أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "هيرالد تربيون" الأمريكية تصاعد المشاعر الإيجابية بين الأتراك نحو إيران في مقابل تزايد اتجاهاتهم السلبية نحو كل من الولاياتالمتحدة وأوربا. جاء ذلك في الوقت الذي اشتبك فيه المئات من الشباب التركي الغاضب أمس الأربعاء مع شرطة مكافحة الشغب في العاصمة التركية أنقرة احتجاجا على قرار البرلمان إرسال قوات سلام إلى لبنان، وإذعان أنقرة للضغوط الغربية في هذا الشأن. وفي اليوم الثاني للمظاهرات ألقى الشباب التركي بالحجارة على رجال الشرطة، منديين بما وصفوه بالرضوخ للضغوط الغربيةوالأمريكية لجر تركيا إلى المشاركة في قوات حفظ السلام بجنوب لبنان. وردد المتظاهرون عددا من الشعارات المناهضة لقرار البرلمان التركي الذي وافق الثلاثاء الماضي على إرسال قوات تركية إلى لبنان. وأبرز هذه الشعارات: "فلتخرج أمريكا.. هذه بلادنا"، و"لن نكون جنودا للكيان الصهيوني". وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وباحتجاز عشرات الشبان. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات في الاحتجاجات التي وقعت بالقرب من مكاتب الحكومة حيث كان رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، يجري محادثات مع كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة. وقلل أردوغان من أهمية هذه المظاهرات بقوله: إن الأتراك سيفهمون الحاجة للإسهام في السلام في هذه المنطقة التي تعتريها المشاكل. وتنتاب الكثيرين في تركيا مخاوف بشأن قوة الأممالمتحدة التي ستعمل على فرض هدنة بين الكيان الصهيوني وحزب الله، حيث يعتقدون أنها ستخدم المصالح الصهيونية - الأمريكية بالأساس. وفيما يبدو أنه تفسير للاحتجاجات على قرار إرسال قوات تركية إلى لبنان، عكس استطلاع للرأي أجراه مركز "جيرمان مارشال فند" الأمريكي المعني بالعلاقات الأمريكية – الأوربية، تحولا كبيرا في اتجاهات وآراء الأتراك بالنسبة للغرب، وخاصة حلف شمال الأطلنطي "الناتو". وأوضح الاستطلاع أن الاتجاهات السلبية نحو الولاياتالمتحدة أخذت في التنامي منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولاياتالمتحدة، ومنذ الحرب التي شنتها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش على العراق. وأضاف تقرير "هيرالد تربيون" أن صورة الولاياتالمتحدة اهتزت في عيون شعوب العالم بعد احتلال العراق، مشيرا إلى أن الاتجاهات الإيجابية للولايات المتحدة لدى الأتراك انخفضت إلى 20% مقارنة ب28% عام 2004، بينما قفزت الاتجاهات الإيجابية نحو إيران في دوائر الرأي العام التركي من 34% إلى 43% في نفس الفترة. أما بالنسبة لأوربا، فقد كشف الاستطلاع أن اتجاهات الأتراك الإيجابية نحو الاتحاد الأوربي تراجعت إلى 45% مقارنة ب52% قبل عامين، خاصة بالنسبة لدول بعينها يعتقد الأتراك أنها معادية لبلادهم وتعرقل جهودها الرامية إلى الانضمام للاتحاد. وأشار الاستطلاع إلى أن اتجاهات الأتراك الإيجابية نحو أسبانيا بلغت 31%، و30% لإيطاليا، و25% لبريطانيا وفرنسا، و44% لألمانيا، و12% للكيان الصهيوني. وبينما يحلم الكثير من الأتراك بحصول بلادهم على عضوية الاتحاد الأوربي، فقد انخفضت نسبة مؤيدي الانضمام من 73% عام 2004 إلى 54% خلال العام الجاري. وذكر الاستطلاع أن مصداقية الناتو لدى مواطني تركيا، التي انضمت إليه عام 1952، تراجعت من 53% عام 2004 إلى 44% عام 2006. ويرى محللون أن تراجع شعبية الناتو في الشارع التركي يعود إلى الشهور التي سبقت شن الحرب على العراق، مشيرين إلى أن أنقرة طلبت من الناتو دعمها في حال وقوع أي هجمات عليها من جانب العراق، ولكن دولا عديدة بالناتو، من بينها ألمانيا وفرنسا، رفضت ذلك. من جانبه قال سوات كينكليوجلو، مدير مكتب مركز "جيرمان مرشال فند" في أنقرة: إن "المسئولين الأتراك أصبحوا غير متيقنين من أن الناتو سيأتي لمساعدة بلادهم إذا احتاجت المساعدة بالفعل، فضلا عن أن الولاياتالمتحدة لها نفوذ داخل الحلف.. فانظروا كيف فعلت سياسة واشنطن في المنطقة". وأجري هذه الاستطلاع أيضا في الولاياتالمتحدة و12 دولة أوربية، وشارك فيه ألف شخص من كل دولة.