من فضيحة إلي فضيحة تمضي إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش فيا العراق وأفغانستان الدولتان اللتان نكبتا بالاحتلال الأمريكي بذريعة الحرب علي الإرهاب.. فبعدما زلزل الضمير الانساني بتأثير فضيحة الانتهاكات الجسدية والجنسية التي تعرض لها سجناء معتقل أبوغريب عاد ليرتعد مجددا من هول مجزرة حديثه وقبلها قصف مدينة الفلوجة وقتل الابرياء من النساء والأطفال والشيوخ وهو نفس السيناريو الذي شهدته أفغانستان بداية من قصف قلعة كارنيجي وليس انتهاء باقدام ثلاثة سجناء بمعتقل جوانتانامو - سعودي ويمني - علي الانتحار يأسًا من عدالة الولاياتالمتحدة التي تسوق نفسها في العالم كمدافع أول عن حقوق الانسان حول العالم.. بل ذهبت إلي حد استخراج شهادة حسن سير وسلوك لسائر بلدان العالم عبر التقرير السنوي الذي تعده وزارة الخارجية الأمريكية لتقييم أوضاع حقوق الانسان في المعمورة.. وعادة ما توظفه لخدمة أغراضها السياسية وتصفية حساباتها مع الخصوم السياسيين علي غرار ما حدث مع التقرير الأخير الذي صدر الأسبوع الماضي وأدرج سوريا وإيران علي رأس اللائحة السوداء للمتاجرين بالبشر.. والمعني أن سياسات الدولتين الحليفتين لا تروق لادارة الرئيس بوش وصقوره في البنتاجون والخارجية. أسطورة الزرقاوي المهم أن إدارة بوش التي هللت لاغتيال أبو مصعب الزرقاوي الذي حولته بنفسها إلي "أسطورة" من الارهاب الخالص لم يتواصل عرسها بهذه المناسبة التي أرادت تحويلها إلي نقطة تحول في حربها المزعومة علي الارهاب حيث أوقف زخم هذه الاحتفالات إقدام ثلاثة سجناء بمعتقل جوانتانامو بكوبا علي الانتحار ليأسهم من الحصول علي محاكمة عادلة.. وبعدما ذاقوا كل ألوان العذاب طوال 4 سنوات دون أن يقدموا ضمن 4 اخرين إلي المحاكمة في أقوي مخالفة للقوانين الدولية واتفاقيات جنيف.. حتي صار هذا المعتقل شاهدًا علي غطرسة القوة العظمي الوحيدة في عالم اليوم.. وصار أهم مصادر جلب "العار" لكل ما هو أمريكي. ومن المؤكد أن اول نجاح لعملية انتحار جماعي داخل سجن جوانتانامو.. فجرت فضيحة جديدة لم يكن الرئيس بوش في حاجة إليها مع استمرار تدهور شعبيته.. كما انها جاءت في توقيت سييء للغاية وبعد أيام قليلة فقط من مجزرة حديثة التي راح ضحيتها 24 عراقيا في جريمة بشعة تسببت في أول ازمة مع حكومة نوري المالكي التي رفضت الموافقة علي تبرئة الجنود الأمريكيين، وأصرت علي فتح تحقيق مستقل في الحادثة ومع اعتذار أمريكا وتعويض الضحايا الأبرياء. حرب خاسرة وبسرعة البرق.. تناقلت وكالات الأنباء والصحف العالمية أصداء احدث فضيحة تتعرض لها إدارة الرئيس بوش علي هامش حربه ضد الارهاب وهي الحرب التي أضرت بهيبة ومكانة الولاياتالمتحدة لدي الأصدقاء قبل الأعداء ولطخت سمعتنا بتأثير آلاف الأخطاء التي ارتكبت باعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في العراق، وباعتراف الرئيس بوش وحليفة الأوثق توني بلير اللذين أجمعا علي أن ابو غريب اسوأ اخطائهما في العراق.. لكن حديثه وأخواتها صارت وباعتراف عدد كبير من المعلقين والمحللين ذات تداعيات