كانت العاصمة العراقية بغداد مركزا ثقافيا مرموقا تنتشر في أنحائه المعارض الفنية. لكن الفنانين التشكيليين العراقيين يقولون إن الساحة الفنية في عاصمتهم كادت تتلاشى في الوقت الحالي. ورغم عودة الأمن إلى حد بعيد في بغداد مقارنة بأيام ذروة أعمال العنف الطائفية، يقول كثير من الفنانين التشكيليين العراقيين إن التيار الديني المحافظ يخنق الإبداع وإن الحكومة تركز على إعادة الإعمار والأمن، الأمر الذي يحرمهم من مساندة الدولة.
وأغلق العديد من معارض الفن التشكيلي في بغداد أبوابه خصوصا خلال الفوضى التي أعقبت غزو العراق عام 2003 ولم يستأنف معظمها نشاطه حتى الآن.
ومن معارض الفن التشكيلي القليلة التي أعادت فتح أبوابها في العاصمة العراقية عام 2004 قاعة أكد للفنون التشكيلية، لكن حيدر هاشم ناجي مالك المعرض يقول إن الزوار تراجع عددهم كثيرا عن ذي قبل وإن القليلين الذين ما زالوا يزورون القاعة لا يستطيعون شراء أعمال فنية.
العراق له تاريخ طويل في مجال الفنون وتشهد آثار حضارات بين النهرين على أن فن النحت ظل مزدهرا على مدى 1000 عام. كما اشتهر كثير من المدن العراقية في العصر الإسلامي كمراكز عالمية للأدب والفلسفة.
وازدهر الفن العراقي أيضا في القرن العشرين رغم الحروب والعقوبات الاقتصادية التي استمرت عشرات السنين في عهد صدام حسين ودفعت الكثير من الفنانين إلى الهجرة، وبالرغم أيضا من اليد الحديدية التي كانت تخنق حرية التعبير في ذلك العهد.
وزاد تدهور حال الفنانين في أعقاب الإطاحة بصدام وفر كثير من المثقفين العراقيين من أعمال العنف بين السنة والشيعة في عامي 2006 و2007. فقد ارتبطت مسيرة الرسام العراقي المعروف قاسم السبتي طوال 49 عاما بأوضاع العراق وأحواله.
وفي عهد صدام حسين، طلبت منه الحكومة رسم لوحات ونحت تماثيل تمجد الأمة والزعيم وكان السبتي يحقق دخلا طيبا من فنه. لكن الفنان لم يبع سوى 20 لوحة في العراق منذ سقوط صدام.
ويرى السبتي أن دعم الحكومة للفن أمر ضروري. وقال الفنان الذي عرضت أعماله في طوكيو ونيويورك "عافية المشهد الفني والثقافي من عافية مؤسساته. فإذا كانت مؤسسات هذا المشهد عاطلة وقد أغلقت أكثر قاعات العرض أبوابها فلنقرأ معاً الفاتحة على روح حركة مهمة وراسخة ومؤثرة اسمها الحركة التشكيلية العراقية.