نائب وزير السياحة تشارك في مؤتمر «الابتكار في صناعة السياحة في ظل التغيرات العالمية المعاصرة»    وزارة التخطيط تشارك في الدورة العاشرة للمنتدى الأفريقي للتنمية المستدامة    الأسواق الأوروبية تغلق على انخفاض .. وارتفاع أسهم التعدين 1.9%    "الخزانة الأمريكية": واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    كهرباء الإسماعيلية يتعادل مع الإنتاج الحربي ويصعد للمحترفين    مدرب يد الزمالك يوجه رسائل تحفيزية للاعبين قبل مواجهة أمل سكيكدة الجزائري    الإفراج عن 476 سجينا بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء    قومي المرأة ينظم برنامج سينما الطفل بأسوان    خالد الجندي: مصر لن تفرّط في حبة رمل من سيناء    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    "إكسترا نيوز": معبر رفح استقبل 20 مصابًا فلسطينيًا و42 مرافقًا اليوم    خطوات تحميل امتحانات دراسات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني pdf.. «التعليم» توضح    تواصل عمليات توريد القمح للصوامع بالمحافظات    احتفالا بذكرى تحريرها.. المطرب مينا عطا يطرح كليب "سيناء"    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    ماذا يقول المسلم في الحر الشديد؟.. أدعية رددها الآن    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن انطلاق أكبر حملة تشجير بجميع الكليات    بعد إعلان استمراره.. ثنائي جديد ينضم لجهاز تشافي في برشلونة    تفاصيل الاجتماع المشترك بين "الصحفيين" و"المهن التمثيلية" ونواب بشأن أزمة تغطية جنازات المشاهير    وزير الرياضة يشهد انطلاق مهرجان أنسومينا للألعاب الإلكترونية    مدرب نيس ينضم لقائمة المرشحين لخلافة بيولي في ميلان    انقطاع المياه عن بعض المناطق فى البياضية والحبيل بالأقصر    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    الرئيس البيلاروسي يتوقع المزيد من توسع «الناتو» وتشكيل حزام من الدول غير الصديقة حول روسيا وبيلاروس    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    السكة الحديد: أنباء تسيير قطار إلى سيناء اليوم غير صحيحة وتشغيل خط الفردان بئر العبد الفترة المقبلة    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الرئيس السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين حفاظا على القضية وحماية لأمن مصر    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    منصة شاهد تعرض أول حلقتين من مسلسل البيت بيتي 2    إصابة ربة منزل سقطت بين الرصيف والقطار بسوهاج    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    أول تعليق من ناهد السباعي بعد تكريم والدتها في مهرجان قرطاج السينمائي    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ طنطاوي: توبة نصر حامد أبوزيد مشروعة بشرط أن يعلن براءته من كل ماكتبه
نشر في القاهرة يوم 06 - 04 - 2010

نختتم هذا العدد الفصل الخاص بآخر الفتاوي التي صدرت بحق بعض القضايا المتعلقة بالسينما والأدب وبعض قضايا الفكر التي كان من أشهرها تفريق الدكتور نصر حامد أبوزيد عن زوجته
أدلي الشيخ الدكتور سيد طنطاوي شيخ الأزهر بتصريح حول رواية حيدر حيدر وليمة لأعشاب البحر أعلن فيه أنه ضد الرواية، وأن القضاء سيكون هو الفيصل بينه وبين وزارة الثقافة والتي كان من واجبها أن ترسل له الرواية قبل نشرها. وقال: إنه لا يكفر مؤلف الرواية، ولكن كل من يكتب كهذه الرواية فهو كافر! وفي حوار مع إحدي الصحف، أجاب عن سؤال:
أثار الحملة علي (وليمة لأعشاب البحر) تخوف الأدباء والمبدعين وتساءلوا هل من ضوابط شرعية لابد من الالتزام بها؟
نحن مع الإبداع والجمال اللذين يحترمان مكارم الأخلاق ويحتضنان الفضائل، لكن الرواية التي تنتقد كل المقدسات الدينية وتسيء إلي الخالق عز وجل وإلي الرسول- صلي الله عليه وسلم- وإلي أصحابه رضوان الله عليهم، وتمتلئ بألفاظ تتنافي مع الأخلاق والقيم، لا تسمي إبداعًا لأنها خرجت عن الضوابط الشرعية للعمل الأدبي المتمثل في الحفاظ علي مكارم الأخلاق والثوابت الإسلامية وعدم الاستخفاف به. (صحيفة العربي 28/5/2000).
