الرئيس السيسي يشدد على ضرورة التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    قصة وفاة محامٍ ونجله.. مرض الابن فتوفي الأب كمدًا ولحق به الابن    بحوزتهم اسلحة ومواد مخدرة بقيمة 90 مليون جنيه.. مصرع مسجلين خطر اثناء مداهمة امنية بقنا    لدعم مراكز ريادة الأعمال.. جامعة الدول العربية تستضيف قمة ريبل 2025    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    أسعار زيت الطعام على بطاقات التموين بعد إضافة عبوة جديدة (تفاصيل)    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    تشديد أمني في مطار بفلوريدا بعد رصد برج مشبوه قرب طائرة ترامب    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    كلوب يفتح الباب أمام عودة محتملة إلى ليفربول    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    افتتاح مدرسة الشوحط الثانوية ببئر العبد    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    الروح الطيبة.. طليقة أمير عيد تنعى والدته برسالة مؤثرة (موعد ومكان العزاء)    بعد غد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا على مسرح النافورة بالأوبرا    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    ملتقى شباب المخرجين.. أبطال «بين ثنايا الحقيقة» عن العرض: رؤية جديدة للنص الكلاسيكي    وزير الخارجية ومحافظ أسوان يزوران مركز مجدي يعقوب برفقة وفود منتدى أسوان للسلام    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للجنة التنسيقية لمنظومة التأمين الصحي الشامل    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    ارتفاع الذهب واستقرار الأسعار في مصر منتصف التعاملات اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    أليجري يوضح سبب تغيير مركز لياو.. ورسالته بعد تصدر ميلان الدوري الإيطالي    هل اقترب رحيل أليو ديانج وأشرف داري من الأهلى فى يناير المقبل؟ اعرف التفاصيل    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    عاجل.. فتح باب المرافعة من جديد في محاكمة محمود عزت و80 قيادي أخواني ب "التخابر مع تركيا"    إصابة 7 أشخاص في حادث إنقلاب سوزوكي بطريق اسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة بخط الكيلو 21 بالإسكندرية.. توجيه المحافظ للنقل العام لتيسير حركة المرور أوقات الذروة    جامعة قناة السويس تستعرض تشكيل لجنة المكتبات    صحة غزة: مستشفيات القطاع استقبلت 57 شهيدا و158 مصابا خلال 24 ساعة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الصومالي تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين (صور)    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    رمز لهوية الأمة.. المتحف المصري الكبير يوحد وجدان المصريين    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    مواقف محرجة على السجادة الحمراء.. حين تتحول الأناقة إلى لحظة لا تُنسى    محافظ الجيزة يفتتح مركز خوفو للمؤتمرات بميدان الرماية أمام المتحف المصري الكبير    فوزي لقجع يهدي لقب مونديال الشباب للملك محمد السادس    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    باكستان: الهدف الأساسى من اتفاق وقف إطلاق النار مع أفغانستان القضاء على الإرهاب    وزير التعليم العالي يعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في الدوري.. والقنوات الناقلة    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    مجدي يعقوب: مصر بقيادة الرئيس السيسي تظهر للعالم معنى السلام    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    السجن 5 سنوات للمتهم بتهديد بنشر صور وفيديوهات خادشة لربة منزل في قنا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فكرة" على أمين .. كبسولات إنسانية تصلح لكل العصور
نشر في محيط يوم 19 - 01 - 2008


كبسولات إنسانية تصلح لكل العصور

محيط - هالة الدسوقي

فكرة .. يحمل هذا الاسم عمود يومي كان يكتبه عملاق الصحافة المصرية على أمين، مؤسس جريدة أخبار اليوم هو وتوأمه مصطفي أمين، وهو نفس الاسم الذي يحمله كتاب يضم مائة من هذه الأفكار، وهي حصيلة أخر سنتين من عمره.

