يبدو أن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من التصعيد داخل الأراضي المحتلة، لا سيما بعد سياسة القتل الوحشي التي تنتهجها إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وعملية القدس التي نفذها فلسطينيون بالقرب من معهد يهودي بالقدس وأسفرت عن استشهاد المنفذين ومقتل أربعة يهود كرد فعل طبيعي علي تلك السياسة. التصعيد الشعبي الفلسطيني جاء نتيجة سياسة الكذب والتضليل والخداع التي ترتكبها عصابة إجرامية، تعبث بأمن واستقرار المنطقة العربية وتدنس باحات الأقصى وتهاجم المصلين بالأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية بكثافة وعشوائية. وحذر الدكتور موسي أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من سياسة الاستيطان التي تنتهجها حكومة الكيان الصهيوني قائلا: نحن على أبواب انتفاضة حقيقية عنوانها القدس والأقصى والاستيطان.. كوكبة الشهداء الأبرار منارات على هذه الأبواب" وأضاف في اتصال مع بوابة الأهرام: "لا يستطيع أحد وقف ذلك ،لقد فاوض الفلسطينيون كثيرا ومديدا ولم يتوقف الاستيطان والتهويد، ولا محاولات تقسيم الأقصى وتدنيسه، مضيفاً: المخطط المبتغى هو تهويد المدينة، وهو ما يجري منذ سنوات طوال، سواء كان بالإجراءات التعسفية أو بالاقتحامات التي يقوم بها أعضاء الكنيست والمستوطنين ومن إجراءات عسكرية ترافق هذه الاقتحامات بحجة حمايتهم...اليوم أصوات الصهاينة من الرسميين والمتدينين يطالبون بوقف ذلك، وليس هذا الإ من النتائج الأولى لهذه الإنتفاضة المباركة". من جهته، قال الدكتور جهاد الحرازين، المدير السابق لمكتب حركة التحرير الوطني الفلسطيني"فتح" إقليم مصر: إن الاعتداءت التي تحدث بالقدس هي رد فعل طبيعي لما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من جرائم بحق الشعب الفلسطيني ومنها شنق الشاب الفلسطيني علي باحات الأقصي الشريف ومن قبله حرق الشاب خضيري. يشار إلى أنه تم العثور على جثة يوسف الرَّموني (32 عاما) -وهو من بلدة الطور بالقدسالشرقية- مشنوقًا بربطة عنقه داخل حافلة يعمل سائقا عليها، في المنطقة الصناعية في القدس، وحاولت الشرطة الإسرائيلية القول أن الشاب أقدم على الانتحار، ولكن زملاؤُه في الشركة استبعدوا هذه الفرضية، وأكدوا أنه وُجد مشنوقا بعدما هاجمه ستة مستوطنين. وأضاف الحرازين لبوابة الأهرام: "إن مشروع التقسيم المكاني والزمني للقدس أيضا من ضمن العمليات الاستفزازية التي تعكس هذه الحالة من الغضب مؤكدا أن إسرائيل كانت ملتزمة أمام الملك الأردني ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري بوقف تغيير معالم المدينة المقدسة إلا أنه لم يستطيع السيطرة علي المستوطنين اليهود وهذا لايمكن السكوت عنه من قبل الشعب الفلسطيني".. وطالب الحرازين بضرورة وجود قرارات مهمة وحاسمة من الحكومة الإسرايلية لوقف كافة الانتهاكات والاعتداءات حتي تعود الأمور الي نصابها الحقيقي ويعطي الشعب الفلسطيني حقه،وإذا أرادت دولة الاحتلال أن يكون هناك حالة من الهدوء فعليها الخروج من المدينة المقدسة. وتوقع الحرازين أن يكون هناك تدخلات ووساطات دولية، لوقف حالة التدهور السائدة، وإيجاد موقف واضح من الانتهاكات الاسرائيلية. وعن تأثير هذه العملية