أكد المهندس حسن صقر أن الفرق والمنتخبات المصرية لن تنسحب أمام الجزائر في المنافسات الدولية والقارية علي خلفية الأحداث التي واكبت اللقاء الفاصل بين منتخبي كرة القدم في أم درمان, والتي كشفت أيضا عن عدة ثغرات في التعامل مع الحدث, وقد تم رصد الأخطاء كلها بدقة. وتناول في حديث شامل مع الأهرام الرياضي تنشره في عددها الصادر اليوم يتطرق خلاله للمشكلات الرياضية المصرية وعلاجها من خلال خطط رصدت لها الدولة أكثر من مليار جنيه بعد تحليل أسباب اخفاق بكين والسعي لاستعادة بريق الميداليات الأوليمبية من خلال توسيع قاعدة الممارسة وتطوير البنية الأساسية بالتوسع في إنشاء الملاعب والصالات ومراكز التميز الرياضي في المحافظات لاكتشاف الأبطال وأصحاب المواهب. * الأحداث ملتهبة حول كرة القدم داخل الاتحاد.. انتصارات أعقبها انهيار حلم المونديال وأزمة مست الكرامة والكبرياء.. كيف تنظرون إليها؟ كرة القدم هي أم المعارك علي الساحة الرياضية بكل ما تمثله من شعبية واهتمام واسع, جعلها أحد مصادر سعادة الشعب بكل قطاعاته, وفي لقاء الرابع عشر من نوفمبر قدم المنتخب مباراة جيدة جدا وفاز علي الجزائربالقاهرة, وصعد للقاء الفاصل في استاد المريخ بأم درمان.. وتأكد للجميع قدرة المصري علي مواصلة التحدي وتحقيق الانتصار. * ولكن لماذا انهار كل شيء فجأة بداية من التنظيم والإعداد للمواجهة الفاصلة وارتكاب أخطاء فنية وإدارية ترقي إلي مستوي التقاعس؟ نعم كانت هناك أخطاء في كثير من القرارات, ويمكن أن نشير إلي عيوب في التشكيل وطريقة الأداء في مباراة أو مباراتين أو طريقة عمل البعثة وتحركها وأدائها في مواجهة أحداث لم تكن متوقعة علي النحو الذي رأيناه, كما غاب البعد الأمني عن التقديرات لكل ما يجري هناك, إلا أن الاتحاد أدي دوره واختار ملعب اللقاء وفقا لرؤية الجهاز الفني( وهذا حقه). * هل رصد المجلس القومي للرياضة أخطاء ما حدث في الخرطوم وحدد أدوار المقصرين فيها؟ الدراسة مازالت جارية ولا يجب أن نتوقف أمامها( الآن) حتي لا تزيد الخسائر والانهيارات, خاصة أن أمامنا مهام جساما في شئون الرياضة وأيضا كرة القدم.. كما أن ما حدث في الخرطوم شكل مفاجأة صادمة رغم كل ما قيل وتردد عن تقديرات أو معلومات. * هل كان اختيار الملعب مناسبا؟ إذا عادت الكرة مرات أخري مصر لا يمكن أن تتجاوز السودان في اختيارها, والشعب المصري كله إذا استفتيته في الأمر ذاته لاختار الخرطوم لاعتبارات أكبر وأعظم وأهم من كرة القدم.. ولكن دعني أؤكد أن النتيجة النهائية حتما ستكون مختلفة بمراعاة الاعتبارات الأمنية وأشياء أخري تتعلق بالتنظيم وعدم الإفراط في الفرح مبكرا, وحسن الظن بسلوك الآخرين بعد حالة الشحن والانفلات التي بدت ثم تأكد أنها بلا حدود. * ماذا عن مستقبل العلاقات مع الجزائر التي تأثرت علي المستوي العام عقب الفتنة الرياضية ؟ الجزائر دولة شقيقة وستبقي كذلك.. ولا يجب أن نحمل المواقف أكثر مما تحتمل.. هناك خطأ حدث وترتب عليه غضب عارم في الشارع المصري, وغصة في القلب لما حدث علي أرض السودان.. ومصر الكبيرة لا يمكن أن تتخلي عن مسئولياتها أو مكانتها.. ولابد أن نعطي القنوات السياسية والدبلوماسية فرصة إعادة الأمور لأصلها مرة أخري. * هذه المعاني تتعارض مع دعاوي وقرارات المقاطعة الشاملة التي ترددت في الأسابيع الأخيرة, وتم التراجع عن بعضها؟ هناك46 لعبة واتحادا معرضة في كل وقت للقاء منافسين من الجزائر في البلدين أو علي أرض ثالثة, وفي نفس الوقت أصبحت الرياضة( بعد الأحداث) أشبه بالبورصة التي تخضع لاعتبارات التعامل اليومي صعودا وهبوطا وتأثرا بما يقال أو يتردد بما في ذلك الشائعات والأكاذيب. كل ما حرصنا عليه هو إيقاف التدهور في الموقف, والتصعيد في الأحداث والإضافة إليها, وحصار الغضب والامتناع مؤقتا عن اللقاءات الودية والبطولات التي لا يترتب عليها تأهيل لمناسبات عالمية أو دولية, أو بالأحري الابتعاد ولكن بما لا يضر بمكانة مصر الدولية. * هناك احتمال للقاء جديد في أنجولا إذا ما وصل المنتخبان للدور قبل النهائي في كأس الأمم الأفريقية فهل نقرر الانسحاب أمامهم؟! الانسحاب جائز في لقاءات غير رسمية حتي لو كانت لها صفة الدولية مثل بطولة شرم الشيخ أو علي مستوي شمال أفريقيا بهدف تخفيف الاحتقان, أما اللقاءات الرسمية الدولية فنحن قادرون علي المنافسة والفوز بها وهذا أجدي لاسترداد بعض حقنا.. وبهذا المنطق كان الموقف من بطولة أفريقيا لكرة اليد, فكرنا في نقلها من القاهرة إلي تونس أو المغرب, وعندما بدأت تحركات يمكن أن تضر أعدناها في صراحة ووضوح ودون أدني تردد دون أن نتجاوز مبدأ الحد من الاحتقان مع تأكيد جدارة مصر بالتنظيم والفوز بالبطولة والحصول علي مقعد القارة في بطولة كأس العالم وهو هدف لا يجب التنازل عنه. * نترك ملف أم المعارك.. وصراعات كرة القدم وأحداثها المشتعلة وننتقل إلي قمة الهرم الرياضي.. ماذا بقي لمصر من الحلم الأوليمبي؟ الحديث عن الميدالية الأوليمبية يأخذنا مباشرة إلي الألعاب الفردية.. ومشكلاتنا معها التي غابت عن فكر البعض أننا ابتعدنا عن منصات التتويج عقودا طويلة حتي فوجئنا بفضية محمد علي رشوان عام1984 في الجودو وبعده بعشرين عاما كانت المفاجأة الأكبر في أثينا2004 والتي أكد رئيس اللجنة الأوليمبية السابق أنها تحققت بالمصادفة وليست نتاج تخطيط علمي. وأضاف: وضع د. علي الدين هلال فكرة مشروع البطل الأوليمبي كعمل رائع ومتميز لمدة ثمانية عشر شهرا وإذا قدر له أن ينفذ بطريقة صحيحة لأسفر عن نتائج أعظم,و أن كان المشروع الأصلي يحتاج إلي تطوير دائم وتوسيع في القاعدة من خلال تخطيط وامتداد في المحافظات لاكتشاف المواهب ليزداد الرقم إلي300 و400 بطل في دائرة المنافسة, فضلا عن تواصل الرعاية وزيادتها.. وهو ما لم يحدث أيضا فظهرت المشكلات والصراعات. * ولكنكم بدأتم المهمة علي قاعدة إنجاز بكين ونواة قريبة من المنافسة وعدنا من بكين ببرونزية واحدة للجودو؟ عندما تولينا المسئولية بدأنا في استكمال المشروع وكل ما لدينا خمسة عشر لاعبا يعانون من مشكلات مستعصية علي الحل وصراعات لا حدود لها وتناحر.. أي أن الوقت لم يكن مناسبا لصناعة بطل أوليمبي.. فاخترنا الحل الأصعب والذي يعيد صياغة مستقبل الرياضة المصرية من خلال توسيع القاعدة وكان طبيعيا أن تصطدم بأهواء ومصالح أخري.. واشتدت قسوة الإعلام علي نتائج بكين واختزل البعض كل جهود الرياضة المصرية في ميدالية وكأننا نطالب شخصا بالحصول علي جائزة نوبل في العلوم أو الآداب, وهو أصلا لا يجيد القراءة والكتابة وهذه هي حقيقة الوضع في ظل غياب الرياضة المدرسية وتراجع ثقافة الممارسة وتآكل البنية الأساسية واختزال الجمعيات العمومية للاتحادات في7 أو8 أندية ممارسة وهي فضيحة. * هل يعني هذا أن تتوقف تطلعاتنا ومشاركاتنا في المناسبات العالمية والأوليمبية حتي تعود الرياضة إلي المدارس؟ من اللحظة الأولي وضعنا أيدينا علي المشكلة وعلاجها من خلال أفكار شديدة الدقة والوضوح, وانتهينا فيها إلي أن الرياضة كما يعرفها العالم تبدأ بالممارسة العامة ومنها إلي البطولات المحلية والعربية والأفريقية والمتوسطية وصولا إلي العالمية وتنتهي هذه المخرجات إلي تكوين البطل الأوليمبي, وليس عدلا أن أختزل الرياضة بالقول إن لم تكن بطلا أوليمبيا فلست رياضيا. .. انتظرنا حتي انتهي عمل لجنة ملف بكين ودراساتها وأبحاثها واستكملنا أفكارنا في إطار مشروع التميز الرياضي, وأقره المجلس القومي للرياضة ووافق عليه مجلس الوزراء واعتمد له ميزانية(318 مليون جنيه علي خمس سنوات) بهدف تحقيق ثماره في أوليمبياد2016 مرورا بلندن2012, وهي في حسابنا محطة وليست الهدف الرئيسي.. ويستند المشروع إلي قاعدة قوامها300 إلي400 بطل في كل لعبة فردية. * هل يعني هذا أن علينا أن ننتظر صفرا جديدا في أوليمبياد لندن عام2012 ؟ لدينا العناصر الباقية من مشروع البطل الأوليمبي, وانضم إليهم المواهب والقدرات الواعدة بما يزيد علي30 بطلا نتابعهم كل يوم بانتظام ودقة مع الاتحادات ونوفر لهم الاعتمادات دون تأخير ونواجه مشكلاتهم أولا بأول والدولة لا تبخل ولا تتباطأ في توفير الخبرات التدريبية أو المعسكرات الخارجية( متي طلب منها) وفي ذات الوقت نعمل بكل جد وهمة ونضع ركائز المستقبل من خلال عشرة مراكز( مشروع التميز) في عشر محافظات اختارها خبراء المجلس القومي للرياضة وعلماء وأساتذة التربية الرياضية. * هناك هاجس تؤكده تحركات مشبوهة داخل الحقل الرياضي تهدف إلي السيطرة علي مشروع التميز؟ .. وضعنا الضوابط الكاملة للمحافظة علي استقلالية المشروع وضمان استمراره بعيدا عن انفراد أي جهة أو مجموعة أو اتحادات أو لجنة, وضم مجلس إدارته مجموعة من الخبراء المحترفين المستقلين. * الكابتن حسن صقر عليك عبء مزدوج باعتبارك المسئول السياسي الأول عن الرياضة, ولكونك أول رياضي صعد كل درجات العمل الفني والإداري وخبر أسرار الإخفاق وأسباب النجاح قبل أن يتولي المسئولية.. ومن اللحظة الأولي واجهت أكبر عدد من الدعاوي والقضايا.. ومازال هناك أمل في أن تدرك الرياضة المصرية سبيل الإصلاح معكم في الشهور المقبلة.. نشكركم علي سعة صدركم.