وتتميز أفكار على أمين بأنها طازجة دائما تناسب وقتنا الحالي كما ناسبت الوقت الذي كُتبت فيه. يمكنك أن تختار أيها وتقرأه وكأنها كُتبت اليوم، وليست لكاتب رحل عن عالمنا منذ سنين.

ولك عزيزي القارئ انتقت شبكة الأخبار العربية "محيط" بعض هذه الأفكار:

رسالة غرام

سألني صديق : ماذا أقدم لزوجتي في عيد ميلادها ؟
قلت : رسالة غرام.

قال : هل جننت ؟ لقد مضى على زواجنا 25 سنة .. فهل من المعقول أن أرسل لها رسالة غرام بعد كل هذه السنين ؟
قلت له : سعد زغلول كان يرسل خطابات غرامية لزوجته بعد سن الستين، والسياسي الإنجليزي دزرائيلى كان يكتب لزوجته خطابات غرامية وهو في سن السبعين ولما مات رئيس الوزراء المشهور أسكويث في سن الثمانين، وجدوا على مكتبة نصف خطاب غرامي كان يكتبه للمرأة التي يحبها.

إن خطاب الغرام هو أجمل هدية لامرأة : إنه يرفع حرارتها، ويدفع سرعة دقات قلبها. إنه يحلق بها بين السحب. إنه يحلق بها بين السحب. إنه يعيد الاطمئنان إلى صدرها، ويكذب المرايا التي تطلعت إليها منذ لحظات.

والآن اجلس في مكتبك، واكتب رسالة غرامية للمرأة التي تحبها. حدثها عن الأيام الحلوة والليالي الدافئة. حدثها عن السعادة التي متعتك بها. حدثها عن اليوم الذي التقيت بها فيه لأول مرة. ذكرها بالحديث الذي جرى بينكما في ذلك اللقاء أثبت لها أن هذه اللحظات محفورة في قلبك وذاكرتك.

إن المرأة تتصور أن الأحداث تدفن ذكرياته الحلوة. أثبت لها أن السنين لم تسطع أن تمسح سطراً واحداً من قصة غرامك.
إن هذه الرسالة سترد لها بعض شبابها.
ستطرد بعض التجاعيد التي بدأت تزحف على بشرتها.
لا توهم نفسك بأن عصر كتابة الرسائل الغرامية قد فات.
إنه لا يفوت أبداً.
اكتب الخطاب.
اكتبه الآن.

الزوج الفأر

خالف قواعد المرور. حاول شرطي المرور أن يوقفه لمخالفته، وبدلا أن يدوس على الفرامل، داس عل البنزين.
وراح يسابق الريح بسيارته .

وفجأة وقفت سيارته.... لقد نفد البنزين.
وطار عقله.

قفز من سيارته، وأوقف أول سيارة قادمة، وشهر مسدسه في وجه السائق، وأمره بالنزول.
وركب السيارة المسروقة، وأطلق لها العنان.

وفوجئ السائق الهارب بشيء يتحرك بجانبه تحت المعطف.
ورفع المعطف السميك، فوجد تحته امرأة حسناء. إنها زوجة صاحب السيارة التي سرقها، لقد كانت نائمة، ولم تتنبه لكل ما حدث.

وبعد ساعة استطاع رجال الشرطة اللحاق بالسائق الهارب، وألقوا القبض عليه، وقدموه للمحاكمة. فحكمت المحكمة عليه بالسجن تسعة أشهر.

وعند خروجه من باب السجن كانت في انتظاره زوجة صاحب السيارة التي خطفها. وصحبته إلى مسجل العقود، وعقدت قرانها على الرجل الذي خطف سيارة زوجها.

