موسم الصفقات الانتخابية المعارضة تستجدي عطف الحزب الحاكم مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها بنهاية الشهر الجاري، يعود من جديد الحديث عن الصفقات الانتخابية التي تبرم بين الحزب الوطني وبعض أحزاب المعارضة، أو بين أحزاب الأقلية وبعض التيارات المحظور نشاطها السياسي فالحديث عن هذه الصفقات لا ينقطع ولكن يأخذ في التصاعد في أعقاب اجتماعات استثنائية بين قيادات الأحزاب أو معلومات تتردد من هنا أو من هناك ولكن الحديث عن الصفقات الانتخابية تصاعدت وتيرته خلال الآونة الراهنة علي خلفية الأزمة التي نشبت بين الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس إدارة جريدة الدستور، وبين إبراهيم عيسي رئيس التحرير وأفضت إلي إقالة الأخير من منصبه، حيث اعتبر الكثير أن ما حدث يندرج تحت بند الصفقات الانتخابية التي أبرمت بين رئيس حزب الوفد وبين الحزب الحاكم يحصل بمقتضاها الوفد علي عدد من المقاعد البرلمانية في الدورة الجديدة، بينما رأي آخرون أن قرار البدوي بإقالة عيسي لا يخرج عن كونه قراراً داخلياً لإعادة ترتيب الأوراق داخل الجريدة بغية تحقيق المزيد من الأرباح ولا يمكن تحمله بأي ابعاد سياسية. (شو) أحزاب الأقلية أشد خطراً لأنها تعتمد علي الصوت العالي الأحزاب فشلت في ممارسة الديمقراطية داخلياً.. فكيف تنادي بها في المجتمع?! أحيانا.. توجد تفاهمات بين الحزب الحاكم وباقي الأحزاب بصرف النظر عن الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة فإن ما يعنينا في المقام الأول، هل بالفعل كانت هناك صفقة بين (الوفد) الذي يعد قاطرة المعارضة وبين النظام الحاكم? أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة للاصطياد في الماء العكر من بعض قوي المعارضة لإهالة التراب علي (الوفد) نتيجة قراره بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية لاسيما أن (الوطني) ليس في حاجة لعقد صفقات. إذا كان هذا الاتهام ينتقص من (الوفد) فإنه بالقدر نفسه يقلل من رصيد (الوطني) لذلك سعينا للاتصال بكوادر الحزب الحاكم من أجل توضيح الصورة والرد علي هذه الاتهامات لكن كالعادة الهواتف المحمولة لا تجيب عن رسائل ربما يكون للانشغال بالاعداد لمعركة الانتخابات البرلمانية لذا توجهنا إلي نواب من مختلف التيارات الفكرية وأساتذة علوم سياسية في محاولة لازاحة الستار عن حقيقة ما يدور علي الساحة السياسية. سياسة الاقصاء أبدي النائب البرلماني المستقل مصطفي بكري امتعاضه الشديد مما تعانيه الساحة السياسية في الآونة الراهنة خاصة فيما يتعلق بما يتردد بإجراء صفقات بين الحكومة أو النظام من جهة وبين أحزاب المعارضة من جهة أخري مؤكداً أن الأزمة الأخيرة التي نشبت داخل حزب الوفد بسبب الاتهامات الموجهة إلي الدكتور السيد البدوي رئيس الحزب علي خلفية قراره بإقالة إبراهيم عيسي رئيس تحرير جريدة الدستور، ليس لها محل من الاعراب لأن البدوي بأي حال من الأحوال لا يمكن أن يكون معارضاً حكومياً، مشدداً علي وجود مؤشرات تؤكد أن النظام بدأ يضيق ذرعاً بالمعارضة والإعلام، حيث تم اقصاء عمرو أديب وعلاء صادق بالإضافة إلي إغلاق قناة البدر كل هذه أمور تدفعنا للتساؤل عما إذا كان ما يحدث مخططاً الهدف منه تكبيل حرية الإعلام، أم هناك أهداف أخري?، وأضاف بكري أن الرئيس مبارك أكد في مناسبات عدة علي حرية الصحافة كما انه رفض المحاولات الغربية للتدخل في شئون الصحافة بحجة معاداة السامية وهو ما يدفعنا مجدداً للتساؤل هل ما يجري الآن أمور سببها أحداث طارئة ثم سرعان ما تعود الحياة إلي مجاريها أم أنها سياسة دائمة مستطرداً: كل ما اتمناه أن تبقي المعارضة الشريفة موجودة وألا يتم تدجين المعارضة وألا يتم توجيه رسائل بطريقة غير مباشرة إلي برامج التوك شو بضرورة خفض سقف الحرية والا فإن الغلق والاقصاء في انتظارها واعترف النائب البرلماني بأن السنوات الأخيرة شهدت جنوحاً من بعض البرامج لكن لا يعني ذلك اتباع سياسة الاقصاء أو الغلق بل يجب علي الحكومة الرد وليس الردع فتغير خريطة الأوضاع السياسية يجعل الحكومة تبدو وكأنها ضاقت ذرعاً بالمعارضة مما ينعكس سلباً علي المناخ السياسي العام. حوار الطرشان (المعارضة الحكومية) في علم السياسة مصطلح غير جائز لأن