يبدو ان اليوم الاحد الموافق التاسع من يناير عام 2011 سيكون اليوم الاخير في تاريخ السودان الموحد بشماله وجنوبه بعد ان يصوت الجنوبيون اليوم في استفتاء تاريخي لتقرير مصيرهم في صالح الانفصال عن الشمال ليصبح الجنوب دولة مستقلة. وبعد ست سنوات علي توقيع اتفاقية نيروبي في التاسع من يناير 2005 بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان يبدو ان هذه الفترة الانتقالية التي دامت ست سنوات والتي كان يؤمل منها حسب نص الاتفاقية ان "تجعل الوحدة جاذبة" فشلت في اقناع الجنوبيين بالبقاء داخل الوحدة السودانية. وقام الرئيس السوداني عمر البشير بزيارة الي جوبا عاصمة الجنوب الثلاثاء الماضي حيث قال "نحن مع خياركم ان اخترتم الانفصال ساحتفل معكم" مضيفاً "علي الرغم من انني علي المستوي الشخصي سأكون حزيناً اذا اختار الجنوب الانفصال لكنني سأكون سعيداً لاننا حققنا السلام للسودان بطرفيه". انها لحظة فارقة في تاريخ السودان بحلول يوم الاستفتاء الذي سيستمر لمدة اسبوع ليصبح يوم اعلان نتيجة الاستفتاء ان كان في صالح الانفصال يوم عيد للجنوبيين ويوم حزن لابناء الشمال. ومن المؤكد ان تكرار تصريحات البشير المطمئنة لجهة قبوله بنتيجة الاستفتاء كيفما جاءت تزيل مخاوف المسئولين الجنوبيين من احتمال تعثر الاستفتاء بعد ان باتت الانظار متوجهة الي مرحلة ما بعد اجرائه وكيفية حل المشاكل العالقة بين الشمال والجنوب لتمكين الجنوب من استقلاله. ويبدو ان تصويت الجنوبيين لصالح الانفصال لن يكون هينا علي حكومة البشير التي لابد ان تعمل علي حل المشاكل العالقة مثل المواطنة والحدود وابيي والعلاقات الاقتصادية والسياسية وغيرها من المشكلات الاخري التي قد تطفو علي السطح. ويحظي هذا الاستفتاء باهتمام عالمي واسع حيث تدفق المراقبون الدوليون من مركز جيمي كارتر والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية الي السودان كما ان الولاياتالمتحدة ارسلت السيناتور جون كيري الذي سارع الي وصف تصريحات الرئيس السوداني ب"المشجعة جداً". ومعلوم ان الحرب الاهلية التي دامت 22 عاما بين الشمال والجنوب اسفرت عن سقوط نحو مليوني قتيل وتحول السودان الي دولة من الاكثر فقراً في العالم. وسيكون علي سكان جنوب السودان بعد انفصالهم العمل علي بناء هوية وطنية وهي مهمة ليست سهلة في منطقة مزقتها الحرب والتنوع الهائل الذي تفرضه حوالي ستين قبيلة تتحدث العدد نفسه من اللغات. ولن ينتهي امر الجنوب بالاستقلال عن الشمال بل سيكون علي الجنوبيين الموزعين في ستين قبيلة (الدينكا والنوير والشيلوك والازاندي....) ان يبحثوا بأنفسهم عن جذور ما يوحدهم بدلاً من الاتحاد في اطار معارضة للشمال. ومن المتوقع ان يواجه السودان ازمة حادة في عوائده الاقتصادية بعد انفصال الجنوب الذي تقع فيه غالبية حقول البترول أو في المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب. ورغم ان المفاوضات ما زالت مستمرة بين الشمال والجنوب علي تقاسم الثروة النفطية عند انفصال الجنوب الا انه يبدو مؤكداً ان عائدات الشمال ستكون اقل مما هي عليه الآن أياً كانت الصيغة التي سيتم التوصل اليها وستكون الأيام القادمة اكثر قسوة علي شعب السودان وحكومة الرئيس البشير. E.atshahin1951.yahoo.com