فقد طلبت الزوجة الطلاق من زوجها لما اكتشفت أنه جبان. واحتقرته لأنه في لحظة فزعه نسيها في السيارة، وتحول إلى فأر صغير، وإنها أحبت السائق لشجاعته وجرأته، ولأنه في أثناء هربه بالسيارة عرض عليها أن يسلم نفسه للبوليس حتى لا يعرضها لطلقات رصاص الجنود الذين يطاردونه، ولكنها رفضت هذه التضحية . وفي ساعة واحدة أحبت "رونالد تيرى" وقررت الزواج منه.... فقد أحست أنه قادر على حمايتها.

إن المرأة تحب دائماً الرجل الشجاع...... وتحتقر الفئران.

عندما يموت الحب

يتصور بعض الناس أن الحب كالقطط بسبعة أرواح.
وبهذا يضيعون السنين في محاولة رد الروح إلى حب قد مات .

فنحن نحب الحب ونتصور دائماً أنه يختلف عن حب الآخرين، ولذلك لا نتصور أن حبنا يمكن أن يموت.

نرى حبنا جثة هامدة، ومع ذلك نرفض أن ندفنه تحت التراب. وكثيراَ ما نوهم أنفسنا أن هذه الجثة بدأت تتحرك وتتكلم وتبتسم.

وفترة خداع النفس هي أقسى فترة يمر العشاق والمحبون. فهم يغمضون عقولهم وعيونهم ولا يصدقون كلام الأصدقاء.
أعرف فتيات انتظرن سبع سنوات عودة الحبيب الذي هرب.
وأعرف صديقاً انتظر عودة حبيبته بعد أن تزوجت ورزقت بأطفال، وتزوج أولادها وأصبح لها أحفاد. كان يقول لي إن قلبه لم يكذب يوماً.. وهذا القلب يؤكد له أنها ستعود.

وليس من السهل إقناع المحبين بأن الحب الميت لا يمكن أن يسترد الحياة. فإن العاشق كالأم التي لا تصدق الأطباء حين يقولون أن طفلها قد مات. إنها لا تتصور أن القدر يمكن أن يخطف منها طفلها الحبيب، ولذلك تعارض في دفنه.
تتوسل إلى من حولها أن ينتظروا، ولا يتعجلوا الدفن ، فإنها واثقة أن طفلها لا يزال على قيد الحياة.

والمشكلة هي كيف نقنع المحبين بأن حبهم قد مات، وأن عليهم أن يواجهوا هذه الحقيقة، ويبدأوا حياة جديدة.
إنني أنصح بمواجهة المحبين بالحقيقة. أعرف أن بعض الناس يفضلون لف الحقيقة بالورق المفضض ويرش السكر على الحقيقة لتخفيف مرارتها، ويجاملون العشاق بإرجاء عملية الدفن. ولكنني أعارض هذا الأسلوب وأرى خطره على القلوب المصابة.

إنني من أنصار سرعة الدفن.
إنها عملية صعبة قاسية .. ولكنها العلاج الوحيد للقلوب الجريحة.

أعصابك . . أعصابك

لو كنت مكانك لوضعت أعصابي في صندوق التوفير.

فإن أموال قارون لن تحل مشاكلك وأزماتك .. أعصابك وحدها هي التي تخرجك من الحفر التي أوقعك فيها الزمن.
حافظ على هذه الأعصاب، ولا تبعثرها بغير حساب.
لا تحرقها في مشاكلك الصغيرة.

لست قاضياً حتى تحاسب الناس على أخطائهم.
ولست عسكري مرور حتى تتعارك مع سائق في الطريق العام؛ لأنه يسير على اليسار بدلا من على اليمين.
ولست إلهاً حتى تتصور أن كل الذين لا يؤمنون بك من الكفرة والملحدين.

ولا تطل مناقشاتك مع الناس. قل رأيك وامش.. فإن إطالة المناقشة لن تقنعهم ... إنها ستحرق أعصابك أنت.
ولا تتعارك مع من هم أصغر منك مقاماً أو أقل منك مقاماً أو أقل تعليماً. فإن الأسود لا تتعارك مع الفئران.

