات الفساد والسرقة المستمرة منذ عام1953. ودعا الدكتور محمد شامة إلي قانون جديد لإدارة الاوقاف يتفق مع الشريعة الاسلامية . حتي الجهاز المركزي للمحاسبات وهو جهة حكومية أدان الممارسات الفاسدة داخل الاوقاف وقدم ملفا متخماً بالوقائع الدامغة.. ويدافع عبد الرءوف محمد رئيس هيئة الأوقاف مؤكدا أن الاتهامات التي طالت الوزارة مؤخراً كلها جزافية .. لكنه في الوقت نفسه رفض الاعلان عن قيمة ممتلكات الأوقاف بحجة أنها ضخمة ويصعب سردها. ودعت مصادر قانونية بالوزارة إلي ضرورة تخصيص شرطة للأوقاف لحماية هذه الثروات الملقاة علي قارعة الطريق.