وهذا التصعيد من الجانبين علي مسألة المفاوضات الغير مباشرة بين الفلسطينين والجانب الصهيوني علي خلفية الحرب الأخيرة علي غزة، أكد الحرازين أن قضية المفاوضات الغير المباشرة كانت ناتجة عن وضع معين نتيجة العدوان علي غزة، ويجب تهيئة الأوضاع وأن يكون هناك قرارات جادة من حكومة الاحتلال حتي لاتخرج الأمور عن نطاق السيطرة. وقال الدكتور محمود الزهار، عضو المكتب السياسي في حركة "حماس" إن الدعوات إلى التهدئة في القدس هي دعوات مشبوهة هدفها خنق الانتفاضة وقد اثبتت فشلها. وأضاف الزهار خلال تصريح متلفز عبر فضائية القدس، صباح الثلاثاء: "التهدئة كانت موجهة لطرف واحد، ولا أحد استجاب لها، لا الإسرائيليين ولا المقاومة". وأكد أن عملية القدس هي منطقية وطبيعية مأخوذة من المخزون البشري لما يرتكبه الاحتلال من انتهاكات بحق القدس والمسجد الأقصى والمقدسيين، مضيفا: يجب أن يكون سلاح المقاوم جاهز دائما، ولا يتوقف للدفاع عن النفس". وتابع: قرار التهدئة بيد من يقاوم ويدافع عن النفس، وهذا التيار المقاوم الذي بذل جهودًا كبيرة لا يمكن أن يستجيب للقرار ويجلس في بيته. وبيّن الزهار أن تحميل نتنياهو لحركة حماس مسؤولية العملية، هي محاولة للضغط على عباس ليقوم بدور الشرطي الاسرائيلي، وهذا لا تقبل به الحركة، مضيفًا "حماس لها الشرف أن تتحمل مسئولية العملية". واعتبر عضو المكتب السياسي بحماس، عملية القدس رد طبيعي على جرائم الاحتلال الذي يحاول تقسيم الأقصى زمانيًا ومكانيًا، داعيًا الشعوب والأمة العربية إلى دعم القضية الفلسطينية. وقد نفذ صباح اليوم ثلاثة شبان من فلسطين، عملية "طعن" في كنيس يهودي بالقدس، أدت إلى قتل 6 مستوطنين وإصابة 15 آخرين. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتنياهو إنه سيرد على عملية القدس بيد من حديد، متهماً حركة حماس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالمسؤولية عن التحريض على هذه العملية التي أدلت لقتل ستة إسرائيليين واصابة 15 آخرين، أربعة منهم في حالة الخطر. وزعم نتنياهو أن العملية نتيجة طبيعية للتحريض الذي تمارسه حماس وأبو مازن ضد إسرائيل، متهماً المجتمع الدولي بالتغاضي عن هذا التحريض الذي يضر بأمن "إسرائيل". ويعقد نتنياهو اجتماعاً طارئاً لمناقشة عملية القدسالمحتلة بحضور المجلس الوزاري المصغر وقيادة الأمن في إسرائيل ولمناقشة آلية الرد على هذه العملية. من ناحية أخرى قال نفتالي بينت وزير الاقتصاد: "أبو مازن أعلن الحرب على اسرائيل وعلينا التعامل معه على هذا الأساس وقد بات يجلس على رأس الإرهاب الفلسطيني". و دعا عضو الكنيست زعيم حركة "شاس" ايلي يشاي الى هدم منازل منفذي العملية وطرد عائلاتهم من مدينة القدس، فيما دعا وزير الاسكان اوري ارائيل رئيس الوزراء لعقد اجتماع فوري للمجلس الوزاري المصغر "الكابينيت"، لاستعادة الأمن في مدينة القدس. وقالت مصادر وثيقة الصلة بملف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، أن هناك حالة من التوتر والقلق بالمنطقة نتيجة التصعيد الخطير في القدس ،ففي الأردن تخوف كبير من امتداد النيران، وفي واشنطن قلق من تأثير أحداث القدس على برامجها في المنطقة الداعمة للارهاب والمستهدفة الاستقرار في العالم العربي.