يعزو علماء البيئة تلاحق الموجات الحارة، وازدياد معدل الاعاصير التي ضربت ارقاما قياسية في كل من الولاياتالمتحدة واليابان في الاعوام القليلة الماضية، الي الزيادة المطردة في درجة حرارة الكون التي تنتج عما بات يعرف بظاهرة "الاحتباس الحراري"، وهي الظاهرة التي تنتج عن زيادة تركيز غاز ثاني اكسيد الكربون وبعض الغازات الاخري في غلاف الكرة الارضية، والظاهرة تعرف ايضا ببيت المزروعات او "الصوبة الزراعية" (GREEN HOUSE). ونعني بها هنا الغطاء الذي يستخدمه المزارع لعمل خيمة فوق المزروعات في فصل الشتاء لتدفئتها بحبس الحرارة داخل الخيمة ومنع تسربها للجو الخارجي، وهو بالضبط ما يعنيه العلماء بظاهرة الاحتباس الحراري او الدفء العالمي او بالانجليزية (GLOBAL WARMING)، فغاز ثاني اكسيد الكربون الذي نحن بصدد الحديث عنه، بالاضافة لبعض الغازات الاخري تشكل تلك الخيمة الكبيرة التي تحيط بكوكبنا الأرضي مسببة احتباس حرارتها داخلها، وغاز ثاني اكسيد الكربون يأتي علي رأس العوامل التي تساهم في تفاقم المشكلة اذ انه يتحمل بمفرده اكثر من نصف اسبابها. وهو غاز ينتجه الانسان ايضا في عملية الزفير التي يخرج خلالها الهواء من صدورنا بعد ان تأخذ منه الرئتان الاكسجين وتعطياه بدلا منه ثاني اكسيد الكربون، ولكن المساهم الاساسي في انبعاث هذا الغاز هو احتراقا لوقود في محركات السيارات بأنواعها المختلفة وخاصة تلك التي تعمل بوقود الجازولين "البنزين" او وقود الديزل "السولار"، فالسيارة متوسطة الحجم اذا ما دار محركها لمدة ساعة واحدة يوميا فإنها تنفث في العام الواحد ما لا يقل عن 5 اطنان من هذا الغاز، فإذا ما اخذنا في الاعتبار ملايين السيارات التي تجري في طرقات عالمنا، يصبح مجموع ما تتنفسه تلك السيارات في جو الأرض المسكينة رقما مخيفا بل مرعبا، ومن اسباب تفاقم المشكلة ايضا هو تناقص الغابات حول العالم بما تحويه من اشجار ضخمة، وهي التي تتنفس بطريقة عكسية تماما لتنفس الانسان حيث تستنشق ثاني اكسيد الكربون وتخرج لنا الاكسجين، وقد زادت درجة حرارة الارض في السنوات الاخيرة بمعدلات اكبر مما كان يتوقع لها نتيجة لتفاقم مشكلة الاحتباس الحراري، نظرا لتوافر بعض المصادر الاخري التي تساهم في انبعاث غاز ثاني اكسيد الكربون مثل محطات توليد الطاقة ومحركات الطائرات التي تحرق آلافا وربما ملايين الاطنان من الوقود يوميا، والغريب ان العالم الصناعي الاول يمضي قدما نحو دماره، فهو لا يألو جهدا لاختراع كل ما من شأنه القضاء علي بيئته التي وهبها الله له نظيفة جميلة، والمشكلة الاساسية تكمن في ان التخلص من غاز ثاني اكسيد الكربون او حتي الإقلال منه امر بالغ الصعوبة خاصة مع الاستمرار في النمو المطرد في عدد السيارات التي تنتج سنويا، لأن العلماء لم يستطيعوا ان يتوصلوا لطريقة تمكنهم من التخلص من هذا الغاز حتي الآن كما فعلوا مع شقيقه القاتل المعروف بأول اكسيد الكربون، وكل ما نستطيع عمله هو التحول الي السيارات الكهربائية او تلك التي تعمل بخلايا الوقود، وهي تكنولوجيا متقدمة لا يمكننا التعاطي معها علي نطاق واسع الآن، والأهم في بلداننا النامية ان نركز جهودنا علي ما نستطيع عمله، وهو ان نزرع في كل شبر من الارض شجرة لكي تكون لنا الامل والحل في عالم تضاءلت فيه الحلول، والي ان يتم ذلك، علينا ان نتحمل التغيرات الجوية بموجاتها المتلاحقة، وعليهم هناك في العالم الاول ان يجنوا ثمار ما زرعته ايديهم، وان يتحسبوا للمزيد من الاعاصير العاتية التي انتهي موسمها الماضي في نوفمبر، لكن الموسم الجديد آت لا محالة في يونيو وربنا يستر.