بالرغم من تأخر تولي المرأة المصرية منصب القضاء عن غيرها من القاضيات بالدول الاوروبية والعربية إلا أنها بدأت من حيث انتهى الآخرون واستطاعت خلال سنوات قليلة ان تثبت جدارتها بمشاركتها الرجل القاضي في اقامة العدل في معظم ساحات المحاكمات وساعدها في هذا تمتعها بالشخصية القوية والمثابرة والفطنة والذكاء وهذا ما شهدت به بعض القاضيات البريطانيات اثناء الزيارات المتبادلة بين البلدين , كما كان لوزارة العدل دور كبير من خلال منح الفرصة للقاضيات المصريات من المشاركة في جولات دراسية للمحاكم بأمريكا ودول اخري والاطلاع علي مناهج المدارس القضائية المختلفة مع الحرص علي تنمية مهارتهن الذهنية والقانونية باقامة دورات تدريبية لهن، وتزويدهن بالمؤلفات والكتب والمراجع وامدادهن بأحكام من محكمة النقض قبل بدء عملهن وأثناء ممارستهن للعمل القضائى, فتأهيل القاضي ليس أقدس التزامات الدولة ازاء مواطنيها فحسب بل هو ألزم اللزوميات لقوتها ونهضتها . ورغم نجاح التجربة في مصر الا انه ما زال عدد القاضيات قليل بالمقارنة بالدول الاخري ولا اعلم لماذا لم تمنح القاضية المصرية فرصتها الكاملة في اعتلائها كافة المنصات القضائية , وما اسباب غلق هذا الباب امام المرأة خلف من تم تعيينهم , ورفض اعادة فتحه لمن ينطبق عليهن شروط الصلاحية التي تؤهلهن بأن يصبحن قاضيات , و لماذا هناك منصات قضائية مازالت حكراً علي الرجل القاضي , فاذا اردنا ان نتحدث عن اصلاح قضائي صحيح يتعين النظر لموقع المرأة القاضية في تلك المنظومة بجانب الرجل القاضي , لذا نأمل في القريب العاجل ان نجد زيادة في عدد القاضيات المصريات , ونجدهن يشاركن الرجل القاضي في منصات محكمة النقض والقضاء الاداري والقضاء التأديبي مع وضع الآليات اللازمة لذلك , فهذا سيساعد كثيرا في معالجة بطء التقاضي وتكدس القضايا الذي يعاني منهم المواطن المصري ومرفق العدالة ككل , وسيساهم ذلك في تحقيق العدالة الناجزة التي تسعي اليها اي دولة متقدمة متحضرة , فالتأجيل المتكرر للدعاوي يهدر العدالة ويجعل المواطن يلجأ للقضاء الخاص مثل التحكيم لمرونة اجراءاته وسرعة بته في النزاع في الاحوال التي يجيز فيها القانون ذلك . كذلك ضرورة نشر ثقافة العمل في المجال القضائي من خلال التعرف على طبيعة عمل القاضيات ودورهن في نشر وترسيخ قيم العدالة في المجتمع , فاصلاح تلك المنظومة يبدأ اولا بتغيير الفكر والرؤي وثانيا بإخضاع من يتقدمن للالتحاق بهذا الصرح العظيم لاداء تلك الرسالة السامية لاختبارات غاية في الدقة , فالتفوق العلمي وحده لا يفي بالمقومات المطلوبة للصلاحية لتولي أمر القضاء بل هناك معايير اخري منها الاستقامة والاستقلال والنزاهة والالمام بالمعارف القانونية وقياسات الذكاء واتذكر في هذا المجال كلمة دوبان Dupin نقيب محامي فرنسا بقوله ان القاضي لا يرتفع قدره برفعة وظيفته ولا تتسم سيماؤه بسناها الا اذا تمثلت في نفسه فضائلها .