استغراقه في رصد همومنا، ومحاولاته الدائمة للبحث عن الشئ الذي يخفف عن رجل الشارع البسيط مشاكله، يمنحك شعوراً جازماً بأن سعيد صالح ليس مجرد ممثل وانما ابن بلد يحمل علي كتفيه هذه الهموم .. ربما لأنه لم يتخل يوما عن ملامح وصفات الشاب الذي تربي في الحلمية والسيدة زينب وتجول في حارات الأزهر والحسين وتتلمذ علي صوت سيد درويش وأشعار بيرم التونسي .. ولأنه ابن هؤلاء جميعاً يتحدث عن الوطن والسياسة بنفس درجة اجادته الحديث عن الفن والصعلكة. هل تعود إلي دق ناقوس الخطر مجدداً في مسرحيتك الأخيرة "قاعدين ليه"؟ - هذه ليست المرة الأولي التي أقوم فيها بالتنبيه والتحذير من خطورة شئ ما، عبر مسرحياتي، فكلها تدور في هذا الاتجاه، حيث كانت البداية في "مدرسة المشاغبين" قبل ان تتبلور في شكل أكثر نضجاً، من حيث الفكر، في مسرحية "كعبلون" التي انتجتها بنفسي. ولماذا تلعب هذا الدور في المسرح فقط بينما تتسم أفلامك السينمائية بدرجة أقل من النضوج، سواء علي مستوي الشكل أو المضمون؟ - لانني أعشق المسرح، وأري نفسي من خلاله في التو واللحظة، فالاستجابة فيه لما تقول سريعة وفورية، والجمهور لن يرحمك إذا أخطأت أو لم تحسن اختيار الرؤية التي تطرحها. لكنك فاجأت جمهورك، والجميع، بتقديم مسرحية تتبني نقداً جريئاً للدولة بينما تفتح لك الدولة مسرحها لتقول من خلاله ما تريد؟! - أرجو ألا يحمل السؤال اتهاما بأنني فرطت أو تنازلت عندما قبلت تقديم "قاعدين ليه" علي مسرح الدولة، فقد فعلت هنا بشروطي التي قبلوها جميعا ولولا هذا ما قبلت الوقوف علي خشبة مسرح الدولة هناك حرية إذن؟! - لقد تغيرواهم أيضاً، فهناك حراك ملحوظ لا يستطيع أحد إنكاره. ثم إنني لا أستطيع أن أعبر عن البسطاء . ومشاكلهم إلا من خلال مسرح يستطيع هؤلاء البسطاء شراء تذكرة دخوله فمن غير المعقول أن أقف أمام طبقة ارستقراطية ثراؤها فاحش تدفع الأسرة فيها 2000 جنيه مثلاً لمشاهدة عرض مسرحي ترفيهي راقص للتسلية وإضاعة الوقت ثم تفاجئهم بالحديث عن الفقر والفقراء والفساد. وكل تلك الأمور الموجعة فهؤلاء لا يريدون أن يفعلوا شيئا من أجل التغيير ووعيهم قاصر لا يستجيبون لشئ تتبناه المسرحية السياسية. البعض يقول إن (مدرسة المشاغبين) أفسدت العلاقة بين الطالب والمدرس. وأشاعت مناخاً من الفوضي داخل أروقة مدارسنا. بل لقد قيل إنها أفسدت جيلاً بأكمله؟ - تااااني . وهل نحن أيضا الذين تسببنا في حذف العام السادس الابتدائي ثم اعادته وأربكنا منظومة التعليم وهل نحن السبب أيضاً في هذا العمل الوحشي المسمي الدروس الخصوصية. لا نشاهدك علي شاشة السينما أو التلفزيون فأين أنت ؟ - أنا بعيد تماماً عن هذه السينما المسماة (سينما شرم الشيخ) فهي (هرش مخ) والسينما المصرية مستهدفة، ويجري حالياً تقويضها مثلما تم تقويض الأغنية المصرية من قبل. والتلفزيون؟ - لا أفكر فيه كثيراً فهو نجاح مجاني؛ فأنت عندما تذهب إلي الناس علي غير إرادتهم تبدو وكأنك تقتحم البيوت بدون استئذان من خلال تواجد لحوح لادخل للمشاهد فيه. أما المسرح فهو شئ آخر . مختلف تماماً لانك إذا لم تقدم العمل الجيد الذي ينال ثقة واعجاب الناس فلن يحضر اليك أحد وما رأيك فيما اسفرت عنه انتخابات نقابة المهن التمثيلية؟ - لا تستهويني أي انتخابات وليس لي مطالب من أحدغير أن يتركني الآخرون في حالي فأنا لا أريد أي مميزات أو منح أو شيئاً من هذا القبيل وأنا مستور والحمد لله. لكن عرض المسرحية في 4 ساعات عمل مرهق ومع هذا تبدو خلاله أقوي بكثير مما أراك علي خشبة المسرح؟ - يا سلااام ، وبقية الأربع وعشرون ساعة. هل أبدوا فيهم ضعيفاً .. بالطبع لا انكر أن وقوفي علي خشبة المسرح يمنحني الكثير من القوة والدفء والحميمية. وما رأيك في مجلس الشعب الجديد؟ - سيكون مجلساً كوميدياً فاشلاً. لكنك تقول أن (قاعدين ليه) كانت انعكاساً للحراك السياسي الذي شمل المجتمع؟ - هذا صحيح فالبلد كلها في حالة حراك علي كافة الأصعدة وما رأيك في فوز الإخوان بثمانية وثمانين مقعداً في مجلس الشعب؟ - أنا لا أخاف من أحد فكلنا مسلمون؛ والاسلام ليس حكراً علي أحد . والحمد لله أنا قمت بحج البيت تسع مرات والعاشرة قريباً كما حفظت عشرين جزءاً من القرآن وأنا في السجن ودائما أذهب الي مكة للاعتكاف في رمضان. في أعمالك الأخيرة تقوم بالتلحين - فلماذا لا تقوم بتأليف الكلمات أيضا؟ - هذا تشتيت للذهن فمن غير المعقول أن أقوم بالتمثيل والألحان وأحياناً ارتجال بعض الحوارات التي تمس الأحداث الأنية خاصة وأن المسرحية تعرض منذ ثلاث سنوات شهدت تغييراً عالمياً كبيراً. ما الذي يشغلك الان. تشغلني مصر هذا الوطن الجميل سؤال أخير في أحد مشاهد المسرحية تقوم إحدي المذيعات بتوجيه بعض الأسئلة عن حياتك ومسيرتك وتقوم أنت بالإجابة عليها ذاكراً كل الحقائق المتعلقة بتلك المسيرة لماذا هذا المشهد في رأيك؟ - لأتخلص من تلك الأسئلة اللحوحة لأمثالك واتهرب من الصحفيين.