ويعلق الدكتور جابر عصفور علي هذا الموقف الديني ويراه شكلاً من ثقافة العنف، بقوله: ربما كان من أهم ما كشفت عنه أزمة رواية حيدر حيدر وليمة لأعشاب البحر هو وجود ثقافة عنف لها سطوتها في مصر، ثقافة مرجعيتها دينية، تبدأ وتنتهي بالدين الإسلامي علي نحو ما تناوله مجموعة من الأفراد أو التنظيمات أو الجماعات أو بعض المؤسسات الدينية نفسها. ويعني ذلك أن السند الديني المباشر لهذه الثقافة ليس نصوص كتاب الله وأحاديث الرسول- صلي الله عليه وسلم- وسنته، وإنما تأويل هذه النصوص بما يشدها إلي هدف بشري بالضرورة، ويضعها في سياق من العقلية التفسيرية الموظفة لخدمة غاية دنيوية بعينها، غاية ترتبط بما يحقق مصالح الأفراد أو الجماعات أو التنظيمات أو المؤسسات التي تجعل من هذا التأويل، أو هذه العقلية التفسيرية أصلاً لوجودها، ومبررًا لاتجاهاتها، ودافعًا لمواقفها وأفعالها، والهدف السياسي لهذه العملية هو التمهيد الفكري لإقامة دولة دينية تحل محل الدولة المدنية (صحيفة الحياة 31/5/2000).
عرفت هذه الفترة ظهور تشريع الحسبة لواجهة المثقفين المستنيرين والمخالفين، والذي يعطي الحق لأي مواطن أن يقيم دعوي قضائية ضد مواطن آخر، بوصف الأول نائبًا عن التقاليد وآداب الأمة والدين، وبوصف الثاني خادشًا للتقاليد وآداب الأمة والدين.
ويرفض المثقفون المصريون هذا القانون لأسباب عدة يجملها الشاعر حلمي سالم الذي يعاني الملاحقة الدينية فيما يلي:
- إن الحسبة ليست قانونية ولا شرعية
- إن القوانين العادية فيها ما يكفي لمعاقبة أي اعتداء علي المقدسات أو المعتقدات أو الأخلاق أو الدين.
- إن الحسبة كثيرًا ما توظف في تخليص التيارات الفكرية أو الشخصية.
- إن الحسبة عقبة كئود في طريق حرية الفكر والإبداع والاجتهاد التي كفلها الدستور أي أنها غير دستورية.
- إن الحسبة ساقية جهنمية، يمكن لسيفها أن يدور علي رقاب فرسانها أنفسهم وهو ما دفع بالفعل عندما رفع الشيخ يوسف البدري دعوي حسبة ضد د.عبدالصبور شاهين وكتابه أبي آدم، وكان الشيخان حليفين كبيرين في قضية الحسبة ضد... نصر حامد أبوزيد.
- إن نقل الحسبة من يد مواطن إلي يد النيابة لا يعد تقدمًا جوهريًا.
(حلمي سالم، 2003، ص:188)
رصدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان مصادرات الأزهر للكتب، فقد ذكرت الدراسة التي أعدها حافظ أبوسعدة الأمين العام للمنظمة وقدمها لمؤتمر الرأي والتعبير عن الثقافات الذي نظمه مركز القاهرة لحقوق الإنسان، أن الرقابة بدأت بعد صدور فتوي من مجلس الدولة تعطي للأزهر صلاحية مراقبة الأعمال الفنية والمصنفات السمعية والبصرية. وقد بلغ مجموع الكتب التي صادرها الأزهر 81 كتابًا، وهي تشمل كتبًا تحاول الاجتهاد دينيًا مثل كتاب جمال البنا المعنون: مسئولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث. ودأب الأزهر في معارض الكتب الدورية علي التدخل ومنع الكتب. ففي معرض 1992 قامت لجنة من مجمع البحوث الإسلامية بالتفتيش، وصادرت بنفسها، خمسة كتب لمحمد سعيد العشماوي، وكتاب قنابل ومصاحف لعادل حمودة، وكتاب خلف الحجاب- موقف الجماعات الإسلامية من قضية المرأة.
