مجلس الوزراء: الدولة لديها خطة لزيادة الأجور وتثبيت أسعار السلع.. والتحسن خلال عامين    رئيس الوزراء: خطة واضحة لخفض الدين الخارجي إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي    مكتبة القاهرة الكبرى تشارك في لقاء ثقافي حول تخصص المكتبات ومراكز المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي    العراق: التوسع في الرقعة الزراعية مع هطول أمطار غزيرة    باكستان: دول معادية وراء مزاعم خاطئة تربط البلاد بحادث إطلاق النار في إستراليا    متحدث اللجنة المصرية بغزة: نقلنا العائلات لمنازلهم في الجنوب مجانا ونجهز أكبر مخيم بالقطاع    بعثة منتخب مصر تصل أكادير استعدادًا للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية بالمغرب    استنفار كامل للأجهزة التنفيذية والأمنية بموقع انهيار عقار غرب المنيا    بصورة تجمعهما.. محمد إمام ينهي شائعات خلافه مع عمر متولي بسبب شمس الزناتي    أبناء قراء القرآن يتحفظون على تجسيد سيرة الآباء والأجداد دراميًا    يوتيوب تشتري حقوق بث حفل جوائز الأوسكار بدءا من 2029 وحتى 2033    إصابة نورهان بوعكة صحية أثناء تكريمها بالمغرب    باريس سان جيرمان يتوج بطلا لكأس إنتركونتيننتال    جامعة الإسكندرية تستقبل رئيس قسم الهندسة الحيوية بجامعة لويفل الأمريكية    ماذا حدث داخل الشقة فجرًا؟| تفاصيل جديدة حول وفاة نيفين مندور    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    31 ديسمبر النطق بالحكم فى الاستئناف على براءة المتهمين بقضية مسن السويس    رسميًا.. إنتر ميامى يجدد عقد لويس سواريز حتى نهاية موسم 2026    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    السلاح يضيف 7 ميداليات جديدة لمصر في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    نجوم الفن فى عزاء إيمان إمام شقيقة الزعيم أرملة مصطفى متولى    رئيس إذاعه القرآن الكريم السابق: القرآن بأصوات المصريين هبة باقية ليوم الدين    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    حين تغرق الأحلام..!    عون: التفاوض لحماية لبنان لا للتنازل ومصلحة الوطن فوق الحسابات    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    الأهلي يحسم ملف تجديد عقود 6 لاعبين ويترقب تغييرات في قائمة الأجانب    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    إيكتيكي: أشعر بأنني في بيتي مع ليفربول والضغوط دليل النجاح    ريال مدريد يبدأ رحلة كأس ملك إسبانيا بمواجهة تالافيرا في دور ال32    مانشستر سيتي يواجه برينتفورد في مباراة حاسمة بربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية 2025-2026    حقيقة إصابة محيي إسماعيل بالغيبوبة    ضبط 8 متهمين في مشاجرة دندرة بقنا    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    سعر طن حديد التسليح اليوم الأربعاء 17 ديسمبر في مصر    باكستان تمدد حظر تحليق الطائرات الهندية فى مجالها الجوى حتى 24 يناير المقبل    طوابير أمام لجان البساتين للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس النواب    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    الدخان أخطر من النار.. تحذيرات لتفادى حرائق المنازل بعد مصرع نيفين مندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الدنماركية .. وحوار الحضارات
نشر في نهضة مصر يوم 12 - 02 - 2006

عندما كتبت مقالي السابق أطالب فيه المسلمين أن يظهروا وجودهم في مظاهرات سلمية يعبرون بها عن تمسكهم بحقهم في ألا يكون رسول الله موضعا للسخرية والاستهزاء، لم أكن أتوقع أن هذا المقال
حتي قبل أن ينشر، يكون قد تحقق بالفعل، وخرج العالم الاسلامي في غضبة هائلة في كل أنحاء المعمورة. ولكن علي قدر ما كانت فرحتي غامرة بأن الشعوب الاسلامية ما زالت حية، علي قدر ما كان حزني عميقا، وأنا أري الغوغاء تهجم علي السفارات الدنماركية، تحطم بدون عقلانية، وأستمع الي البرامج التليفزيونية الساخنة التي تعلنها حربا شعواء ضد من سموهم أعداء الدين والوطن، وتشعل الكراهية العمياء والغضب الأهوج الشيطاني اذا جاز القول. واستمع الي مثقفين يتهمون الدنمارك وشعبها بالعداء للاسلام.
