أجّل باراك أوباما ضرب سوريا، فأحرج فرانسوا هولاند، الذي كان يؤكد أن الضربة وشيكة جدًا. وتعالت أصوات في فرنسا تطالب بعرض المسألة على التصويت في البرلمان الأربعاء المقبل. أُجبرت فرنسا على الانكفاء نحو موقف دفاعي بعد قرار الرئيس باراك أوباما تأجيل الضربة العسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى ما بعد عودة الكونغرس من أجازته. واضطرت الحكومة الفرنسية للاعتراف بأنها لا تستطيع التحرك من دون الولاياتالمتحدة، فيما أخذت تواجه ضغطًا متزايدًا بعد دعوة البرلمان الفرنسي أيضًا إلى التصويت على الضربة، اقتداء بمثال مجلس العموم البريطاني وخطوة أوباما. تسبب قرار أوباما في إحراج الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي أشار قبل يوم على كلمة الرئيس الأميركي إلى أن الضربة العسكرية ضد نظام الأسد باتت وشيكة، لمعاقبته على استخدام أسلحة كيميائية ضد شعبه، رغم قرار بريطانيا المفاجئ بعدم المشاركة، وأعلن هولاند أن فرنسا مستعدة.
حرج هولاند كان هولاند يفضل القيام في وقت مبكر بعملية سريعة، لكن عليه الآن أن ينتظر محرَجًا إلى أن ينتهي الكونغرس الأميركي من تحضيراته لمناقشة القضية، فيما أخذت أصوات متزايدة في فرنسا تشكك بالتزام الرئيس الفرنسي بالمشاركة في الهجوم المؤجّل. وأكد وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس، عضو مجلس الأمن القومي الفرنسي، أن فرنسا ما زالت مصممة على التحرك، لكنه اعترف بأن لا خيار أمام باريس سوى انتظار نتيجة تصويت الكونغرس. وقال فالس في مقابلة إذاعية: "إن فرنسا لا تستطيع أن تتحرك بمفردها، وإذا مُنع مجلس الأمن الدولي من التحرك، فإننا سنحتاج ائتلافًا واسعًا قدر الإمكان". وكان هولاند يواجه وضعًا داخليًا جعله صعبًا عليه فشل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في نيل تأييد البرلمان للعمل العسكري في سوريا، ثم جاء قرار أوباما ليزيده تعقيدًا. واعترف فالس بأن هناك وضعًا جديدًا بعد التصويت في مجلس العموم البريطاني. وقال مسؤول فرنسي رفيع لصحيفة فايننشيال تايمز إن تأخير العملية العسكرية ليس هو القرار الأمثل، لأنه سيمنح النظام السوري مزيدًا من الوقت لتفادي نتائجه. لكنه أضاف أن الرئيس هولاند يتفهم الضرورة السياسية لحصول أوباما على تأييد الكونغرس. لا تصويت برلمانيًا من جهة أخرى أكد المسؤول الفرنسي أن قصر الإليزيه لا يعتزم طرح العمل العسكري للتصويت في الجمعية الوطنية الفرنسية، رغم ثقة هولاند في توافر غالبية تؤيد الضربة العسكرية من الحزب الاشتراكي ومن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية المعارض. وكان رئيس الوزراء الفرنسي السابق والقيادي في حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية فرانسوا فيون أعرب عن شكوك قوية في التزام فرنسا بالمشاركة في الضربة العسكرية، وطالب بالتصويت عليها حين يناقش البرلمان الفرنسي الأزمة السورية يوم الأربعاء المقبل، بعدما دعاه الرئيس هولاند إلى الاجتماع. وقال فيون الأحد: "أعتقد أن فرنسا لا تستطيع أن تخوض حربًا من دون تأييد البرلمان تأييدًا واضحًا". لكن فالس أكد أنه لن يكون هناك تصويت، داعيًا إلى الحفاظ على حرية عمل رئيس الجمهورية. وينص الدستور الفرنسي على دعوة البرلمان إلى الانعقاد في غضون ثلاثة أيام من التدخل المسلح في الخارج، لكنه حتى في هذه المرحلة لا يشترط إجراء تصويت. وقال فالس: "ليس هناك تدخل حتى الآن، ولن يكون هناك تصويت". وكان الرئيس هولاند نال تأييدًا شعبيًا واسعًا لتدخل فرنسا في مطلع العام ضد الجماعات الإسلامية في مالي. لكن الرأي العام الفرنسي يبدو أكثر تحفظًا إزاء توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا. وأظهر استطلاع نُشرت نتائجه يوم السبت أن نحو 64 بالمئة من الفرنسيين يعارضون مشاركة فرنسا في هجوم عسكري على سوريا.