تعرض كتاب الخطاب والتأويل لنصر حامد أبوزيد للمصادرة حسب قرار من مجمع البحوث الإسلامية في 27/11/2003 رغم صدور الكتاب في المغرب عام 2000، وجاء في حيثيات القرار، أن الكاتب طعن في ثابتين من ثوابت العقيدة الإسلامية، وهما: التوحيد وحفظ القرآن الكريم، الأمر الذي يمنع تداوله لطعنه في صحيح العقيدة الإسلامية. (صحيفة نهضة مصر 14- 15/12/2006).
تعددت تدخلات الأزهر من خلال الفتوي في مجال الفن والإبداع وتعتبر هذه المواقف عظيمة الضرر علي حرية التعبير والتفكير. فقد دخل الشاعر المصري أحمد الشهاوي في معركة مع الأزهر الذي أصدر فتوي بمنع كتابه: وصايا في عشق النساء وشن علي الأزهر هجومًا عنيفًا علي من أسماهم (متطرفين من المفروض أن يحاربوا التطرف فرسخوه) معتبرًا أن الموقف من كتابه (لا يختلف عن المواقف التي تبنتها جماعات أصولية راديكالية في السنوات الماضية ضد كتاب وشعراء وأدباء).
وقال الشهاوي: (لا أعتقد أن أعضاء المجمع الثمانية والعشرين قرءوا الكتاب وإنما ثلاثة أو أربعة منهم فقط معروفون بآرائهم المتشددة، وسبق أن كفروا زملاء لهم من علماء الأزهر، والقرار جاء من أناس لا علاقة لهم بالإبداع ومتخصصين في الفقه والشريعة والمعاملات الإسلامية، ولم نعرف منهم شاعرًا أو أدبيًا).
واعتبر أن الأزهر أهدر دمه بفتواه الأخيرة، وأضاف: (لم ننس أن فتوي الأزهر عام 1959 ضد نجيب محفوظ نفذت العام 1994 علي أيدي واحد من المتطرفين حاول ذبحه) معتبرًا أن الفتوي الجديدة (ترسخ الإرهاب وتثبت فكر المصادرة)، وأوضح أن كل النسخ التي طبعت من الكتاب بيعت بالفعل، وقال: (لن يجدوا نسخة واحدة ليصادروها لكن سأطبع منه وسأروجه وسأهدي من أصدروا الفتوي بيانًا يوضح موقفي وموقف شعراء الإسلام).
من جهته قال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة المصرية للكتاب الدكتور سمير سرحان (الجهة الناشرة لكتاب وصايا في عشق النساء) إن الهيئة لن تسحب الكتاب من منافذ التوزيع التابعة لها علي رغم مطالبة الأزهر بمنع تداوله، لأن القرار الذي يلزمنا كهيئة في نشر كتاب أو عدمه هو قراء لجنة القراءة التابعة للهيئة). (الحياة 5/11/2003).
