افتتح مؤخرا معرض الفنانتين إيمان عزت وهبة خليفة في جاليري المشربية، حيث قدمت الفنانة إيمان لوحات في مجال التصوير، في حين عرضت الفنانة هبة أعمالا جرافيكية. عرفت الفناناتان باتقانهما وتميزهما في فن الجرافيك وحصدهما العديد من الجوائز في صالون الشباب وغيره من المعارض والترانيليات الدولية للجرافيك، ولكنه في هذا المعرض فاجأتنا الفنانة إيمان عزت بتقديم تجربتها الفنية التي تعمل عليها منذ فترة وتطورها بأساليب جديدة، وهي العمل على إيقاع الخط والتي اشتهرت بها في لوحاتها الجرافيكية، بتقديمها في هذا المعرض نحو 21 لوحة تصوير، اصبحت الأرض فيها منبعا جديدا لإكمال تجربتها التي عملت عليها جرافيك، تلك الأرض التي تقبل الزراعة. إيمان جردت تلك المساحات الشاسعة من الأراضي التي تشاهدها حينما تسافر لبلد منشأها كفر الشيخ، لنراها خطوطا وألوانا تتداخل وتتماوج وكأننا نشاهدها من بعد تتأرجح في تناغم لوني دافيء، يندمج بألوان الأرض الترابية، ليأخذ من روحها سمة تنطبع بداخلنا وتؤكد على إحساسها بالطبيعة. شاهدنا الأرض بلوحاتها في حالات مختلفة، فتارة نجدها وكأنها تنشأ دوامات رملية تلف وتدور في دوائر من بعد، وأخرى تجعلنا نشعر بملمسها وحبيبات رملها وما يتناثر عليها من غبار، كما نراها أوقاتا من أعلى وكأنها ترسمها من منظور عين الطائر، أو كأنها تسلط عليها الضوء من مشهد أفقي. في لوحات أخرى نجد التربة طينية لزجة تتكتل في مناطق وتنساب في أخرى، نشعر بمسامها التي تقبل للزراعة، كما اوحت إلينا الفنانة في عمل آخر بأننا كنا معها في تلك الطريق الذي يفصلها عن بلدها، فأشعرتنا بهذا الطريق الذي يسير في صمت ورتيبة ومن حوله هذه الأراضي التي نستمتع برؤيتها. في هذه التجربة وجدت الفنانة أن التصوير أعطى لها حرية أكبر في تناول موضوع الأرض، فهي لم تتناوله كفكرة نقل بل تكيفه باسلوبها المميز ليكمل مسيرتها بشكل آخر، وكذلك استخدامها للخامات المختلفة كالرمل وغيره مع الألوان الأكليريك، فقد اكتشفت ذلك حينما شاركت في سمبوزيوم التصوير الدولي في مصر القديمة فقررت أن تقيم معرضا كاملا تصوير عن هذا الموضوع، وقد وفقت تماما في هذه التجربة، مما جعلها تصور لنا إحساسها العميق بالأرض برؤية جديدة وباحساس صادق. وتتلاقى الأرض في المعرض مع أشخاص الفنانة هبة التي تهتم بتصويرهم في حالات وإنطباعات مختلفة، فتأتي صورهم لتتراكب بشكل واع ومتقن يساعد الفنانة في المحافظة على إتزان اللوحة لتكون مستوفاة بجميع قيمها الفنية والتشكيلية، كما يؤكد ذلك التراكب على فكرتها وفلسفتها في العمل. ربما تشير في بعض اللوحات وتشعرنا بانقلاب الأوضاع، أو تبعث إلينا برسائل مكتوبة بخط اليد وباللغة الإنجليزية لتدخل في تكوين اللوحة باتجاه آخر، كما تضيف في معظم أعمالها أشكالا مختلفة من الزخارف التي تطبع على الأقمشة وتحتوي أحيانا على شكل الوردة، أو بعض الرموز. في لوحة تصور الأصدقاء يلتفتون لينظروا لشيء ما في اتجاه واحد في حين تأت برأس كبير من فوقهم لامرأة تنظر عليهم من اتجاه آخر؛ لتترقبهم دون أن يشعرون، ومن فوقها تطبع على اللوحة بعض الزخارف في إيمالة، كما تصور الأشخاص في لوحات أخرى من أعلى وهم يمشون في الشارع وتأتي من فوقهم أيضا تلك الزخارف التي تكون ملونة في أغلب اللوحات باللون النبيتي الباهت، فالفنانة فضلت بأن تظهر معظم الأشخاص أبيض وأسود، واللون يتسلل في بساطة شديدة جدا لداخل العمل إما في الكتابة أو الزخارف الملونة. تستخدم الأسهم في بعض الأعمال بإحدى أطراف اللوحة، وكأنها تشير للمتلقي وتلفت نظره إلى شيء ما بداخلها، إلى أن يجد عينيه تتفقد العمل في حيرة شديدة، محاولا فهمها والإحساس بما يدور بداخلها, فسريعا ما يتواصل معها ويحاكيها بوجدانه