بعيدا عن التصريحات الدبلوماسيةالهادئة التي اعقبت القمة الأمريكية - الصينية في واشنطن انتهت أول قمة بين الرئيسين الأمريكي جورج بوش والصيني هو جينتاو وبقيت الخلافات بين العملاقين النوويين بشأن ملف إيران النووي وتايوان وحقوق الانسان وقانون الملكية الفكرية. وفي هذا السياق جاء تأكيد الرئيسان الأمريكي والصيني خلال لقائهما الاول في البيت الابيض، تصميمهما علي تجاوز خلافاتهما حول قضايا شائكة مثل الازمة النووية الايرانية والعجز في المبادلات التجارية. لكن هذه الخلافات تجلت بوضوح في تصريحي الرئيسين خلال حفل الاستقبال الذي اقيم للرئيس الصيني في حديقة البيت الابيض. ودعا بوش الذي لا يستبعد استخدام القوة ضد طهران، الي تعاون وثيق بين الولاياتالمتحدة والصين لمعالجة الازمة النووية الايرانية، وطلب من جينتاو استخدام "تأثيره القوي" علي كوريا الشمالية بهدف الحصول علي "تقدم ذي دلالة" من بيونغ يانغ في ما يتصل ببرنامجها النووي. ورد الرئيس الصيني الذي يزور الولاياتالمتحدة لاربعة ايام، ان بلاده تؤيد مقاربة "دبلوماسية وسلمية" لمعالجة هذين الملفين. وقال بوش في ختام اللقاء انه بحث مع الرئيس الصيني استخدام الفصل السابع من شرعة الاممالمتحدة الذي يتيح فرض عقوبات علي ايران يمكن ان تصل الي استخدم القوة. ولكن بوش لم يشر الي انه توصل الي اقناع الرئيس الصيني الذي تعارض بلاده فرض عقوبات علي ايران. وقال بوش ان لدي الولاياتالمتحدة والصين "هدفا مشتركا" يتمثل في منع ايران من حيازة السلاح النووي. وعن سبل التوصل الي ذلك، قال بوش ان "احدي الوسائل التكتيكية التي تحدثت عنها مع الرئيس هي استخدام الفصل السابع" من شرعة الاممالمتحدة "لتوجيه رسالة مشتركة الي الايرانيين ان الصين والولاياتالمتحدة والترويكا الاوروبية تشعر جميعا بقلق عميق ازاء تطلعات ايران". ولم يعول بوش طبعا علي التدخل غير المتوقع لناشطة في حركة فالونغونغ الدينية المحظورة، نجحت في اختراق الجهاز الامني للرئاسة الأمريكية، لدعم تصريحه حول حقوق الانسان في الصين. اما جينتاو الذي بدا عليه الاستياء فرفع صوته لعله يعلو علي صوت المعارضة التي هتفت "فالونغونغ جيدة"، طالبة من بوش ان يتدخل لمصلحة حركتها، وسرعان ما اخرجتها الاجهزة الامنية في البيت الابيض. وكان بوش اعلن قبل ذلك ان "الصين باتت مزدهرة لان الصينيين يتمتعون بحرية شراء المنتجات وبيعها، والصين يمكنها تطوير نجاحها عبر منح الشعب الصيني حرية التجمع والتعبير وممارسة المعتقد". وخلال مداخلتي الرئيسين، تجمع نحو 500 متظاهر خلف سور البيت الابيض، بعضهم احتجاجا علي انعدام الحريات في الصين، والبعض الاخر دعما للرئيس الصيني. ومن المسائل الكبري التي يختلف عليها الزعيمان قضية تايوان، وكرر بوش في هذا السياق سياسة "الصين الواحدة" التي تعتمدها الولاياتالمتحدة، مبديا معارضته اي تحرك احادي من جانب الصين او تايوان لتبديل الوضع الراهن. وقال "نعارض كل التغييرات الاحادية الجانب للوضع الراهن في تايوان من اي جهة اتت، وندعو الطرفين بحزم الي تفادي اي تحرك يتسبب بمواجهة او استفزاز". ورد نظيره الصيني ان "تايوان تشكل جزءا لا يتجزأ من الاراضي الصينية، وسنواصل بذل كل جهودنا والقيام بكل المبادرات بكل صدق بهدف اعادة توحيد سلمية لضفتي مضيق تايوان". واضاف "لن ندع احدا يسمح لتايوان بان تنشق عن الصين مهما كانت الطريقة". وفي ما يتصل بملف العلاقات التجارية الحساس، اكد جينتاو ان بكين ستواصل اصلاح نظام الصرف لديها وستتخذ تدابير لتسهيل الوصول التجاري الي اسواقها. وقال "سنواصل التقدم علي صعيد اصلاح نظام الصرف واتخاذ اجراءات ايجابية لجهة بلوغ الاسواق وزيادة الواردات وتعزيز حقوق الملكية". كذلك، وعد بتحقيق تقدم "لتطوير التعاون والتجارة بين الولاياتالمتحدة والصين". وبعد اللقاء، اعرب الرئيس الأمريكي عن امله ان تعمد الصين الي زيادة سعر عملتها امام الدولار والعملات الاخري، وقال للصحافيين "نامل مزيدا من التحسين في سعر صرف عملتهم". ومنذ اشهر، تلح الولاياتالمتحدة علي بكين ان تعيد تقويم سعر صرف عملتها بهدف تصحيح الخلل في مبادلاتها التجارية مع الصين، والذي تجلي عام 2005 في عجز ناهزت قيمته 202 مليار دولار. وفي نفس الإطار قالت إيران إنها مستعدة للرد علي أي هجوم خارجي يستهدفها في الوقت الراهن علي خلفية برنامجها النووي المثير للجدل. وقال رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال عبد الرحيم موسوي إن بلاده "ستتصدي بقوة للمعتدين عليها أيا كانت هويتهم وموقعهم"، مؤكدا أن المعتدين لن ينسوا عواقب أي عدوان علي إيران. وتأتي هذه التصريحات بعد نحو 24 ساعة علي تلويح واشنطن مجددا بإمكانية اللجوء للخيار العسكري لإيقاف برنامج إيران النووي إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية. جاء ذلك علي لسان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس التي أكدت أنه إذا تعذر التوصل إلي تسوية في إطار الأممالمتحدة، فإن الولاياتالمتحدة "قادرة تماما إذا تطلب الوضع ذلك، علي التدخل عسكريا وحدها أو مع تحالف دولي". في مقابل ذلك ترفض روسيا اللجوء إلي القوة لحل الأزمة التي يثيرها البرنامج النووي الإيراني، وتؤكد في نفس الوقت أنها "لن تشارك بقواتها مع أي جانب" في حال حصول تدخل عسكري. كما ترفض باكستان استعمال القوة ضد جارتها إيران. وبدوره عبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك أثناء زيارته مصر أمس عن رفضه لأي عمل عسكري ضد إيران ودعا إلي حل الأزمة مع طهران بالطرق الدبلوماسية.