أخطر وأعمق من أبو غريب. ومن المؤكد أيضًا أن فضيحة انتحار سجناء جوانتانامو سيفجر عشرات الأسئلة حول ظروف وملابسات الاعتقال والمعاملة التي يتعرض لها السجناء مما دفع ثلاثة منهم إلي الانتحار. فيما أحبط حراس السجن عشرات المحاولات المماثلة، وأجبروا السجناء علي انهاء إضرابهم عن الطعام عبر إطعامهم عبر الحقن. موقف حرج وفي هذا السياق علقت الصحف الفرنسية الصادرة علي انتحار ثلاثة معتقلين في جوانتانامو لاول مرة منذ انشاء المعتقل مما وضع الرئيس الامريكي جورج بوش في موقف بالغ الحرج. وقالت صحيفة "لو فيجارو" إنه "علي الرغم من أن مصير سجناء جوانتانامو لا يثير الشفقة نظرا لماضيهم الاجرامي .. الا أن ظروف الاحتجاز في هذا المعتقل ووجوده نفسه في حد ذاته، يلقي بظلال قاتمة علي صورة هذه الديمقراطية الجميلة التي هي الولاياتالمتحدة .. ومتي أن يعلن رسميا عن أن وجود هذا المعتقل مخالف للدستور الامريكي حتي يفرض اللجوء الي القضاء المدني نفسه علي الساحة" . وطالبت الصحيفة الرئيس الامريكي جورج بوش بالخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه ونصبه لنفسه قبل شهور فقط من انتخابات منتصف المدة التي تعتبر نتيجتها رئيسية بالنسبة للجمهوريين .. فهو لا يمكن ان ينصب نفسه مدافعا ومناديا بالديمقراطية في العالم، وبخاصة في الشرق الاوسط، في الوقت الذي يسمح فيه بنظام هو خارج نطاق اي قانون . وقالت الصحيفة "صحيح أن محاربة الارهاب يجب ان تكون بلا رحمة او هوادة .. لكن الغاية لا تبرر كل الوسائل .. خاصة عندما تخدم هذه الوسائل الجنون الدامي لاعداء الحرية وتدفعهم دفعا الي المغالاة". وذكرت صحيفة "نيس ماتان" ان "الولاياتالمتحدة ما كادت تهلل لوفاة ابو مصعب الزرقاوي في العراق وتري فيها انتصارا، الا ووجدت نفسها امام انتحار ثلاثة من بين 460 معتقلا في جوانتانامو منذ عام 2002 .. ليري العالم اجمع في ذلك فشلا بل وهزيمة للولايات المتحدة . وقالت الصحيفة "واذا كان الحدثان يعكسان الصعوبة البالغة التي تواجه الولاياتالمتحدة في ايجاد الوسائل والسبل الكفيلة بمحاربة الاتجاه الاسلامي، فان حوادث الانتحار في جوانتانامو توجه الي الولاياتالمتحدة ضربة من نوع اخر . واضافت الصحيفة "ذلك انه سواء كانت الحوادث هي انتحار او غيرذلك، فان مشكلة الحريات وتعارض ما يحدث مع القيم التي تدعي الولاياتالمتحدة انها تدافع عنها، لا يمكن الا ان تشير الي ان "معسكر الخير" (الامريكي المزعوم ) ليس علي ما يرام سواء من الناحية العسكرية او الاخلاقية". وذكرت صحيفة "لا نوفل ريبوبليك" بدورها ان "وجود معسكر دلتا مازال يثير علامة استفهام قانونية كبري ذلك انه علي مدي اربعة اعوام ونصف عام من وجود معتقل جوانتانامو لم يخرج منه اي ما يثبت امام العالم اجمع انه كانت هناك ضرورة لاختراعه .. قالت الصحيفة "وربما ادي انتحار المعتقلين الثلاثة الي التعجيل بعملية اغلاقه،لان الولاياتالمتحدة محتم عليها ان تقرر ذلك في نهاية الامر ... وربما يساعد الاتحاد الاوروبي علي ذلك بافهام الحليف الامريكي انه الحل الوحيد القائم الان".