وإذا وجه لك أحد الجهلاء كلمة نابية، فاضحك، وامض في طريقك، وتذكر الحكمة التي تقول "إن الجالس على الخازوق هو الذي يشتم السلطان". وإذا سمعتها من أحد المتعلمين، فاضحك لأنه كشف للناس عن حماقته.

وإذا أدارت الدنيا لك ظهرها لا تلعنها .. فإنها تدور.. وسترى وجهها الضاحك غداً أو بعد غد.

وفي سنة 1920 كان الإنجليزي إدوارد بوفتون يملك عدداً من سندات شركة سيارات ...وهبطت أسعار السندات، وفقد المساهمون أعصابهم وراحوا يبيعون سنداتهم بسعر التراب ولم يفقد إدوارد أعصابه... وراح يشترى السندات المعروضة. وبلغت أرباحه مليونين من الجنيهات الإسترلينية.

ادخر أنت أعصابك أيضاً.
فستصبح هذه الأعصاب رأسمالك يوم يفقد معظم الناس أعصابهم.

سمعت رنين الذهب

إن الأغصان التي تنحني للعواصف لا تقتلعها الزوابع.
والأشجار الصلبة التي تعاند اندفاع الرياح، وترفض أن تميل معها، تكسرها العواصف وتقتلعها الزوابع.
فلا تعاند الزمن، سايره حتى تهدأ العواصف... ثم بعد ذلك سر في طريقك المهم ألا تقع على الأرض، ولا تغرق في دموعك .

لما كنت طفلا كنت أعيش في بيت سعد زغلول. وكانت مائدة الطعام تزدحم كل يوم بالدجاج واللحم والسمك والأرز والخضراوات والحلوى والفاكهة.

وفي أحد الأيام اختفت الأصناف اللذيذة، ولم أجد على المائدة إلا طبقاً من الفول المدمس.
وتكرر طبق الفول المدمس أسبوعا كاملاً .. وفي اليوم الثامن تطلعت إلى أمي ونحن على المائدة وسألتها: لماذا نأكل الفول المدمس كل يوم؟
فأجابت: لأنه ألذ طعام في الدنيا.

وبعد انتهاء الطعام، سحبتني أمي من يدي وقالت لي: إننا نأكل الفول المدمس، لأنه ليس في طاقتنا أن ندفع ثمن أي طعام آخر ، لقد صادر الإنجليز كل أموال سعد زغلول وأسرته في البنوك. وبعدها بدأت أقتنع أن الفول المدمس ألذ طعام في الدنيا.

ومع ذلك كنا نضحك حول مائدة الطعام، وكأننا نأكل الديك الرومي ... فقد كنا سعداء بأننا استطعنا أن نساير الزمن.
وبعد بضعة أيام جاء عجوز يلف وجهه بوشاح أبيض وطلب مقابلة زوجة سعد مقابلة خاصة.

ووقفنا وراء الباب نتفرج على هذه الشخصية الغريبة.
وإذا بالشيخ بدأ بفك الحزام الضخم الذي يلف به بطنه.
وفجأة رأينا الجنيهات الذهبية تتساقط على الأرض من تحت الحزام.
وقال الشيخ لزوجة سعد: هذا من شعب مصر لك.
وبعدها بدأنا نأكل الدجاج.
وكان الشيخ هو المصري باشا السعدي الذي أصبح رئيساً للوفد بعد أن نفي الإنجليز سعد زغلول وزملاءه.

إن عيبك الكبير انك متواضع حبتين

فأنت لا تقدر قوتك وسلطانك. لا تعرف أن في استطاعتك أن تهز المقاعد من تحت الطغاة الحكام. لا بالصراخ في الشوارع، ولا بالإضراب عن العمل، ولا بإشعال النار في السيارات .. ولكن بالقلم الذي في يدك.