وجاء في تقرير مجمع البحوث الإسلامية في حق الشاعر، وطالب بمنع ديوانه، وأوصي بعدم طباعته من خلال هيئة الكتاب، ووجه الأزهر في هذا التقرير انتقادات عنيفة إلي مؤسسات الدولة الرسمية، واستغرب أن تتبني مؤسسة رسمية (نشر العبث بآيات القرآن وأحاديث النبي). وجاء في التقرير أن ديوان الشهاوي (يحتوي علي وصايا كلها موجهة إلي المرأة تدعوها إلي الذوبان في العشق، وأن تسلم نفسها وجسدها بغير تحفظ، ولا تستحي من فعل خطر لها). ولفت التقرير إلي أن في الكتاب (تمجيدًا للذة الجسدية ويسوق آيات القرآن في غير مواضعها ويستشهد بها مع عبارات الفجور والفسق والتعري، واستعمال أحاديث النبي وإخراجها عن معناها لتكون في نطاق الدعوة إلي الاستمتاع، واستعمال أوصاف الله تعالي في وصف المعشوقة واسناد أفعال الله إليها ما يكاد يكون كفرًا صريحًا.. والاستشهاد بكلام أهل التصوف ونقل معناه إلي ما يدعو إليه من عشق الذكر والأنثي... والدعوة الفاضحة إلي الفسق والتجرد من الحياء.. واستعمال الكنايات أحيانًا لكنها فاضحة مفضوحة. وأضاف: (لا ندري أي قيمة أو دعوة نافعة أو فائدة وراء طبع هذا الكتاب ونشره، وهل مثل هذه المنشورات تنفع الأمة وتحمي شبابها، من المزالق والمهالك، أم أنها تفتح باب إحدي لبنات الوطن؟) وخلص التقرير إلي (أن ما يشتمل عليه الكتاب من عبث بآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأعظم والتجرؤ علي أوصاف الله وخلعها علي الأنثي المعشوقة وتحريف معان لدي المتصوفين واستعمال عباراتهم في غير ما قصدوه ذلك كله يدعو المنصفين الذين يخافون علي مستقبل هذه الأمة في شبابها إلي مع نشر هذا الكتاب وتداوله (صحيفة نهضة مصر 14- 15/12/2006).
فقه اللغة
عُرف مجموع البحوث الإسلامية بحملاته التكفيرية والدعوة إلي المصادرة وأصبح رقيبا دينيا علي الكتاب، وكان كتاب فقه اللغة للويس عوض من أهم الكتب التي صادرها القضاء بناء علي مذكرة المجمع، وقد جاء فيها:
«إنه ينطوي علي مغالطات دينية ولغوية خطيرة ينبغي أن ننبه إلي شرها، ففي الفصل الثاني يري المؤلف أنّ مذهب أهل السنة في القول بقدم القرآن، وما تبعه من القول بقدم اللغة العربية، يرتبط بنظرية اللوجوس المسيحية التي تقول بقدم الكلمة، ففي نظره أن فقهاء الإسلام اجتهدوا أن تضغط نظرية الوحي في الإسلام علي غرار نظرية اللوجوس وهي كلمة الله المرادفة لعقل الله أو للروح القدس.
ثانيا: مهاجمة الكتاب عقيدة التوحيد الإسلام وجعلها تقوم علي مبدأ التثليث، وكثيرا ما حاول وصل الإسلام بهذه النظرية في مواقع كثيرة ويزعم أن كلمة «صمد» في العربية «وهي من الأسماء الحسني» كلمة محيرة، لأنها مادة جامدة لم تشتق من فعل، ولم يشتق منها فعل، ويفهم من كلامه أن «صمد» ثلاثة، وأن الثلاثة في مفهوم الكلمة قائم علي اختلاف علماء اللاهوت المسيحي، وطبيعة المسيح، والله، وكيفية اتصالهما بكلمة صمد يعني الاسم فيهما هو الصفة، والصفة هي الاسم، ومعني «الصمدية» هو الثالوث أو الثلاثة.
إلا أن أحمد شوقي الخطيب المحامي في مذكرة دفاعه عن كتاب فقه اللغة ينتقد ما جاء في مذكرة المجمع قائلا: «تقول المذكرة - أو بالأدق تفتري افتراء - علي الكتاب أنه ينطوي علي «مهاجمة عقيدة التوحيد الإسلامية وجعلها تقوم علي مبدأ التثليث» وتضيف أنه «زعم أن كلمة الصمد في القرآن الكريم تنطوي علي مبدأ التثليث والمؤلف المعروض ضده وكذلك محاميه المتشرف بكتابة هذه المذكرة يستنكران بشدة هذا الذي افترته المذكرة والمخالف بل المناقض للثابت بالكتاب صراحة والذي جاء به صراحة «ص: 306» عن كلمة «الصمد» وما نصه حرفيا أنه كلمة «نادرة الاستعمال».
واشهر استعمال لها هو في الصمدية، ولذا ربط المفسرون معناها دائما بتوكيد التوحيد وإنكار التثليث في مفهوم الصمدانية الأكثر من ذلك أصدر مجمع البحوث الإسلامية فتوي تطالب بضرورة منع كتب سعيد العشماوي من التداول وخصوصا كتاب: الخلافة الإسلامية. «الجمهورية المصرية 1/3/1994».