وتساءلت هل يمكن ان نكون قادرين علي التعبير عن انفسنا، دون أن نتخذ أعداء من العالم حولنا. ان الأحداث التي جرت في الأيام الماضية يجب أن نعيد قراءتها لنستوعب منها حالنا وحال العالم من حولنا. فهي أحداث لها دلالاتها، توضح كيف يري المسلمون أنفسهم، وكيف يراهم غيرهم. ومن ناحية اخري فإنها تنذرنا بأن هناك صداما حضاريا يوشك أن يحدث بين عالمين يتحدث كل منهما بلغة مختلفة ولا يحاول أن يتعلم لغة الآخر. وفي ظل هذا الصمم الحضاري، فإنه من المتوقع أن تشتعل النيران لتحرقنا جميعا. لقد كان صموئيل هانتجنتون مغرضا وبرجماتيا وخبيثا عندما أوضح أن الصراع القادم بعد الحرب الباردة هو صراع الحضارات، ووضع الحضارة الاسلامية في مقابل الحضارة الغربية علي أساس أنهما لن يتفقا أبدا، وأن الغرب يجب أن يكون حذرا من المسلمين. وبالرغم من هذا فلقد كان هناك جانب من الصواب فيما يقول، لأنه قرأ الاسلام في ممارسات بعض الجهلاء من المسلمين الذين لا يتوانون عن تصور أن هناك صراعا مستمرا بين الاسلام والعالم. ولا أدري من أين جاءوا بهذه الأفكار والتصورات، ذلك لأن رسول الاسلام (صلي الله عليه وسلم) لم ير في البشر جميعا الا اخوة في الانسانية، ذهب الي المدينة وتحالف مع اليهود وغير المسلمين، عاقدا معهم معاهدة، سميت بعد ذلك الدستور الأول. وهاجر المسلمون الأوائل الي الحبشة وكان النجاشي مسيحيا، فلقد وجدوا فيه رجلا ورعا مسالما، وأكرم النجاشي وفادتهم، لقد كان النجاشي للمسلمين جزءا من الأسرة الانسانية، ولم يدعوه الرسول الي الرسالة التي يحملها الا بعد أعوام وأعوام، وكانت هذه الدعوة هي دعوة محبة، لأنه من منظور الوحي الاسلامي فكل الأديان هي اسلام، ودعوة محمد صلي الله عليه وسلم هي دعوة الأنبياء جمعيا.
لقد كان الرسول الكريم متعطشا للسلام، كارها للقتال، مجبرا علي هذا الخيار دفاعا عن البقاء، وليس رغبة في فرض هذا الدين، ولذا فقد سارع بالسلم عندما كان في مركز قوة في صلح الحديبية، وغفر وصفح عن المسيئين اليه المتآمرين علي قتله بعد فتح مكة. ان هذه الصورة الرائعة في تعبيرها عن المحبة والسلام والتي نحن في حاجة الي تذكرها والتذكرة بها، لا يراها أحد لأننا نخفيها تحت العبارات الرنانة المليئة بالعداء ضد الآخر، وندعي أن هذا هو الاسلام.
حقا لقد أخطأ الصحفي الجاهل في حق أمة، وشاركه الخطأ رئيس الوزراء الذي لم يتدارك الموفق في بداياته، ورفض أن يعتذر للمسلمين الدنماركيين علي أقل تقدير عندما لجأوا اليه. ولم "يتنازل" ويقابل سفراء الدول الاسلامية في تقليل من شأن ما يحدث في دولته، وهي ما رآه المسلمين وفسروه بأنه عنجهية وكبرياء بغيضين. ولكن يجب أن توضع هذه الأخطاء في حجمها الحقيقي، وهو الجهل الدنماركي، بل والغربي بشكل عام بثقافات الشعوب الأخري ومقدساتها. فهم يسخرون من كل شيء، ومن أنبيائهم، ويعبرون عن عدم عقيدتهم في اله خالق للكون، بل ويجادلون في في هذا دون أن يكون ذلك موضع اعتراض من المجتمع.
هذا الانفلات _ ولا أقول الحرية _ قد صورت لهم أنه من الطبيعي أن يعبر رساما عن فكرته عن الاسلام من خلال رسوم للرسول الذي حمل هذه الرسالة. وعدم التفرقة بين ممارسات المسلمين أمثال بن لادن ومصعب الزرقاوي وبين رسول الاسلام صلوات الله عليه وسلامه، هو جهل لأن الصوت العالي الذي يسمعه العالم هو صوت الهجمات والتشنجات. أما هؤلاء الذين يسيرون علي الأرض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، فهو منهمكون في بناء أنفسهم، وانتشارهم بالنور والمحبة يتم في دوائر ضيقة لا يسمع عنها العالم شيئا.
وحتي عندما يدافع الفلسطينيون عن حقوقهم فإنهم يفجرون انفسهم مستهدفين أبرياء فتمتليء وسائل الاعلام باخبار هؤلاء وتتجاهل بالطبع الممارسات الوحشية للاسرائيليين من هدم المنازل وتجريف الأراضي، وحصار الفلسطينيين بكل وسيلة بحرب معلنة وغير معلنة، واستفزارهم بكل وسيلة. يتجاهل العالم كل هذا ولا يركز الا علي صورة الأم الاسرائيلية الثكلي التي فقدتها طفلها، والعائلة التي فقدت ابنها، وهكذا. وينسي حالة اليأس القاتلة للفلسطينيين التي تدفعهم الي هذا الانتحار. ولذا أصبحت صورة الاسلام مشوهة اعلاميا الي حد كبير.
كانت هناك فرصة طيبة في أن يكون تعبيرنا عن غضبنا تجاه هذه الصورة القبيجة تعبيرا حضاريا، يبرز للعالم الوجه الجميل للاسلام، وان الأمة الاسلامية قادرة أن توقف من يتعدي علي مقدساتها وتتجمع حول رسولها الكريم (صلي الله عليه وسلم)، فنمحو تلك الصورة البشعة التي رسمها المتطرفون. ولكن للأسف فإن هذه التعديات وان كانت محدودة، ولكن تظل هي التي يركز عليها الاعلام ويبرزها. وكأننا بهذا نشارك الجهلاء في تشويه صورة رسولنا الكريم.
كيف يمكن أن نفرق بين أن نتخذ موقفا نعلن فيها اعتراضنا، ولكن وفي نفس الوقت نمد أيدينا بالمحبة. انني أدعو الي قراءة جديدة لديننا، فليس من أخلاق هذا الدين أنه يضع حدودا بين "أنا والآخر"، وقد أرشد القرآن المسلمين أن يدعوا الي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأنه اذا اختلفوا فيما بينهم أو مع غيرهم فإنهم يتركوا اختلافهم لله هو الذي يحكم بينهم يوم القيامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.