مواقف إنسانية جمعت الرئيس السيسي وأحمد عمر هاشم    رزقة الله حسن البيان وفصاحة اللسان، شيخ الأزهر ينعى أحمد عمر هاشم بكلمات مؤثرة    استمرار ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحرى والقبلى    بسبب تكلفة الإنتاج..أسعار الخضروات والفواكه تواصل الارتفاع فى الأسواق    توقعات بارتفاع كبير فى أسعار الحديد والأسمنت مع بداية العام 2026    زراعة الفيوم تطلق حملة لمكافحة القوارض والآفات في طامية    محافظ الشرقية ناعيًا الدكتور أحمد عمر هاشم: أفنى عمره في خدمة الإسلام والمسلمين    ترامب: مستشار بايدن الخاص تنصت على مكالمات أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ    مؤسسات الأسرى الفلسطينيين: سقوط 77 شهيدا وإخفاء قسري لعشرات المعتقلين منذ بدء حرب غزة    موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان في السوبر الأفريقي    تحرير 70 مخالفة تموينية في حملة على أسواق قرى الفيوم    طقس خريفي معتدل الحرارة بشمال سيناء    وزير التعليم يهنئ الدكتور خالد العناني لفوزه بمنصب مدير عام اليونيسكو    موعد عرض مسلسل ولد بنت شايب الحلقة 3    غادة عادل تكشف عن شروط خوضها تجربة عاطفية: «يكون عنده عطاء ومفيش مصالح»    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء التمريض المؤهلين الوظائف الإشرافية    كايسيدو نجم تشيلسى يتوج بجائزة لاعب الأسبوع فى الدوري الإنجليزي    رئيس الوزراء: السلام الحقيقى بالشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية    الأهلي يبحث عن عرض إعارة ل جراديشار خلال ميركاتو الشتاء    رودريجو يكشف أسرار علاقته بمودريتش وتطوره تحت قيادة أنشيلوتي    اتحاد المصارعة: كيشو يخوض بطولة ودية فى أمريكا باسم مصر    موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وجيبوتي في تصفيات المونديال    المصري يكشف حقيقة طلب الأهلي قطع إعارة عمر الساعي    غرفة قطر: رغبة كبيرة لدى القطاع الخاص لتعزيز التعاون التجارى والاستثمارى مع مصر    صعود معظم مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    لحظة هروب عصام صاصا من مشاجرة الملهى الليلى فى المعادى.. صور    صحة المنوفية: استقرار حالات طلاب التسمم نتيجة تناولهم وجبة كشرى    ضبط بؤرة مخدرات فى السويس بحوزتها سموم ب180 مليون جنيه    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    السيسي يوجه ببدء صرف حافز التدريس بقيمة 1000 جنيه.. نوفمبر المقبل    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر    وزير العمل: شكل الاستقالة الجديد يحمي العامل وصاحب العمل ولن تقبل إلا في هذه الحالة    أحمد حاتم يشارك بأسبوع الموضة فى باريس.. صور    كم شخص حصل على جائزة نوبل فى الفيزياء حتى الآن وماذا حدث فى آخر مرتين    فتح التقديم لمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن:: الراحل أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    "قصة سلاح أربك العالم" كيف ساهمت السعودية في نصر أكتوبر 1973؟.. فيديو    اجتماع تنسيقى عربى روسى على مستوى السفراء تحضيرا للقمة المشتركة    وزير الاستثمار يبحث مع جهاز مستقبل مصر دعم سلاسل الإمداد وتوريد السلع الاستراتيجية    مصر بين الحرب والسلام.. عامان من الدبلوماسية الإنسانية في مواجهة نيران غزة    ترامب يلغى الجهود الدبلوماسية مع فنزويلا.. نيويورك تايمز: تصعيد عسكرى محتمل    التضامن الاجتماعي تشارك في فعاليات معرض "إكسبو أصحاب الهمم الدولي" بدبي    الزمالك ينتظر عودة فيريرا لعقد جلسة الحسم    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    انطلاق مبادرة الكشف عن الأنيميا والتقزم بين أطفال المدارس بسوهاج.. صور    وكيل صحة الأقصر يعلن إعادة تشغيل العناية المركزة بمستشفى القرنة المركزى.. صور    اليوم.. نظر محاكمة شقيقين متهمين بقتل سائق توك توك فى إمبابة    جامعة قناة السويس تطلق الصالون الثقافي "رحلة العائلة المقدسة.. كنزا تاريخيا واقتصاديا وسياحيا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاة بأسوان الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    موعد بداية امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2025- 2026    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الارتباك الأيديولوجي في البيت الأبيض
نشر في نهضة مصر يوم 17 - 05 - 2006

يقول علماء النفس علي سبيل الدعابة إن هناك صنفين من الناس يحتاجان إلي علاج: الأول، يحتاج إلي تضييق، والثاني إلي توسيع. وما يحدث الآن في عالم السياسة، هو أننا ننتقل من عالم يقوم علي ما يمكن أن نطلق عليه صفة مذهب أو أيديولوجية "محافِظة فضفاضة" إلي عالم آخر يقوم علي أيديولوجية "محافِظة ضيقة". فنحن الآن نشاهد ذلك النوع من "المحافظة" الذي يؤكد علي أهمية الحرية، وهو يخلي مكانه لنوع آخر من "المحافظة"، يؤكد علي أهمية السلطة.