حوار مع المفتي
كانت محكمة النقض المصرية قد أصدرت حكمها لتثبت التفريق بين الدكتور نصر أبوزيد وزوجته، وقد دار هذا الحوار المهم مع الدكتور محمد سيد طنطاوي عقد صدور الحكم:
- أثار الحكم الذي أصدرته محكمة النقض ضد الدكتور نصر أبوزيد التساؤل عن جواز تكفير إنسان أشهر إسلامه، ما جوابكم؟
هذه قضية عرضت علي القضاء في المرحلتين الأولي والثانية، وانتهت إلي محكمة النقض، فقالت كلمتها، بعد تحقيق مفصل وموضوعي والقضاء الذي قال كلمته هذه المرة هو أعلي درجات القضاء، إذا لا تعليق لنا علي ما يقوله، لأنه لم يحكم بما حكم إلا بعد دراسة موضوعية متأنية فيها كل الضمانات.
- لا نريد تعليقا علي ما يقول القضاء، ولكن نطلب رأيكم لأن هناك من صدمهم هذا الحكم، وبعضهم أشار إلي كلام كان صدر عنكم مفاده أنه «لا يجوز تكفير المسلم علي أساس كتاباته، وإنما يجب أن يناقش في آرائه واجتهاداته فقد يعدل عنها».
هذا الكلام قلناه قبل أن تقول الهيئات القضائية كلمتها، أما الآن وبعدما قال القضاء كلمته، فلا تعليق لنا. كلامي الذي تشيرين إليه جاء قبل أن يفصل القضاء أردنا أن نبين القواعد الشرعية، والقضاء هنا اتبع القواعد الشرعية.
- وما الفيصل في الحكم علي الإنسان إذا كان هناك تباين بين ما يكتب وما يقول؟
هذا هو النفاق بعينه كوني أنطق الشهادتين ثم أقدم علي أمر، سواء كان فعلا أم قولا أم سلوكا يتنافي مع ما أنطق به، فالذي يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم يعمل عملا، أو يكتب كتابة تخالف النطق بالشهادتين إنما يمارس النفاق.
- ولكن هل يجوز تكفير إنسان أشهر إسلامه؟
نحن نعامله بالظاهر، فإذا كتب كتابات تخالف نطقه بالشهادتين، وإذا تضمنت كتاباته استهزاء بالإسلام وبالعبادات ففي هذه الحالة يكون كلامه بلسانه مخالفا لما كتبه بيده، والعياذ بالله بعيدا عن الإسلام.
- إذا حكم علي إنسان بأنه مرتد وارتئي التفريق بينه وبين زوجته إلي أي مدي يكون الحكم ملزما؟
الحكم القضائي هذا أصبح ملزما وانتهت المسألة، حكم القضاء بالتفريق بين الرجل وزوجته، فوجب التفريق، وبمقتضي هذا الحكم أصبح منفصلا عنها، وهي منفصلة عنه، وإذا مات أحدهما لا يرثه الآخر.
- هل يمكن استتابته؟
هذه مسألة تخضع لأن يأتي مجددا ويعلن أنه بريء من كل ما كتبه، وأنه كان مخطئا فيما كتب، ويعلن ذلك أمام الناس، ولكن أن يقول بلسانه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم يسيء إلي القرآن، فهنا نقول له: كلامك يكذبه الواقع.
- هناك اعتراض علي الحكم ضد أبوزيد من منظور أنه يمكن أن يقود إلي وقف الاجتهاد وتجميده؟
هذا ليس اجتهادا، مرحبا ما دام في أمر يقبل الاجتهاد، ولكن لا يمكن أن يأتي إنسان ليقول: إن الشمس تخرج من المغرب بدلا من المشرق، ونسمي هذا اجتهادا، الاجتهاد يكون في الأمور الفرعية التي تقبل الاجتهاد تماما مثل الخلاف الذي يحدث بين الأئمة، ولكن لا اجتهاد فيما ثبت من الدين بالضرورة، فالاجتهاد هنا يسمي تفاخرا ورياء يقصد به خدمة الباطل لا خدمة الحق. «الحياة 22/8/1996».
