موسم الانتخابات، هو موسم الكلام، موسم الشائعات، موسم الضرب تحت الحزام وفي كل مكان يستطيع المتنافسون أن يتوصلوا إليه . ولم تتوقف ماكينة الكلام ولا ماكينة الشائعات منذ الإرهاصات الأولي للعملية الانتخابية . من أهم الشائعات التي لا ينقطع ترديدها، شائعة عقد صفقات بين الحزب الوطني وبعض أحزاب المعارضة من أجل منح المعارضة بعض المقاعد من خلال التنسيق في هذا الشأن مع الوطني . هذه الشائعة الغريبة، كثيرا ما نفاها صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني مؤكدا أن الحزب لا يتعامل في الخفاء وأنه لن يخون ثقة ناخبيه مقابل اتفاقات تحتية مع المعارضة . المبدأ الذي يحكم الحزب الوطني، أن الناخب الذي يحرص عليه الحزب ويرعي مصالحه خلال سنوات طويلة، لا يجب أن يكون محلا لصفقات بين الأحزاب، لأن ذلك يهدم كل القيم والأخلاقيات التي تحكم العلاقة بين الطرفين، الناخب والمرشح، فالمرشح الفائز، ربما لم يكن ليستحق الفوز، والمرشح الخاسر، ربما كان يستحق الفوز، فإذا تمت الصفقات بهذا الشكل فإننا نكون قد أهدرنا إرادة الناخب وجهده، ولن يثق فينا مرة أخري . جانب آخر ترمي إليه الشائعة، أن الحزب الوطني الذي يدعي أنه حزب الأغلبية المكتسح، يحتاج إلي مساندة أو علي الأقل تنسيق يضمن له حدا أدني من السيطرة علي أغلبية المقاعد . الخبث المتوطن داخل هذه الشائعة يوحي بأن الحزب الوطني يحرك الأمور ويقررها كما يشاء فهو يتحكم في نتائج الانتخابات ويحدد مصير المرشحين حتي من الأحزاب المعارضة، باختصار هو يقوم بتزوير الانتخابات. أسلوب الشائعات، معروف في كل المجالات التنافسية، وكل من يمارس العمل السياسي يدرك أبعاد هذه الأساليب، لذلك سارعت قيادات المعارضة إلي نفيها، درءاً لاعتبارها أحزابا ضعيفة تنتظر العطف من الحزب الكبير، وكذلك استبعادا لاتهامها بأنها حصلت علي مقاعدها بالبرلمان بمثل هذا الأسلوب الذي يراه البعض غير مشرف للعمل الحزبي والسياسي . لكل ذلك رفض رؤساء الأحزاب المعارضة علانية وفي صحفهم ما يتردد عن وجود صفقات . في جانب آخر، يجب تحليل الغرض الخبيث من وراء الشائعة، فلو أن الحزب الوطني سيقوم وحكومته بتزوير الانتخابات، فلماذا تعتكف قياداته في مقر الحزب ليل نهار من أجل التنظيم الدقيق للحملة الانتخابية وتفاصيلها . لماذا يجتمع مكتب الحزب يوميا لمتابعة التفاصيل الدقيقة للتنظيم الحزبي في كل مستوياته استعدادا للانتخابات، لدرجة أنه تقرر تأجيل المؤتمر السنوي للحزب حتي25 ديسمبر القادم ؟ . المسألة بالنسبة للحزب الوطني ترتبط بمبادئ يتبناها في مرحلة الفكر الجديد، مبادئ تعتمد علي العلاقة مع الناخب، علي رصيد من الإنجازات والخدمات قدمها الحزب من خلال حكومته ومن خلال جهود نوابه وأعضاء المجالس المحلية من أعضاء الحزب، مبادئ تعتمد علي احترام الناخب وإرادته وحريته في التعبير عن رأيه في كل مرشح . لقد بني الحزب الوطني خلال السنوات الماضية تنظيما قويا وصل إلي كل مكان في مصر من خلال وحداته الحزبية، كما أن هذا التنظيم يتحرك بحجم إنجازات كبير يساعده علي إقناع الناخبين بأحقية مرشحيه في الفوز . السؤال الذي يجب ان نجيب عليه : من يمنح المقاعد لمن ؟. لقد اجتهد الحزب وممثلوه داخل المجالس النيابية والمحلية، كما خطط الحزب بمنهجية للانتخابات ومن ضمن التخطيط كانت عملية اختيار المرشحين التي شارك فيها كل القواعد الحزبية، بجانب تصميم برنامج انتخابي مدروس، الشق الأول منه قومي علي مستوي الجمهورية كلها والثاني محلي يخص كل دائرة . يخوض الحزب الوطني الانتخابات هذه المرة بأقوي العناصر، لذلك لا يحتاج إلي صفقات أو تربيطات من تحت " الترابيزة " .