لا تصدق أن هذا القلم لا يتحول إلى سيف إلا إذا أمسكه خبير في اللغة أو عالم في البلاغة أو أحد سحرة اللعب بالألفاظ. إن القلم هو سيف في يد أي رجل شجاع حتى ولو كانت معلوماته في اللغة لا تزيد عن معلومات ماسح الأحذية أو بائعة ورق اليانصيب.

فإن المشاعر الصادقة أكثر بلاغة من الكلمات المأثورة ومراجع البلاغة والبيان.

خطاب ملئ بالأخطاء النحوية صادر عن القلب يؤثر في قارئه أكثر ألف مرة من خطاب كتبه سيبويه أو عميد الأدب العربي في أكبر الجامعات.. ويعيش في الذاكرة أطول مما تعيش آثار عباقرة اللغة.
فإذا شعرت بالظلم، فامسك قلمك، واكتب.......

اكتب رسالة إلى الحاكم. لا تبدأ بالمقدمات والعبارات الجوفاء. اكتب مشاعرك واشرح ببساطة الظلم الذي وقع عليك، وضع خطابك في صندوق البريد. سيقولون لك إن السكرتير سيفتح خطابك ويلقى به في سلة المهملات.

لا تصدق. إن صراحتك أقوى من خوفه من رئيسه. هذه الصراحة الساذجة ستضطره أن يضع شكواك أمام الحاكم .
إذا رمى شكواك الأولى في سلة المهملات .. فلن يرمى الشكوى الثانية ولا الثالثة.

لقد كنت في شبابي مديراً لمكتب 13 وزيرا .. وأعرف أثر هذه الرسائل في الحكام. أعرف أن بعضهم كان لا ينام الليل بعد قراءتها.
فإن الحاكم يخاف دائماً من الرأي العام الشجاع.
وأنت الرأي العام.

إن الحكم فن جميل

ومن أصول هذا الفن أن تفتح قلبك للشعب، وان تقنع كل فرد فيه أنه يستطيع أن يلجأ إليك إذا وقع في مأزق.
ومنذ أيام أرسل التلميذ " ألكسندر كوبر " وعمره ثمانى سنوات رسالة إلى رئيس وزراء بريطانيا، وقت كتابة هذه السطور، هذا نصها:

" عزيزي .. حاولت أن أفهم معنى دخول بلادي إلى السوق المشتركة فأخفقت. فأرجو أن تشرح لي فائدة هذه السوق. ولك تحياتي وتمنياتي بالعام الجديد".

وبعد ثلاثة أيام تلقى التلميذ " ألكسندر" رسالة من 10 دواننج ستريت. إنها مرسلة من رئيس الوزراء. وشرحت الرسالة للتلميذ الصغير بأسلوب بسيط فكرة السوق المشتركة والمزايا التي ستحصل عليها بلاده من الدخول في السوق.

فهل اتسع وقت رؤساء الوزارات في بلادنا للرد على رسائل أطفال بلادهم؟
بل هل اتسع للرد على ألوف الرسائل التقى تصل إليهم كل يوم من أفراد الشعب؟
إنهم يتصورون أن مثل هذه الرسائل لا تستحق الرد.
إن معظمها يلقى في سلة المهملات.. باعتبار أنها رسائل ساذجة لا تستحق الرد.
وينسون أن الاتصال الشخصي يخلق أنصاراً وعشاقاً.

ينسون أن الأطفال سيكبرون بعد سنوات وسيصبحون من الناخبين.
ولكن الزعماء في بلادنا لا يفكرون في الغد.
إنهم يركزون جهدهم على اليوم، لأنهم لا يثقون بالغد.
ولذلك تهتز الزعامات في بلادنا.
لأن الحظ هو الذي يبنى الزعامات عندنا.. والجهد هو الذي يبينها في بلاد أخرى.

مواصفات الحاكم المثالي

الحاكم المثالي هو الذي يحترم الشعب باحترام وقت كل فرد فيه.
فلا يسرف في التصريحات، لأنه يعرف أن الكلام البراق يضيع وقت الناس.