سئل الشيخ عبدالصبور شاهين، عن رأيه في الحكم فأجاب: «لقد كان أمامه أن يتوب ألف مرة، وهو ليس كبيرا علي التوبة، لقد تاب من قبله سيده وسيد أبيه طه حسين الذي يعدل حذاءه مائة من هذه الأصناف فقد ذهب إلي المحكمة وأعلن توبته»، «مجلة المصور، العدد 3689 في 23/6/1995».
بحب السيما
وصار مجمع البحوث الإسلامية يمارس سلطة أبعد من مجاله الإسلامي، فقد لجأت عناصر أصولية في الكنيسة القبطية إلي المجمع لاستصدار تقرير «فتوي» ضد فيلم: «بحب السيما» بعد أن عجزوا عن استصدار حكم ضد الفيلم من القضاء المدني، وقامت الشكوي علي أن الفيلم يسيء إلي الأديان السماوية والأنبياء، ويكتب د. جابر عصفور عن هذا الوضع رافضا إخضاع الفن لمثل هذه الرقابة.
ولكن حتي لو أصدر مجمع البحوث الإسلامية حكما سلبيا علي فيلم يتناول قضايا مسيحية، وهو أمر لم يحدث من قبل وسابقة خطيرة لا تخلو من معني الوصاية، فإن هذا الحكم يظل من الناحية القانونية في دائرة الرأي ويمكن لأي محكمة مستنيرة أن ترفضه، تماما كما حدث مع كتاب رب الزمان لسيد القمني الذي أباح توزيعه وتداوله حكم أصدره قاض مستنير، نقض ما انتهي إليه مجمع البحوث الإسلامية، سواء حدث ذلك مع فيلم «بحب السيما» أو لم يحدث فإن ظاهرة المنع باللجوء إلي القضاء، أو الاستعانة بمؤسسة دينية موازية للقضاء تظل قائمة ومتكررة وذلك في سياقات الصراع الذي لن ينتهي قريبا ما بين تيارات الاستنارة وتيارات الإظلام، أو اتجاهات التعصب واتجاهات التسامح مع المجتمعات العربية علي اختلاف دياناتها وطوائفها «صحيفة القاهرة 28/9/2004».
كانت البداية في محكمة عابدين للأمور المستعجلة برفع الدعوي رقم 687 لسنة 2002 من مجموعة من محاميي الشهرة طالبوا في ختامها بمنع عرض فيلم «مذكرات مراهقة» للمخرجة والمنتجة إيناس الدغيدي وأيضا سحب الفيلم من دور العرض في مصر بزعم مخالفته للدستور والقانون والنظام والآداب العامة ولعادتنا وتقاليدنا المستمدة من شرائعنا السماوية.
وجاء في الدعوي أيضا أن فيلم «مذكرات مراهقة» أجازته الأجهزة الرقابية وقد تضمن من المشاهد ما يعد ارتكابا للفحشاء علنا علي شاشة السينما، فضلا عن التحريض علي الفسق والفجور وإشاعة الفحشاء بين الناس وقذف المحصنات دون سند شرعي.. ما يمثل إخلالا بالحياء العام وخروجا سافرا علي كل ما نادت به الشرائع السماوية من الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة، وخاصة أنه ليس هناك ضرر أشد من تشويه صورة الفتاة المصرية التي هي الأم والأخت والابنة، وحتي الجارة ونجد في أحد مشاهد الفيلم في عيادة الطبيب الخاص بعمل «ترقيع» لغشاء البكارة يسيء إلي جميع الفتيات المصريات ويصورهن في صورة فتيات الغرب وأن هذا الأمر أصبح عاديا فضلا عن أنه يجعل الشباب يعزف عن الزواج الذي أحله الله سبحانه وتعالي لشكه في سلوك أغلب الفتيات.
وأصدرت محكمة عابدين حكمها بعد قبول الدعوي لرفعها من غير ذي صفة، وألزمت المدعي بغرامة إجرائية قدرها خمسمائة جنيه، وألزمته بالمصروفات وسبعين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.
