بينما تدخل الحرب في العراق عامها الرابع شهدت شعبية أمريكا في العالم انحداراً كبيراً لم يستثنِ حتي تلك الشعوب التي تنتمي إلي دول تعد حليفة للولايات المتحدة حسب ما أعلنه استطلاع للرأي أجري مؤخراً. فقد واصلت النظرة الإيجابية للولايات المتحدة هبوطها في بعض الدول مثل أسبانيا مقارنة مع السنة المنصرمة، حيث لم يعبر سوي 23% من السكان عن آراء إيجابية لصالح الولاياتالمتحدة، مسجلة انخفاضا بلغت نسبته 41% مقارنة مع السنة الماضية. يشار إلي أن استطلاع الرأي شمل 15 دولة بما فيها أمريكا نفسها وأشرف عليه مركز "بيو" للأبحاث في واشنطن. ومن بين الدول الأخري التي شهدت انخفاضاً في وجهات النظر الإيجابية حيال الولاياتالمتحدة هناك الهند بنسبة 56% بالمقارنة مع 71% في السنة الماضية؛ وروسيا بحوالي 43% قياساً ب52%؛ ثم إندونيسيا ب30% بعدما كانت 38 خلال العام الماضي. أما في تركيا فقد كان الرقم أقل بكثير من باقي الدول حيث استقر في حدود 12% مسجلاً تدنياً ملحوظاً عن نسبة 23% في السنة الماضية. وفي بلدان أخري مثل فرنسا وألمانيا والأردن كان الانحدار في معدل شعبية الولاياتالمتحدة أقل حدة بعض الشيء، في حين أبدت الشعوب في باكستان والصين آراء إيجابية حول أمريكا بالمقارنة مع السنة الماضية. أما في بريطانيا الحليف الوثيق للولايات المتحدة، فقد ظلت النظرة الإيجابية لأمريكا مستقرة في حدود 50% طيلة السنتين الأخيرتين بعدما وصلت قبل الحرب علي العراق إلي 75%. إلي ذلك أفاد استطلاع للرأي أن تأييد أمريكا في حملتها ضد الإرهاب تراجع هو الآخر، رغم إعلان أغلبية كبيرة من الشعوب في العديد من البلدان عن مخاوفهم من الطموح النووي الإيراني. ومع ذلك مازال العراق يتصدر أولويات الشعوب حيث أشار استطلاع للرأي أن معظم المستجوبين في 13 من أصل 15 دولة شملها الاستطلاع اعتبروا الحرب في العراق الأكثر خطورة علي الأمن والسلم العالميين. وفي هذا الإطار قال "أندرو كوهوت"، رئيس مركز "بيو للأبحاث": "عندما يكون الاهتمام العالمي بالعراق أكثر من غيره معتبرين أنه التهديد الأكثر خطورة علي الاستقرار في العالم، فإن ذلك يدل علي الدور الذي يلعبه العراق في إضعاف أمريكا واستنزاف شعبيتها المتراجعة أبداً". وتأتي الموجة الحالية من الانحدار الكبير في شعبية الولاياتالمتحدة بعدما شهدت السنة الماضية تراجعاً طفيفاً في حدة الشعور المناهض لأمريكا إثر المساعدات الأمريكية لضحايا المد البحري "تسونامي"، فضلاً عن التقدم السياسي الذي أحرز في العراق. يذكر أن استطلاع الرأي أجري قبل استكمال تشكيل الحكومة العراقية خلال الأسبوع الماضي، وقبل الإعلان عن مقتل أبي مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين. ومما جاء به استطلاع الرأي تنامي التعاطف الألماني مع إسرائيل بعد فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية. كما ارتفع معدل التأييد الفرنسي لإسرائيل إلي 38% بعدما لم يكن يتعدي 20% في السابق. أما في فرنسا التي اجتاحتها اضطرابات اجتماعية مؤخراً علي خلفية مظاهرات الضواحي العنيفة والاحتجاجات التي تلتها حول قانون الشغل فقد شهدت انحداراً في مكانتها لدي جل الدول المستجوبة ما عدا الولاياتالمتحدة، حيث ارتفع عدد الأمريكيين الذين يحملون آراء إيجابية حول فرنسا إلي 52% بالمقارنة مع 29% في 2003 عندما أغضبت فرنساالولاياتالمتحدة بمعارضتها للحرب علي العراق. ورغم الصورة السلبية لأمريكا في العديد من بلدان العالم، كما كشف عنها استطلاع الرأي، فإن الكثير من المستجوبين ميزوا بين إدارة الرئيس بوش والشعب الأمريكي. فقد أبدت غالبية المستجوبين في 7 من أصل 14 دولة موقفاً إيجابياً إزاء الأمريكيين بقيادة اليابان بنسبة 82% تليها بريطانيا بنسبة 69%، فيما عبرت الغالبية في الهند ونيجيريا عن ثقتها بالرئيس بوش. وأفاد استطلاع الرأي أنه بعد مرور سنة ملتهبة في كل من العراق وأفغانستان تراجع التأييد العالمي لحرب أمريكا علي الإرهاب ما عدا في روسيا التي مازال أكثر من 50% من مواطنيها يساندون الحملة العالمية علي الإرهاب، بينما انحسر ذلك التأييد في اليابان. وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، فقد كشف استطلاع الرأي عن وجود قلق حقيقي لدي أغلبية الشعوب في أوروبا الغربيةواليابان والهند من حيازة إيران للسلاح النووي مشاركين الولاياتالمتحدة في مخاوفها.