ولا يطل برأسه بمناسبة وغير مناسبة من شاشة التليفزيون ليقول كلاماً سمعه الناس مئات المرات.
ولا يبعثر وقت الشعب بلا حساب، فيتركهم يقفون الساعات أمام أبواب المحلات التجارية بسبب نقص مواد التموين، وعجز الدولة عن تدبيرها.

ولا يسمح بتحول الإدارات والوزارات في بلاده إلى بيت جحا... فتدخل فيها أوراق الناس، وتصل إلى باب الخروج، وتلف وتدور بين المكاتب والأقسام.. وصاحب المصلحة لا يعثر على أوراقه إلا بعد أن تزحف على وجهه التجاعيد ويشيب رأسه، ويدفع البقشيش.

الحاكم المثالي يجدد شباب العدالة، حتى لا تتحول إلى امرأة عجوز تسير في سرعة السلاحف، ولا ترد الحقوق إلا بعد طلوع روح المظلوم.

وهو يقلل من المواكب الرسمية، ويكثر من الاختلاط بالناس والسير على قدميه في الشوارع ليرى بنفسه ما تقاسيه أغلبية الشعب من استهتار رجال المرور، يلمس سذاجة رجاله الذين شقوا الشوارع للسيارات الفاخرة، ونسوا أن يتركوا مكاناً للمشاة المساكين.

والحاكم المثالي يحيط نفسه بالخبراء لا بالمصفقين .. خبراء يدرسون له الاتجاهات الحديثة في الحكم، والتجديد الذي دخل في الإدارة الحكومية في العالم، ويحاول أن يستفيد من تجارب جديدة تكلف الملايين.
والحاكم المثالي يحاول أن يحقن الأداة الحكومية بدم جديد .. يؤخر زحف تجاعيد الزمن على الأنظمة، ويضمن انطلاقها المستمر.

وهو لا يطيق بالرأي الآخر. لأن انطلاق هذا الرأي دليل على استقرار الحكم، واختفاءه هو إنذار بثورة أو انقلاب.
وهو يغضب ولا يحقد.. ويحب ولا يجامل .. ويضرب ولا يجرح. ويعرف أن الاحترام ليس بالانحناءات وإنما بالمصارحة وحماية حق كل فرد في أن يقول "لا".

للصبر حدود

أتمنى أن أدير أسطوانة " للصبر حدود " في قاعة الأمم المتحدة.
فقد ضاق صبرنا، بعد أن سجلنا أرقاماً علمية في الصبر لم يسجلها سيدنا أيوب.
أريد أن أسأل شعوب العالم : هل من الممكن أن نصبر أكثر مما صبرنا؟
هل من الممكن أن يحتمل شعب الظلم الذي احتملناه؟
لقد تآمر الأقوياء علينا، وساعدوا اللصوص على احتلال وطننا، وطردنا منه.
أصبحنا نعيش في الخيام، واللصوص يعيشون في بيوتنا.
واستنجدنا بالشرطة.

وجاء الشرطي المرتشي ، بدلاً من أن يطرد اللصوص، نصحنا بأن نقتسم معهم وطننا ووطن أجدادنا . وقسم اللصوص أرضنا على طريقة قصة القرد وقطعة الجبن.

واعترضنا ثم وافقنا بعد أن قيل لنا إن عدالة هذه الأيام لا ترد الرغيف كاملاً لأصحابه الضعفاء.

ولكن اللصوص رفضوا أن يردوا نصف الأرض التي اغتصبوها. رفضوا رد نصف الرغيف المسروق.