جاءت أسباب الحكم في رفض الدعوي أنها تقع ضمن القانون رقم 3 لسنة 1996 الذي ينص علي أن النائب العام هو صاحب الحق الوحيد في رفع قضايا الحسبة.
لكن أحد محامي الشهرة استأنف الحكم ضد كل من مدكور ثابت مدير الرقابة علي المصنفات الفنية ود. جابر عصفور وإيناس الدغيدي ووزير الثقافة وأمام محكمة استئناف القاهرة، وطالب في نهاية دعوته أمام محكمة الاستئناف بإلغاء حكم محكمة عابدين ووقف دعوي الاستئناف احتياطيا والتصريح له بالطعن أمام المحكمة الدستورية العليا في عدم دستورية قانون الحسبة لتعارضه مع نص المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع المصري والحسبة جزء من النظام الإسلامي لا يجوز إلغاؤها أو قيدها، كما أن ما جاء في فيلم «مذكرات مراهقة» يضره هو والغالبية من الشعب المصري لما فيه من مشاهد!.
وأكدت الدعوي إذا كان الدستور وهو مصدر القوانين يعطي المواطن حق اللجوء للقضاء، فلا يجوز لأي قانون وهو أدني في مرتبة التشريع من الدستور أن يحظر عليه هذا الحق، فإن كان هذا القانون مخالفا للدستور فيغيره عدم الأخذ به.
تسليمة نسرين
يمتد التضييق والملاحقة الدينية وظهور محاكم التفتيش إلي كل أنحاء العالم الإسلامي، فقد جاء في الأخبار التقرير التالي:
- عادت الكاتبة البنغالية تسليمة نسرين «45 عاما» إلي دائرة الضوء بعدما أوشك العالم أن ينسي الزوبعة التي أثيرت حول مؤلفاتها رغم أنها دفعت العيش في المنفي ثمنا، بعدما هددها إسلاميون متطرفون بالقتل واتهموها بالإلحاد.
وعرضت جماعة إسلامية هندية مكافأة مقدارها نصف مليون روبية «11 ألف دولار» لمن يقطع رأس هذه الكاتبة وأعلن رئيس مجلس «الاتحاد من أجل الهند» تقيد رضا خان في بيان وزع في لوكناو عاصمة ولاية أوتار براديش في شمال الهند أن «تسليمة نسرين تلحق في كتاباتها العار بالمسلمين ويجب قتلها وقطع رأسها لافتا إلي أن المكافأة لن تلغي إلا إذا عمدت نسرين إلي «طلب العفو» وأحرقت كتابها ورحلت.
وتمثل الروائية البنغالية التي تعيش في أوروبا وتنتقل بجواز سفر اسكندينافي منذ تركت موطنها هربا من ملاحقة الجماعات الأصولية بالنسبة إلي مسلمي الهند، كما في بنغلاديش رمز التطاول علي الدين والتشهير بعقيدتهم.
وحكم علي نسرين العام 2002 بالسجن بسبب روايتها العار «لاجا» التي وصفت «اضطهاد» الغالبية المسلمة للطائفة الهندوسية، ما تسبب في تظاهرات إسلامية تهديدات بقتلها ورغبت الكاتبة التي حولتها مواقف المتطرفين إلي ضحية أخري من ضحايا الفكر، في الاستقرار في ولاية البنغال الغربية قرب الحدود بين الهند وبنغلاديش لكن السلطات الهندية رفضت منحها الجنسية وفرت نسرين العام 1994 إلي السويد، وهي منذ ذاك تتنقل خصوصا بين أوروبا والولايات المتحدة والهند. وكانت جماعة تسمي «مجلس جنود الرسول» قد أصدرت فتوي تطالب بقتلها.
وفي 1998 عادت نسرين إلي بنغلاديش لزيارة والدتها المريضة ثم غادرت البلاد عقب وفاتها.
ونسرين التي ألفت 24 رواية وديوانا شعريا وحازت جوائز عالمية، حظرت الحكومة البنغالية ثلاثة من كتبها، وهي: العار وطفولتي وريح شعواء كما منع الأزهر نشر الترجمة العربية لروايتها العار التي صدرت عن دار «الخيال».
انتهي الفصل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.