يواصل الرئيس الأمريكي جورج بوش الترويج لفكرته المتمثلة في قانون هجرة "شامل"، رغم أن الأحداث الجيوسياسية تتحالف لإضعافه، وبالتالي يمكننا المراهنة علي الواقع، بدلاً من إيديولوجية بوش، من أجل الفوز. يحسب للرئيس تشبثه بقناعاته الراسخة؛ إنه يؤمن إيماناً راسخاً بتحقق الانسجام عن طريق التدفق الحر للأشخاص عبر الحدود الوطنية. والواقع أن هذه القناعات هي من القوة إلي درجة أنها تضعف محاولاته للظهور أمام الرأي العام بمظهر الرئيس الصارم إزاء موضوع أمن الحدود في وقت يناقش فيه الكونجرس تشريعات ذات صلة. وقد أوردت صحيفة "واشنطن بوست" أن بوش الذي زار المناطق الحدودية في ولايتي نيومكسيكو وتكساس، كان سعيداً بالتحدث مع السكان بالأسبانية. أما الرسالة من وراء هذا الحديث بلغة غير إنجليزية، فهي بطبيعة الحال أن كل هذا التشدد ليس سوي حيلة هدفها تهدئة اليمين. إذ يعتقد بوش أنه عندما تهدأ الأمور، سيتم منح العفو وستواصل الولاياتالمتحدة مسيرتها الطويلة نحو الثنائية اللغوية. تلك إذن هي رؤية بوش، غير أن أربعة أحداث وقعت مؤخراً تضعف هذه الرؤية؛ الحدثان الأولان، هما المخططان الإرهابيان المفترضان اللذان تم الكشف عنهما الأسبوع المنصرم في أنجلترا وكندا. وإذا كانت تفاصيل المخططين سيتم توضيحها في المحاكم، فإنه سيتكشف أن العشرات من الشباب المسلمين خططوا لهجمات تستهدف بلدان الاستقبال. والواقع أن الإسلاميين المتشددين في الجارة كندا لا يبدو أنهم علي صلة بتنظيم "القاعدة"، كل ما في الأمر أنهم لا يحبون البلدان التي يقيمون فيها. أما قائمة تظلماتهم وشكاواهم، فطويلة جداً، وبالتالي فيمكننا أن نستنج أن المسلمين الغاضبين لا ينسجمون جيداً هنا في الغرب. وهو أمر منطقي نظراً لأن الغربيين لا ينسجمون جيداً في العالم الإسلامي. أما في حال كان الأمر يتعلق بصراع حضارات، فمن الجنون بل التهور، أن تتراخي الولاياتالمتحدة بخصوص قضايا الأمن الداخلي. يذكر أن صحيفة "دنفر بوست" أفادت أن المئات ممن ألقي القبض عليهم في الحدود الأمريكية- المكسيكية كانوا من مواطني دول تشكل مصدر قلق؛ مثل إيران والسعودية. وبطبيعة الحال، فوسط الفوضي التي تعتري الحدود، لابد أن اثنين تمكنا من التسلل إلي الداخل مقابل كل شخص تم إيقافه. من المرتقب أن يرغم خطر الإرهاب الذي تم استيراده إلي الولاياتالمتحدة، واشنطن قريباً علي القيام بالأمر الصحيح بخصوص مراقبة الحدود. ولكن علينا في الوقت نفسه أن نجيب علي الأسئلة الأساسية حول من ينبغي ومن لا ينبغي، أن يعيش في هذا البلد.