تسعى جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في خطتها الجديدة الى تكوين أرشيف فني، بالصوت والصورة فضلاً عن الوثائق، يؤرخ للفن العراقي الحديث ويتابع مسيرته بصفته جزءاً من الذاكرة الثقافية العراقية، كما جاء في إعلان التأسيس. وأجرت الجمعية، لهذا الغرض، إتصالات مع الفنانين الأحياء والمعنيين بحركة الفن التشكيلي في العراق وبعائلات الراحلين منهم للحصول على ما لديهم من وثائق، بالصورة والصوت، لوضعها ضمن هذا الأرشيف الذي يأمل القائمون عليه أن يصبح معيناً للباحثين والنقاد والمعنيين بشؤون الفن التشكيلي. ويذكر أن أرشيفاً فنياً ضخماً يحتوي وفقاً لجريدة "دار الحياة" على وثائق مهمة ونادرة تتعلق بالحركة الفنية في العراق وبالفنانين العراقيين، منذ بداية نشوء هذه الحركة أوائل القرن العشرين الى اليوم، كان «مركز الفنون» في بغداد عمل على تكوينه، لكنه ذهب مع ما ذهب مما كان في المركز من أعمال فنية تؤرخ لحركة هذا الفن وتؤشر تطوراتها وتمثل اتجاهاتها، في الرسم والنحت والسيراميك. وذلك جرى ضمن ما جرى، مع دخول جيش الاحتلال الأميركي بغداد في 9 ابريل 2003 من أعمال سلب ونهب وإحراق للمؤسسات الثقافية والفنية والحكومية. وقدرت محتويات المركز من هذه الأعمال وحدها بثمانية آلاف وخمسمئة عمل، لم تسترد وزارة الثقافة منها حتى الآن، بحسب مصادرها، سوى 15 في المئة. ويشير بعض المعلومات، التي تؤكدها جهات فنية وثقافية عراقية، الى أن الكثير من الأعمال التي نهبت من هذا المركز هرّبت الى خارج العراق لتصبح في حوزة تجار الأعمال الفنية النادرة. جدير بالذكر أن الفنان نوري الراوي هو آخر من تبقى من جيل الرواد، وقد أعلن قبل مدة، أنه يحتفظ «برصيد كبير جداً من الوثائق والصور والرسائل ومحاضر اللجان الفنية ووثائق الملتقيات والمؤتمرات الفنية التي عقدت في العراق، أو عن الفن العراقي، إضافة الى ما نشر في الصحف والمجلات، عراقية وعربية وأجنبية، عن هذا الفن، وما صدر من كتب ونشرات»، فضلاً عما وصفه الفنان الراوي بأنه يمثل «أدق التفاصيل التي تتعلق بحياة الفنانين العراقيين، مع صورهم الشخصية وصور لأعمالهم» مما يشكل مادة جاهزة لتأسيس متحف أرشيفي متخصص، يغطي مساحة من الإنجاز الفني ومن الزمن، تربو على ثمانين عاماً. وطرح الفنان الراوي هذا المشروع أمام المؤسسات العلمية والثقافية التي تعنى في شؤون التراث الوطني، وتهتم بالحفاظ عليه بكونه أمانة تاريخية في عنق المؤسسات والأجيال. ويصفه بأنه «خير ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسات لأجيالنا المقبلة عن حركة فنية، لعلها من أهم الحركات الثقافية في العراق والوطن العربي على مدى القرن الأخير».