القاهرة: طلب مجمع البحوث الإسلامية بمصر من الجهات المختصة منع كتاب المفكر الإسلامى جمال البنا "المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء" الذي اعتبر فيه أن فتحة الصدر وحدها هي الحجاب المطلوب إسلاميا ولا ضرورة دينية لارتداء المرأة الحجاب. وتسبب هذا القرار في منع إرسال شحنة من الكتاب إلى الكويت بعد أن تقدمت إحدى الشركات الناقلة بطلب الحصول على تصريح له، وهو تقليد قانوني تتبعه السلطات المصرية بخصوص المطبوعات الدينية التي تصدر لخارج البلاد. واعتبر مؤلف الكتاب جمال البنا أن الفقهاء الذين يضمهم المجمع اتخذوا موقفا من الكتاب لأنه يتعرض لتفسيرات الفقهاء بشأن المرأة وحدود العورة فيها، قائلا "يبدو أن هذا أغضب أعضاء المجمع لأنهم يمثلون جانب الفقهاء الذين جعلوا كل جسد المرأة عورة مع أن القرآن الكريم حرره ولم يتحدث إلا عن تغطية فتحة الصدر، وبالتالي فلا ضرورة دينية لارتدائها الحجاب الذي يغطي شعرها". وقال د. محمد عبدالمعطي بيومى عضو المجمع الذي يمثل أعلى هيئة فقهية في الأزهر إن "البنا يتعامل مع تلك القضايا على انها موضوعات بحثية وليست رأيا شخصيا، وهذا خطأ لن نصمت عليه، فمهمتنا الأولى والأخيرة أن نحافظ على الثقافة الإسلامية وأن نستبعد التحريف سواء فى آيات القرآن الكريم أو فى السنة النبوية". وتابع: جلسنا مع البنا وناقشناه فيما يكتبه وينشره، لكنه لم يستطع الرد علينا وايجاد دليل منطقي، وبدا أنه يصر على التأويلات الخاطئة. لكن البنا أكد كما ذكرت فضائية "العربية" أنه لم يجلس اطلاقا مع أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، مشيرا إلى أن الكتاب متداول منذ أكثر من 4 سنوات في المكتبات داخل مصر ولم يتبق منه حاليا سوى نسخ قليلة، مستغربا صدور قرار بمصادرته بعد كل هذه المدة. وحول أسباب حظر الكتاب رغم تداوله في السوق المصري قبل 4 سنوات أوضح جمال البنا أنه جاء بسبب تصدير 49 عنوانا من كتبي إلى الكويت، فقامت الشركة الناقلة قبل 6 شهور بعرضها على مجمع البحوث الإسلامية للحصول على الموافقة. وبعد دعوى قضائية قمت برفعها وافق على تصدير 45 عنوانا وأجل البت في 4 عناوين أخرى، إلى أن صدر الحظر بخصوص أحدها وهو "المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء" ولا أدري ماذا عن العناوين الثلاثة الباقية. وأضاف "لا أفهم حتى الآن كيف تتدخل سلطة مجمع البحوث الاسلامية في الكتب التي تصدر للخارج رغم وجودها بالفعل في السوق المصري، وهل يخشى المجمع فقط على عقائد الناس في خارج البلاد". وتوقع البنا أن تقوم الجهة الأمنية بتنفيذ قرار الحظر على النسخ المتبقية لدى المكتبات والناشر، قائلا إنه لم يتلق خطابا رسميا حتى الآن حول ما يجب أن يفعله مع الكتاب. وأشار إلى أن كتابا آخر له هو "مسئولية فشل الدولة الإسلامية" كان مجمع البحوث قد حظره قبل عدة شهور، لكن قرار المصادرة لم ينفذ حتى الآن. ووصف ما يحدث أنه "صورة من ممارسات الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى، وهذا أمر مرفوض شكلا وموضوعا، وهذا عار على مصر". وقال البنا في حوار سابق له أن كتاب "المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء" مبني على فكرة محورية في فكرنا كله، وهو أن هناك نوعان من الإسلام، إسلام القرآن والرسول من ناحية، وإسلام الفقهاء من ناحية أخرى. إسلام القرآن والرسول يضع الخطوط العريضة، ويقوم على أساس كرامة الإنسان وعلى أساس الحرية وعلى أساس القيم. لكن الفقهاء، أي المشرعين، الذي يضعون القانون، فالفقهاء هؤلاء وضعوا منظومة المعرفة الإسلامية في القرن الثالث الهجري، في الوقت الذي بلغت الدولة الإسلامية مرحلة الإمبراطورية، يعني مثلاً أحمد بن حنبل، رمز السلفيين، عاصر المأمون، الذي وصلت فيه الدولة الإسلامية مرحلة كان فيها أبو الرشيد يقول للسحابة "إذهبي حيث شئت، فسيأتيني خراجك". هل كان بإمكان هؤلاء الفقهاء أن يصدروا أحكاماً تتعارض مع منطق الطبيعة الإمبراطورية للدولة؟ لم يكن ذلك ممكنا، ولما أختلفوا مع الدولة تعرضوا للإضطهاد. الأئمة الأربعة كلهم تعرضوا للإضطهاد. الشافعي كان قاب قوسين أو أدني أن يقتل، الإمام أحمد بن حنبل ُضرب حتى كاد يموت تحت السياط. ويقول: "الحجاب في مضمون القرآن ليس نقابا أو حجابا، ولكنه باب أو ستر يحجب من في الداخل ويفرض على الداخل الاستئذان، وهذا هو المعنى الذي جاء في القرآن لكلمة "حجاب" وأنها اقترنت بآيات الاستئذان كما أنها لم ترد إلا بصدد الحديث عن زوجات الرسول". كما أصدر المجمع قرارا يوصي بمنع عدد من الكتب الأخرى منها كتاب عادل سليمان "الطريقة الفريدة فى تثبيت العقيدة" والذى تكلم فيه عن الاعجاز العددي للقرآن الكريم وبخاصة الرقم 19 وكذلك كتاب عبد الفتاح الطوخي "سحر بارنوخ" الذي قال فيه إن السحر جائز شرعا. وفيما يخص الكتب المنشورة باللغة الانجليزية فقد رفض المجمع كتاب "من محمد علي الى بن لادن" للكاتب الإسرائيلى ديفيد بوكاى والذى ينسب الارهاب إلى الدين الإسلامى ويربط بين الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبين بن لادن. كما أوصى بمنع كتاب "المسيحية والاسلام والسياسات البريطانية" للباحث الإنجليزى ألان كليفورد لاساءته إلى الإسلام بشكل صريح، وتناوله الرسول محمد بشكل مجحف وعرض مقارنة سيئة بينه وبين نبى الله عيسى عليه السلام. وجمال البنا وهو باحث ومفكر إسلامي شهير له عشرات الكتب التي يقابل بعضها برفض من بعض العلماء الإسلاميين؛ لكونه يدعو إلى تجديد الفقه، وتنقية الأحاديث النبوية الواردة في كتب الصحاح، وأبرزها في البخاري ومسلم، وهو الأخ الأصغر للشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.