ويمكننا أن نقول إن معظم المشكلات التي يواجهها جورج بوش، قد جاءت من تأرجحه المرتبك فوق الخط الفاصل بين الاثنتين.
خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، شعر "المحافظون" بأن التهديد الأساسي الذي يتعرضون له يأتي من دولة الرعاية المفرطة في الثقة بنفسها. وحاول "رونالد ريجان" في ذلك الوقت، أن يوسِّع من نطاق البني التي كانت تحد من المبادرات الفردية، كما أدت إلي نوع من تصلب الشرايين المجتمعي. وقام هو وتاتشر بإجراء سلسلة من الإصلاحات شملت: التخفيف من القيود التنظيمية، والخصخصة، وخفض الضرائب من أجل تخفيف الأعباء الواقعة علي رجال الأعمال. وكانت المعادلة السائدة في ذلك العهد بسيطة وهي أن" الحكومة تمثل المشكلة". كان هذا هو الشعار الذي أعلنه ريجان والذي أصبح يقوم علَماً علي المذهب "المحافظ"، المهيمن علي تلك الفترة والمنظم لأحوالها.
لكن الزمن يتغير ولا شيء يدوم علي حال. فالمشكلة الرئيسية الآن ليست هي تصلب شرايين المجتمع، ولكن فوضاه. فأخطر التهديدات الآن لا تأتي من الدول الراعية، ولكن من الدول الفاشلة، والدول المارقة. كما أن درجة خوف الجمهور من البيروقراطيين الذين يمتلكون قدراً كبيراً من السلطة أصبح أقل من درجة خوفهم من القوي غير المتحكم فيها والتي خرجت من نطاق السيطرة: مثل الهجرة، والدَّين الفيدرالي، والطائفية العراقية، والراديكالية الإسلامية، والنفعية التجارية الصينية، والغضب المحلي، والاستقطاب.
والمجتمع الأمريكي الآن لا يشعر بأنه راكد بقدر ما يشعر بأنه مجزَّأ. فالمؤسسات المركزية السلطوية التي يفترض أنها تقوم بتنظيم عمليات الإغاثة من الإعصار، وجمع المعلومات، وتحويل مشاريع القوانين إلي قوانين، لا يبدو أنها تؤدي وظائفها علي النحو المطلوب. والتحدي الرئيسي الذي يواجه المجتمع اليوم هو استرداد مراكز السلطة الشرعية. وقد استطاع أفراد الطبقة المتوسطة من سكان الضواحي إدراك هذا التحول بسرعة أكبر بكثير من "المحافظين" المهنيين في واشنطن.
إن ما كان الشعب الأمريكي يريده ويتمناه عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر هو نوع من "الجيوليانية" ولكن علي المستوي العالمي -أي أنه كان يريد شخصاً، واثقاً من نفسه، ولديه قدرة علي الحسم تكفي لقيامه بالاضطلاع بالسلطة، واتخاذ مواقف تبدو غير قابلة للتحكم فيها، كي يجعلها تحت السيطرة في النهاية.
