كانت ملامحه تفيض غضبا وصوته حشرجة يلفها الانكسار حين لاقيته ونحن نقطع الطريق إلي المسجد القريب من دارنا.. صافحته متسائلاً فأخبرني أن العنزة الأم التي يملكها ولده قد سرقت جهارا نهارا من أمام داره التي تقع وسط الكتلة السكنية قطع أحد اللصوص حبلا قد ربط أحد أرجلها في وتد ودفعها داخل توك توك كان ينتظر ومضي وحين لمحه أحد جيرانهم ظن أن صاحبها قد باعها وها هو المشتري يأخذها ولماكانت جميع المركبات التكتكية متشابهة فلم يعثروا لها علي أثر.. حاولت أن أهون عليه مصيبته فالرجل تخطي السبعين وولده المكافح اتخذ من تربية العنزات وسيلة لزيادة دخله الضئيل كموظف بمركز أبحاث الأرز بقريتنا ميت الديبة بكفر الشيخ يدبر شئون أسرته زوجته وأولاده في مراحل التعليم المختلفة وأبا شيخا وأما عجوز ها هم اللصوص يسرقون رزقه بعد أن سرقوا تذكرته الانتخابية حين حالوا بينه وبين اختيار نوابه فسادت البلطجة والتزوير وتقفيل الصناديق وتكبيل بعض المرشحين وقهرهم تركت الانتخابات وتوابعها جروحا غائرة وصار الوئام أضغاث. في مساء نفس اليوم الجمعة نهاية عام 2010 كان مثيراً ما نشرته جريدة الجمهورية ما صرحت به الفنانة منة فضالي من أنها عادت لمنزلها في مدينة البشاير في محافظة 6 أكتوبر مرهقة بعد عملها في المسرح فنسيت حقيبة في سيارتها بها 50 ألف جنيه وخاتم ألماس وسلسلة ذهبية قيمتها 300 ألف جنيه حين كسر اللصوص زجاج سيارتها وسرقوا الحقيبة بما فيها في حين أنها أدركت ذلك في صباح اليوم التالي!! دارت بخلدي مقارنة فارقة بين عنزة الحاج حلمي وحقيبة الفنانة منة فضالي وسبحان من أودع في كل قلب ما أشغله!! كان مجلس محلي محافظتنا قد اتخذ قرارا بضرورة ترخيص التوك توك وحدد موعدا تلاه تمديدا ومازال هذا الكائن المعدني المدهش الذي يقوده غالبا صبية يجوبون به في جنون شوارع المدن والقري والعزب والدساكر القريبة والقاصية يستخدمون سارينات مماثلة لسيارات النجدة والإسعاف وتتعالي منه اغنيات هابطة وصرخات زاعقة بعد أن صار موصوما بخطف الاناث والتحرش والسرقة بينما تتفرج الأجهزة المعنية وكأنهم لا يعلمون أن معظم النار تأتي من أصغر الشرر. ظللنا نغض الطرف لسنوات طوال عن مقطورات سيارات النقل التي راحت تحطم ما يقابلها وتسرق أحلام البشر في حياة آمنة فتحصد أرواحهم هادمة لكل اللذات مفرقة لكل الجماعات ملبسة أثواب الحداد تحفر القبور وتزرع المدلهمات بعد أن صار معظم سائقيها مدمنين لكل أنواع المخدرات والمسكرات وأقراص الهلوسة.. ظللنا نؤجل أمر التخلص من المقطورات عاما وراء عام حتي صرنا نحتل مركزا متقدما في عدد وفيات حوادث الطرق.. ولما اتسع الرتق علي الراتق حين اعتبر أصحاب السيارات هذا التعديل نيلا من حقوقهم وأن حصد الأرواح صار حقا مكتسبا فراحوا يضربون عن العمل ليشعلوا أسعار كل شيء أكثر مما هي مشتعلة أكثر وكأننا قد خلقنا الله مرتعا للفساد. أري أننا كشعب مطالبون بأن نقف بالمرصاد لكل عابث بأمننا وأماننا وحقنا في عيشة رضية ورقدة سوية حتي نؤدي دورنا في الحياة الذي خلقنا الله من أجله.