بدأ الترشح لانتخابات مجلس الشعب, ومعه بدأت الانتخابات رسميا, ومعه أيضا بدأت عملية اختبار التكهنات الكثيرة التي أطلقها مراقبون ومحللون موضوعيون ومنحازون, وأصحاب مصالح كثيرة أغلبها متعارض ولدي أصحابها غرض. أشاع مدعو العلم ببواطن الأمور بأن تدخلا سيجري في الانتخابات لإفشال مرشحي الإخوان, وهوما يكذبه ما جري في اليومين الأولين لفتح باب الترشيح. فقد نجح المرشحون باسم الجماعة في تسجيل أنفسهم كمرشحين دون عقبات. اشتكي مرشحو الجماعة, مثل غيرهم من المرشحين, من بطء الإجراءات, وكأن إدارات الحكومة المعروفة بسرعة الإنجاز ودقته وكفاءته تعمدت البطء والتعطيل في هذا اليوم بالذات. نجاح أعداد كبيرة من مرشحي الإخوان في تقديم أوراقهم يتعارض مع مزاعم التدخل التي يحب الإخوان وغيرهم ترديدها كحيلة سياسية تستهدف وضع الدولة في موقف الدفاع. نجاح مرشحي الإخوان في تقديم أوراق ترشحهم بأعداد كبيرة يشير إلي عدم وجود أي نية لاستبعادهم, وإلا كان الأجدر استبعادهم في مرحلة الترشح بعيدا عن صندوق الانتخابات الذي تتركز عليه الأضواء والكاميرات. لم تقتصر حرب الشائعات والأعصاب السياسية الدائرة حول هذه الانتخابات علي الكلام عن التدخل ضد الإخوان, وإنما أيضا علي الصفقة التي يشيعون أنه قد تم عقدها بين الحزب الوطني وأحزاب المعارضة لإنجاح عدد كبير من مرشحي المعارضة الشرعية في الانتخابات. ليس هناك أصعب علي التصديق من تلك الشائعة لا لشيء إلا لأنه ليس بإمكان الحزب الوطني الالتزام بتعهداته في صفقة تقتضي منه العمل ضد بعض مرشحيه, والذين سيتولون بأنفسهم حماية صناديق الانتخاب حتي لو أرادت قيادة الحزب التلاعب بها. من الأسهل للحكومة أن تتدخل إذا أرادت لإفشال مرشحين بعينهم, لكنه من الصعب عليها جدا التدخل لإنجاح مرشحين معارضين ضد مرشحي الحزب الحاكم, وإلا خاطرت بفقدان الثقة بينها ومؤيديها. فمشكلة الحزب الوطني الأكثر خطورة هي ذلك التنافس الشديد بين أعضاء الحزب وقياداته المحلية من أجل الفوز بترشيح الحزب, وأن بعض هؤلاء المتنافسين لن يرضي بقرار استبعاده من الترشح باسم الحزب, وأنه سيقرر خوض الانتخابات مستقلا في تحد واضح لإرادة القيادة الحزبية. وفي وضع كهذا لن يكون بإمكان قيادة أجهزة الدولة التدخل لإنجاح مرشحين معارضين, الأمر الذي يقوض شائعة الصفقة من أساسها.