واستنجدنا بالشرطة مرة أخرى. فنصحنا بالانتظار. قالت لنا " كلام شرف. هذه المرة سنرد لكم نصف الأرض ".
وإذا باللصوص لا يكتفون بالأرض التي سرقوها. بل راحوا يسرقون أضعاف مساحات هذه الأرض.
فهل يطلب منا بعد هذا أن ننتظر؟

هل يطلب منا أن نعيش أكثر من 26 (في وقت كتابة على أمين لهذه الكلمات) في الخيام؟
أليس من حق كل عربي أن يفقد أعصابه، ويتحول إلى شمشون يهدم المعبد على الدنيا كلها؟
لماذا يدهش العالم لقتل عشرة إسرائيليين في ميونخ.. ولا يدهش لذبح شعب كامل؟

تحطيم الفوانيس

لا يطيق بعض أطفال الشوارع فوانيس النور.
إنهم يمسكون الحجارة، ويصوبونها إلى الفوانيس يحاولون تكسيرها.

لا يفكر هؤلاء الأطفال في أن هذه الفوانيس تبدد الظلام. لا يتصورون أن أنوار هذه الفوانيس تبين للناس معالم الطريق، تكشف للمارة الحفر والمستنقعات التي تملأ الشوارع. لا يقدرون أن النور نعمة، أنه يحمى المارة من الاصطدام، ومن الوقوع على الأرض وتكسير العظام.

كل هذا لا يهم : لأن الأنوار تثير أعصابهم الضعيفة، وتحرك رغبتهم في التكسير والتحطيم.
وإذا كانت الفوانيس تبدد ظلام الشوارع، فإن الناجحين هم فوانيس بلادنا.. فإنهم ينيرون لنا الطريق إلى حياة أفضل. إنهم يبددون الظلام الذي يتردى البعض فيه بسبب الغرور والجهل.

ويكبر أولاد الشوارع ولا تكبر عقولهم . إن كراهيتهم لفوانيس النور تعيش معهم ولذلك يمسكون الحجارة ويضربون بها كل رجل ناجح.
إن نجاح غيرهم يثير أعصابهم ويملأ قلوبهم بالكراهية والحقد . بدلاً من يحاول كل منهم أن يعرف حتى ينجح ويلمع، يتصور أنه إذا حطم كل الناجحين سيفتح لنفسه الطريق.

ولم تستطع حجارة هؤلاء الفاشلين أن تحطم فانوساً واحداً، فإنه الحقد يعمى البصر، ولذلك يفشل الحاقدين في إصابة الفانوس إنه يستمر ينشر نوره على الدنيا ، ومعظم الناجحين يضيقون بهذه الحجارة الظالمة وبعدم العرفان بالجميل وبعضهم يندم على الجهود التي بذلها وخلايا العقل التي حرقها . وينسى أن هذه الحجارة ضريبة النجاح والمفروض أن يسجل كل ناجح ضريبته من سمعته وراحته.

فالفاشل معفي من الضريبة والناجح يدفع دائما ضريبة، وأكوام الحجارة التي تلقى على الناجحين هي الأهرامات التي تخلد نجاحهم
فألف شكر على الأهرامات.
وهاتوا مزيداً من الحجارة.

الفرق بين النابغة والصعلوك

أرسل الكاتب جورج برنارد شو... خطاباً إلى رئيس تحرير جريدة "الديلى نيوز"، وطلب نشره كاملا برغم أنه يستغرق عمودين كاملين من الجريدة.

وفي اليوم التالي تلقى برنارد شو خطابه مع رسالة من رئيس التحرير يطلب فيها من الكاتب أن يختصر خطابه إلى ربع مساحته. أي يختصر عموداً ونصف عمود من رسالة لا تزيد على عمودين.

ولم يغضب برنارد شو. لم يتهم رئيس التحرير بالجهل والغباء لم يقل له إن كلامه لا يحتمل الاختصار، لأن كل كلمة يكتبها تعبر عن فكرة واتجاه.

لقد جلس برنارد شو إلى مكتبة 12 ساعة، وأعاد كتابة رسالته 11 مرة حتى استطاع أن يركز الرسالة في نصف عمود. ثم أرسلها إلى رئيس التحرير مع رسالة شكر لأن تركيز الرسالة ساعد على رفع مستواها، وأنه سيحاول منذ اليوم أن يركز أفكاره بعد أن اكتشف أن التركيز يبرزها ويدعمها ويزيد بريقها.

