أقبل بوجه مكفهد تكسو وجهه علامات الأسي، يحمل علي عاتقه هموم الدنيا دموع الحزن تتطاير من عينيه لتسقط في بحر الظلام، صمت رهيب يطبق علي لسانه أشبه بصمت المقابر، لم تعد قدماه تحملانه من هول الجريمة التي ارتكبها، أبي لنفسه العيش في رغد الحياة واستئذن نفسه وأقدم علي جريمة قتل بشعة طغت علي عقول الآخرين وجاء اليوم الذي يتجرع فيه مرارة مافعله وكان الجزاء من جنس العمل فقرر مصيره بيده وسلم رقبته لعشماوي لينفذ حكم الاعدام. بدأت الواقعة عندما نزح الأمير "المتهم" إلي العاصمة قادماً من احدي محافظات الصعيد ليبحث عن لقمة عيش خاصة وأنه يمتلك حرفة "النجارة" وبعد فترة من البحث والعناء عثر الشاب علي عمل في المناطق الشعبية في احدي الورش ولكن القدر وقف حائلاً أمامه فأصبح يتخبط في ممارسة عمله بسبب قلة الرزق وضعف الدخل المادي ولم يجد مفراً من الدخول في حالة نفسية خاصة وأنه مسئول عن أسرة في الصعيد وانخرط سريعاً واستسلم لليأس.. وحاول العثور مرة أخري علي عمل يدر له الدخل الثابت ولكنه فشل وأثناء هذه الظروف كان الأمير قد تعرف علي شخص يدعي منير وكان الأخير قد عرض عليه القيام بأعمال النجارة في "المخبز" الخاص به والذي سوف يفتتحه لم يتردد الأمير في قبول طلب منير وخاصة وأنه في أشد احتياجاته للعمل، وفي الصباح توجه الأول إلي مقر العمل بمنطقة السلام لبدء العمل وبعد الانتهاء آخر النهار من العمل.. جلس ليستريح من عناء العمل وأخذ يتحدث مع منير عن أحواله وأثناء حديثه طرقت بعقله فكرة شيطانية بالاستيلاء وسرقة منير خاصة وأنه ميسور الحال. وفي المساء طلب الأمير من منير المبيت معه في نفس الموقع ووافق الأخير ولايدري ماذا يخبئ له القدر، وقرب آذان الفجر تسلل الأمير من جوار منير بعد أن قرر في لحظة شيطانية التخلص منه للحصول علي المال وتناول "كوريك" كان موجوداً بجواره وحانت لحظة الرحيل عندما أمسك بالكوريك وضربه علي رأسه 3 ضربات متتالية أسقطته غارقاً في دمائه واستولي علي مبلغ 150 جنيهاً من حافظة نقود وساعة يده والمحمول الخاص به ولاذ بالفرار. تلقي قسم السلام بلاغاً من السيدة بدر الزيني الشبراوي 33 سنة ربة منزل باكتشافها مقتل زوجها منير صابر 63 سنة مقيم بمفرده بعقار تحت التشطيب، وعلي الفور انتقل رئيس المباحث إلي موقع الحادث وتبين أن الجثة مسجاة علي ظهرها ويرتدي ملابسه كاملة والجثة في حالة تعفن وبها عدة اصابات بالرأس عبارة عن جروح قطعية من الناحية اليسري مع وجود كسور بعظام الجمجمة، كما تلاحظ وجود بقع الدماء متناثرة علي حوائط الحجرة، كما عثر علي كوريك من النوع الذي يستخدم في الأسمنت ولم يعثر علي حافظة نقوده وعثر علي سلاح المجني عليه ملطخ بالدماء، وعلي الفور وبناء علي تعليمات اللواء مساعد أول الوزير ومدير أمن القاهرة بسرعة كشف غموض الحادث تم عمل خطة بحث تحت اشراف اللواء اسماعيل الشاعر مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة واثناء السير في بنود الخطة كشفت التحريات ان زوجة المجني عليه "المبلغة" والمقيمة بالشرقية ذهبت لزوجها بالعاصمة في مكان الحادث وان الزوج مقيم بمفرده منذ عدة أشهر لقيامه باستئجار "فرن" بالعقار الذي يقوم بتشطيبه لافتتاحه وأن الزوجة علي اتصال دائم بزوجها تليفونياً وتتردد عليه بصفة اسبوعية وحضرت وقت الحادث للاطمئنان عليه فوجدته مقتولاً وتبين من خلال التحريات أن المجني عليه أصل بلدته المنوفية وعاش حياته عاملاً بالمخابز وتزوج بسيدة بمحافظة كفر الشيخ واستقر بها هناك إلي أن توفيت زوجته، وبعد فترة تزوج مرة أخري من زوجته الحالية بدر الزيني وقام المجني عليه باستئجار مسكن بمنطقة المهاجرين بالمرج واشتهر عنه القيام بمزاولة اعمال السمسرة في بيع وشراء المخابز الآلية ثم استقر أخيراً باستئجار الطابق الآرضي ليجعله مخبزاً. وبعد تقنين الاجراءات واجراء التحريات توصلت جهود البحث إلي أن مرتكب الحادث المتهم الأمير فرج عبده 37 سنة نجار وكشفت التحريات أنه يمر بضائقة مالية مما دفعته الي ارتكاب الحادث.. وبعد اعداد كمين تم القبض علي المتهم وبمناقشته اعترف بواقعة السرقة والقتل معتقداً أن المجني عليه محتفظ بمبالغ مالية كبيرة فقرر التخلص منه، وتمت احالة المتهم الي محكمة جنايات القاهرة والتي قررت احالة اوراق المتهم الي فضيلة المفتي للتصديق علي حكم الاعدام.. صدر القرار برئاسة المستشار عبد الله أبو هاشم وعضوية المستشارين سعد سيد مجاهد ونبيل عبد الحق بأمانة سر طاهر محرم ووائل عبد المقصود.