وسط الفرحة الكبيرة للشعب المصرى بافتتاح قناة السويس الجديدة واستبشار المواطنين للخير القادم باذن الله خرجت علينا حكومة المهندس ابراهيم محلب بقانون الخدمة المدنية الذى أقرته الحكومة رسميا على العاملين بالجهاز الإدارى للدولة منذ يوليو الماضى فى توقيت غير مناسب بالمرة لتعكر الأجواء وتثير مشاعر الموظفين تجاه الحكومة خاصة بعد أن تصاعدت حدة المواجهة بين الطرفين بسبب القانون الجديد فتظاهر مئات العمال والموظفين بالمالية والضرائب والجمارك والآثار والتأمينات الاجتماعية والتنمية الإدارية والنقل العام أمام نقابة الصحفيين الاسبوع الماضى للمطالبة بوقف العمل بالقانون وإقالة وزير المالية وبدلا من أن يتم تكثيف الحملات الاعلامية وعقد اللقاءات مع ممثلى العمال والموظفين لشرح أهداف القانون وتوضيح أنه لن ينال من حقوق موظفى الدولة وأنه سيتم إجراء تعديلات على اللائحة وأن الحكومة ستأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتهم السلبية حول القانون وستعمل على اصلاحها خرج على الفور الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط فى تصريح غير موفق ليعلن أنه لا تراجع عن القانون رغم المظاهرات مؤكدا أن لائحته التنفيذية ستصدر قريبا لترتفع بذلك حدة المواجهة بعد هذا التصريح والذى تشم فيه رائحة العناد وهو ما لايصح فى هذه الظروف. وفى الحقيقة فان صدور القانون ولائحته التنفيذية دون تشاور مع المعنيين يتنافى تماما مع أبسط قواعد العدالة وكان يتوجب على الحكومة مناقشة القانون و فتح حوار مجتمعى حوله وتنظيم حلقات وورش عمل وتعديل اللائحة التنفيذية لتراعى مصالح الدولة والعاملين بها كما كان من الواجب على الحكومة عرض القانون قبل صدوره على المجلس الأعلى للاجور والاتحاد العام لنقابات العمال لابداء مناقشات موسعة حوله وابداء الرأى. وفى الوقت الذى يقول فيه وزير المالية أن القانون لن يمس رواتب العلمين بالدولة ومستحقاتهم نجد أن العاملين يقولون أن القانون الجديد مجحف وظالم ويهدف الى تقليل الرواتب وخفض عدد العاملين والعودة الى اجبار العاملين على الخروج بمعاش مبكر كما حدث أيام الخصخصة وطالبوا الرئيس عبدالفتاح السيسى بإرجاء تطبيق قانون الخدمة المدنية لحين عرضه على قطاعات وظيفية مختلفة لإبداء الرأى والتعديل. ولابد لنا أن نكون منصفين وأن يكون هناك حالة من تلاقى المصالح بين الدولة والعاملين بها والذين لم يطالبوا بالغاء القانون ولكنهم طالبوا بمناقشة مايرونه من سلبيات فى القانون وطرحها بشفافية ووضوح على مائدة الحوار حتى تتحقق مصالح الطرفين وحتى يتفهم العاملين أن الحكومة لاتسعى الى النيل من حقوقهم ولا الى فرض القانون بالقوة وتسود حالة من الرضا والاقناع قطاعات الموظفين والعمال لأنه ليس من المنطقى وفى هذه الظروف التى تتعرض فيها البلاد لهجمات ارهابية متتالية أن يتفرغ العاملين بالدولة لتنظيم اضرابات تهدد اقتصاد البلاد بدلا من زيادة الانتاج . وأرى أنه ورغم السلبيات التى يقدمها العاملين فى الجهاز الادارى الا أن القانون فيه ايجابيات كثيرة من أهمها السعى الى التخلص من الكسالى ومعدومى الضميرالذين يستنفذون ثلث موارد الدولة فى الحصول على زيادات ليس لهم حق فيها لأنهم لايستحقونها علاوة على تحجيم الفساد كما أن القانون سيشجع على العمل الجاد والتطوير والتدريب علاوة على أن القانون ليس كله سىء ولو أن هناك مواد سيئة أوتضر بالعاملين الجادين فمن المكن أن يتم تعديلها من خلال الطعن عليه فى القضاء الادارى وليس بتهيبج الراى العام والاضرابات والاعتصامات فى هذا التوقيت الحرج الذى نسعى فيه جميعا الى التكاتف والى النهوض بالبلاد والخروج بها من عثرتها وأن تكون مصلحة مصر فوق الجميع .