عندما تخرج "بتول ممتاز" من منزلها كل صباح للتوجه إلي عملها، تحرص علي التدثر برداء يخفي كامل معالمها، بما في ذلك وجهها، ولا تترك سوي خيط رفيع تظهر منه عيناها الواسعتان. لكن النقاب الذي تصر طالبة الدكتوراه، ذات الأربعة وعشرين ربيعاً، علي ارتدائه، تريد أن يبعث برسالة إلي العالم الخارجي تقول فيها: "إن أسلوب لباسي يبقي الرجال، حتي غير المسلمين منهم، بعيدين عني". وكأنها تقول أيضاً: "لا تلمسني، ولا تضايقني، اكتفِ فقط بالكلام"، وهذا أبعد ما تستطيع القيام به. بيد أن اختباء بتول وراء النقاب سعياً وراء الاختفاء عن الأعين، جعلها بالعكس من ذلك أكثر لفتاً للأنظار. فقد تحول النقاب الإسلامي إلي موضوع مثير للنقاش في بريطانيا خلال الأيام الأخيرة، من قبل وزراء في الحكومة وقضاة، بل وحتي من قبل رئيس الحكومة البريطانية توني بلير نفسه، الذي وصف النقاب بأنه "علامة تدل علي الفصل". وفي كثير من الأحيان تجد بتول ممتاز نفسها إلي جانب زميلاتها من المنقبات، في وضع حرج يتعرضن فيه للعنف اللغوي بسبب لباس يعتبرنه عنصراً أساسياً يعبر عن الإيمان والتواضع. فبعد فترة قصيرة علي إطلاق وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو تصريحاته التي دعا فيها إلي إعادة النظر في مسألة ارتداء النقاب، توجهت بتول إلي أحد المحلات لشراء بعض الأغراض، لكن البائع خاطبها بقسوة صارخاً في وجهها: "لن أبيعك شيئاً حتي أري وجهك". وهي تري أن ذلك ما كان ليحصل لولا تصريحات سترو التي شجعت بعض الناس علي النظر إلي النقاب كأمر سلبي. يذكر أن فرنسا وتركيا حظرتا ارتداء الحجاب في المدارس العمومية، كما أن الحكومة الهولندية سعت خلال الشهر الجاري إلي منع ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة. ورغم أن بريطانيا كانت دائماً تتعامل بتسامح مع اللباس الإسلامي ولا تتدخل في طريقة ارتداء المسلمين لزيهم الخاص، فإنه حتي قبل اندلاع النقاش الحالي حول النقاب، كان ارتداؤه مقيداً في بعض المدارس والمستشفيات. ويخشي العديد من المسلمين أن يؤدي النقاش الحالي والتأييد الواسع الذي لقيته دعاوي حظر النقاب، إلي تمهيد الطريق لمنع، ليس فقط النقاب، بل كذلك الحجاب أيضاً. .