كان بوش من نواحٍ عديدة حساساً للطبيعة المتغيرة للعصر، ولكن مشكلته تكمن في أنه لم يؤمن أبداً بأن وظيفته كرئيس تتطلب منه تخفيض حجم الحكومة من أجل تعزيز الحرية. وهو لم يعِد أبداً بتخفيض حجم الحكومة. كما أن إصلاحاته التعليمية لم تؤدِّ إلي تعزيز الخيار الفردي، وإنما قامت بتحويل الحكومة الفيدرالية إلي شرطي مسئول عن المحاسبة والمساءلة.
ومنذ الحادي عشر من سبتمبر، سعي بوش بكل ما يملك من عزم إلي تعزيز سلطته، حيث مارس السلطة التنفيذية، وأنشأ وزارة للأمن الداخلي، وحاول تغيير وزارة الداخلية و"السي آي إيه"، كما حاول أن يتدخل بشكل عدواني في الشرق الأوسط كي يوقف انحداره السريع نحو الراديكالية، ويعكس اتجاه الأمور فيه إلي الناحية المقابلة. وفي إحدي مقالات الرأي كتب "دانيال كاس" يصف هذه المقاربة من جانب بوش بأنها نوع من التوجهات "المحافِظة" الحكومية القوية.
ولكن بوش، حتي وهو يقوم بذلك لم يكن قد أفاق تماماً من تأثيرات "الأيديولوجية المحافظة" القديمة لم يشعر أبداً بالراحة مع الحكومة ومؤسساتها. وكما كتب "فريد بارنز" في كتابه الموسوم ب "رئيس المتمردين"، فإن بوش وفريقه يعملان في واشنطن كجيش احتلال مكون من متمردين "غرباء في مملكة الطبقة الحاكمة". بل إن بوش الحالِم دائماً قال ذات مرة لبارنز إن اهتمامه ليس بالوسائل ولكن بالنتائج".
ولكن فن قيادة الدولة في جوهره يتمثل في القدرة علي فهم العلاقة بين الوسائل الموجودة في متناول يد القائد والغايات التي يسعي إلي تحقيقها. لقد واجه بوش مشكلة في ممارسة السلطة، لأنه هو وبعض مستشاريه كانوا مستنكفين من أو معادين لمؤسسات السلطة الشرعية في بلاده وهي سلطات لا يمكن الهروب منها.
إن المهمة الأولي لأية إدارة جمهورية، هي التوصل إلي الكيفية التي يمكن بها استخدام الأجهزة الحكومية التي يعمل بها أناس قد يكونون ليبراليين ولكنهم أيضاً مهنيون. إلا البيت الأبيض المسيطر عليه بقوة في عهد بوش لم يفعل ذلك بنجاح. فهل هناك شخص يستطيع أن يتخيل وجود وظيفة لا يلقي من ورائها غير نكران الجميل أكثر من وظيفة يمكن أن يحصل عليها في مجلس وزراء بوش (ما لم يتصادف وكان هذا الشخص هو دونالد رامسفيلد).
علاوة علي ذلك فإن بوش وفريقه لم يتقاسما المعلومات مع الأشخاص الذين يتقاسمان معهم السلطة. وفي النهاية، فإنهم لم يحترموا الحكومة بدرجة تسمح لهم بأن يفهموا أن الحكومة القوية هي تلك التي كان يجب إقامتها في عراق ما بعد الحرب.
لدي بوش وفريقه الكثير من الإيمان بالنظام الاجتماعي العفوي أو التلقائي، وهو أسطورة ليبرالية عن الفكر الحر والمبادرات الفردية تنتمي إلي عقد الثمانينيات، ولكن الأحداث والوقائع التي تلت ذلك العقد جاءت لتنقضها.
لما يزيد علي مائة عام انخرطنا في جدال حول القدرة الاقتصادية للدولة ومدي نفوذها في هذا المجال، أما المناقشة التالية لهذه المناقشة فهي تلك التي ستدور حول الأماكن التي يجب أن تقيم الدولة عندها حواجز حماية للوقاية من السقوط في عالم متحرك ومتشظٍّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.