المعارضة والحكومة داخل أي نظام نقيضان لا يتفقان وكلاهما منفصل تماماً عن الآخر وحتي نكون أكثر دقة فإنهما يمثلان خطين متوازيين لا يلتقيان يتفق مع ذلك الدكتور جمال الزيني نائب الأغلبية داخل البرلمان مؤكداً أن المعارضة جزء أصيل من النظام وبالتالي فإن قنوات الحوار بينهما مطلوبة وإلا فإن الحوار يظل حواراً بين الطرشان نتفق في كون هذا الحوار من الممكن أن يؤتي بثماره ومن الجائز ألا يخرج لنتائج لكن في النهاية تظل قنوات الحوار بين المعارضة والحكومة موجودة لافتاً إلي أن هناك معارضة حقيقية داخل الاحزاب وفي مقدمتها الحزب الوطني فكيف إذن نتهم المعارضة الحقيقية بأنها معارضة حكومية بمجرد قرار داخلي بتغيير رئيس تحرير جريدة تتبع لحزب معين، وشدد الزيني علي أن حزب الوفد كيان محترم ضارباً بجذوره في أعماق التاريخ وسبق له أن كان الحزب الحاكم في فترات طويلة سابقة ولا يمكن لأحد أن ينكر دور الوفد في قيادته للمعارضة الحقيقية ونتمني أن تحذو باقي الأحزاب حذوه وبالتالي فإن حزب الوفد لما له من شرعية وتاريخ بعيد كل البعد عن عقد صفقة مع الحكومة فضلاً عن أن الدكتور السيد البدوي شخص محترم ولا يمكن اتهامه بالقول أنه يلعب لصالح النظام لأنه من المنطقي ان يلعب لمصلحة حزبه وأن يسعي للوصول للحكم. واستطرد نائب الاغلبية قائلاً: المعارضة خارج النظام مهمة جداً لأن النظام يستمد قوته من قوة المعارضة فضلا عن أن المعارضة الشرعية كفيلة بالقضاء علي التيارات غير الشرعية التي تدعي أنها تسعي للصالح العام رغم أنها في حقيقتها تهدف لتحقيق أجندة مصالح خاصة بها. ونأي الزيني بالحزب الحاكم عن التورط في عقد صفقات لأنه ليس مضطراً لذلك لأنه يحكم البلد ولديه الاغلبية وأن الصفقة الوحيدة التي من الممكن أن يعقدها مع المواطن ولكن يحسب للنظام أنه يدخل في حوار مع الاحزاب وأنه يمنحهم الفرصة للنزول إلي الشارع، مؤكداً أن المدعين من المعارضة ينشدون الديمقراطية ويبكون علي نتائجها وأن الديمقراطية الحقيقية تؤكد أن الرأي للجميع والقرار للأغلبية وأنها ليست فوضي وأن المعارضة تتبع أسلوب (الفرص وليس العرض) متمنياً أن تنجح المعارضة في احتلال مقاعد كثيرة بالبرلمان خلال دورته الجديدة ولكي يكون هناك معارضة حقيقية داخل المجلس وليست شكلية وأن من يروج لمثل هذه الادعاءات غير أنه إفلاس سياسي فإنه عدم ثقة في النفس وليس ثقة في النظام. كلام إنشائي رغم احترامي لجميع الآراء التي تري في ظاهرة المعارضة الحكومية خطراً علي الحياة السياسية فإنني أري أن هناك ظاهرة أخري أخطر بكثير علي الحياة السياسية تتمثل في المعارضة الإعلامية!! هكذا يري الدكتور رفعت لكوشة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية مشيراً إلي أن هؤلاء السادة الذين يجلسون داخل القنوات الفضائية لا يقولون جملة مفيدة، وحديثهم كلام إنشائي مفرغ من المضمون هذه المعارضة الإعلامية أخطر من المعارضة الحكومية لأنها ببساطة تقوم بعمليات تفريغ شحن ولا تضيف جديداً لأي حوار سياسي لافتاً إلي أن هؤلاء مؤهلاتهم تتركز في الصوت العالي فقط ويفتقدون إلي الوقائع أو التحليلات الدقيقة التي من شأنها إحراج الحكومة، لذلك فإن حديثهم الذي يمتد في بعض القنوات إلي الساعات لا يترك علامة في ذهن المواطن. وتطرق أستاذ العلوم السياسية إلي واقع الحياة السياسية الراهن مؤكداً أن الجميع يعلم أن هناك معوقات أمام حركة الاحزاب لأسباب بعضها لا يخص هذه الاحزاب وأخري تخصها فالمعوقات التي تأتي للأحزاب من خارجها تتلخص في تقييد حركتها داخل الشارع وغياب الضمانات الكافية في الانتخابات البرلمانية، أما عن المعوقات الداخلية فإن ابرزها عدم قدرتها علي التطور الفكري أو بناء رؤي جديدة وفشلها في اثبات انها تمارس الديمقراطية من الداخل، وبالتالي فإنه لا يستطيع أحد أن يطالب بديمقراطية في المجتمع دون ممارستها في الداخل وشدد لكوشة علي ان في بعض الاحيان يوجد تفاهمات بين الحزب الحاكم وبعض الاحزاب الأخري ولا يمكن تجاهلها وهو أمر متعارف عليه داخل معظم الأنظمة الديمقراطية، لكن في المقابل هناك أحداث أخري لا ينبغي تحميلها بأبعاد سياسية علي الاطلاق مثلما حدث في أزمة رئيس مجلس إدارة جريدة الدستور ورئيس التحرير لأن الأساس في الخلاف مهني وليس سياسياً.