فيما تحول مقدم البرامج التلفزيونية الساخرة باسم يوسف إلى ظاهرة مثيرة للجدل وحتى للدعاوى القضائية، فإن ثمة تساؤلات حول هذه الظاهرة ومدى أصالتها وإمكانية استمراريتها ورسوخها في الحياة الثقافية المصرية والتساؤلات من قبيل: "هل هي ظاهرة عابرة في زمن عابر وقلق من أزمنة العولمة ومجرد محاكاة لبرامج أمريكية ساخرة خاصة البرنامج الذي يقدمه جون ستيوارت؟ أم أن الظاهرة تعبر عن اصالة احتجاجية يمكن أن تشكل إضافة للحياة الثقافية المصرية؟!". و"هل ينتمي أداء باسم يوسف لما يعرف تاريخيا في أوروبا "بالكباريه السياسي أم أنه ينتمى للمسرح أو التلفزيون والإنترنت؟!". وتأتي "ظاهرة باسم يوسف" في سياق عالمي مأزوم ويبحث بسبل جديدة عن إجابات جديدة لأسئلة الديمقراطية فيما تظهر حركات جديدة تجسد هذا القلق المعولم مثل حركة "احتلوا وول ستريت" في قلب الرأسمالية الأمريكية التي تقود العولمة. وبإيقاع سريع لكنه يخاصم الخفة والاستسهال والتسطيح تواكب الثقافة الغربية هذه المتغيرات وتظهر كتب تسعى وتجتهد للإجابة عن بعض التساؤلات المؤرقة مثل الكتاب الجديد لدافيد جريبر عن الاحتجاج الذي يعكس ثقافته الغزيرة كعالم انثر بولوجي وحركيته كناشط سياسي مناهض للعولمة بوجهها الرأسمالي الفظ. وفيما ينتمي الإنثربولوجي دافيد جريبر لتيار جديد في الغرب يرى أن الكثير من الثوابت بحاجة لتغيير جذري ويذهب مثلا إلى حد القول بأن الديمقراطية القائمة على صناديق الانتخابات غير صادقة وتخنق أوجه التعبير في الحياة اليومية للجماهير، فإن الطبيب المصري باسم يوسف الذي ولد عام 1974 يعبر عن آرائه بلغة الجسد أفضل بكثير من التعبير بالكلمة سواء كتبها أو قالها. وعرف باسم يوسف طريقه مبكرا لشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي واستخدم موقع يوتيوب لطرح آرائه الساخرة قبل أن يتجه لشاشة التلفزيون ويصفه البعض بأنه "الوجه الساخر للربيع العربي"، لكنه في الواقع ابن عصر القلق الجديد في الشرق كما في الغرب؛ حيث مفهوم الديمقراطية المتعارف عليه تاريخيا هناك بات مرفوضا أو موضع شك عميق من الأجيال الشابة وهو ما يتجلى بوضوح في الكتاب الجديد لدافيد جريبر.