كتب برنارد شو هذه الرسالة عام 1904. وكان يومها كاتباً لامعاً ومع ذلك تقبل النقد بصدر رحب، وسارع في تصحيح الخطأ الذي وقع فيه. لم يتصور أن إعادة كتابة مقال تمس كرامته، أو لا تتفق مع مكانته الأدبية. بل جلس إلى مكتبة 12 ساعة، وأعاد كتابة رسالته 11 مرة حتى يخفض مساحتها إلى المساحة المسموح بها.

وهذا هو الفرق بين النوابغ والصعاليك.

الصعلوك يتصور أن كل نقد يوجه إلى عمله هو مجرد غيرة وحسد من الناقد.
والنابغة يعرف أن النقد يبنى، ولا يهدم .... وأن الرجل الناجح هو الذي يستمع إلى الرأي الآخر ، ويحاول الاستفادة منه. يعرف أن الكمال من صفات الله وليس من صفات الإنسان ، ولهذا يفتح أذنيه لكل نقد، ويسارع إلى تصحيح الأخطاء التي وقع فيها.

والديمقراطية ليس معناها أن يستشيرك الحاكم في كل خطواته فحسب، بل معناها أيضاً أن يتسع صدرك أنت لسماع نقد الناس .
وما أكثر الذين يرفعون أعلام الديمقراطية في الشوارع، وهم طغاة في بيوتهم ومكاتبهم.

يا رب

يا رب شجعنا على أن نتطلع إلى أنفسنا في المرايا لنرى كل عيوبنا، ونتخلص منها ... ولا تتركنا نكسر المرايا لأنها تواجهنا بحقيقتنا.

يا رب. ساعدنا على أن نحول أحلامنا إلى حقائق بالجهد والعرق... ولا تتركنا نتوهم أن الحقوق يمكن أن تسترد بذرف الدموع.

يا رب عودنا أن نريح حناجرنا، ونرهق عقولنا... فقد أضعنا العمر نريح العقول، ونرهق الحناجر.

يا رب . لا تتركنا نسكر بخمر الغرور، فنزداد جهلاً وكسلاً. ولا تتركنا ننتش برائحة الهدم والتخريب .. فعندنا ما يزيد على طاقتنا من الخرائب.

يا رب . ساعدنا على أن نحافظ على ما عندنا من كفاءات ، ولا تتركنا نحطمهم واحداً واحداً، فقد ازدحمت الصفوف الأولى بالجهلاء وعجزت الجامعات عن أن تمدنا بكفاءات جديدة تملأ الفراغ الضخم الذي خلقناه بتصورنا أن الجاهل هو الوطني، والعالم هو الخائن .

يا رب . ساعدنا على أن نحب ونتسامح، فقد غرقنا في بحر الحقد و الكراهية... ورفضنا ركوب قوارب النجاة بحجة أنها من صنع الرأسماليين أو من صنع الشيوعيين.

يا رب . ساعدنا على أن نحتفظ بأصدقائنا ولا نبعثرهم يميناً ويساراً .... وأن نعتمد على أنفسنا، فقد خدعنا أنفسنا السنين الطوال، وتصورنا أن غيرنا على استعداد لأن يحارب لنا معاركنا.

يا رب. ساعدنا على أن نفتح جميع النوافذ ليدخل منها هواء الحرية الطلق ونفتح أبواب السجون ليخرج كل مظلوم ...ونفتح قلوبنا ونغسلها من تجاعيد الحقد والكراهية لبعضنا البعض.

يا رب. ساعدنا على أن نحارب في جبهة واحدة . فقد خسر هتلر الحرب لأنه حارب في جبهتين، ونحن نحارب في ألف جبهة وجبهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.