يختتم غدا المعرض العام المقام بقاعات الفنون التابع لقطاع الفنون التشكيلية. الذي بدأ اعماله الاسبوع الماضي ليقدم تلخيصا للمشهد التشكيلي المصري في عام. الا أن هذا الامتلاء الذي يعكس وجود كم هائل من الفنانين النشيطين في الحقل التشكيلي المصري لم يعكس بالضرورة وجود ثراء ابداعي في المشهد ذاته, وهو ما اعترف به د. مصطفي عبد المعطي رئيس لجنة الفرز والتحكيم في المؤتمر الصحفي الذي عقد قبل أيام من بدء أنشطة المعرض حين تحدث عن اضطرار اللجنة للتراجع عن قرارها برفض العديد من الأعمال خاصة مع احجام عدد من كبار الفنانين عن المشاركة. وأكد د. ابراهيم غزالة عضو اللجنة ما ذكره رئيسها مضيفا ان اصرار لجنة الفرز علي استبعاد الاعمال المتواضعة كانت نتيجته تراجع كم الاعمال المختارة في المعرض لتملأ قاعة واحدة فقط من قاعات قصر الفنون الفسيح. وجاء المعرض العام في دورته الثالثة والثلاثين حاملا للعديد من الاشكاليات الفنية التي يرتبط معظمها بالمعرض نفسه. حيث قرر قطاع الفنون التشكيلية تعديل نظام الفرز والاختيار, كما قرر عدد من الفنانين حسب تصريحات لجنة التحكيم ان يمتنعوا عن المشاركة في المعرض نظرا لتواضع المستوي الفني فيه خلال الاعوام الماضية. كما المح محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية في حديثه إلي أن الاعوام الماضية شهدت حالة من الاستهانة بين الفنانين بالمعرض العام مما استدعي قيام القطاع باتخاذ ما أسماه بالوقفة الحاسمة لتعديل نظرة الفنانين للمعرض الذي يشكل حصاد الحركة التشكيلية المصرية في عام. مضيفا ان هذه الوقفة تستهدف دفع الفنانين إلي التعامل مع المعرض بجدية بدلا من الاكتفاء باحضار( اي عمل والسلام) للمشاركة في المعرض الذي تقوم من خلاله المقتنيات بالقطاع باختيار الاعمال التي تقتنيها الدولة من الفنانين خاصة ان التعديلات اللائحية تنص علي أن الاقتناء صار يتم من خلال معرض المعارض الذي يقام منفصلا عن المعرض العام. كما ان الوزارة قررت رفع الحد الأدني للاقتناء إلي10 الاف جنيه. واضاف شعلان ان هذا من المتوقع ان يحمس الفنانين للمشاركة في المعرض. هذه الاشكاليات المالية والفنية الخاصة بالمشاركات وتواضع مستوي اغلب الاعمال الموجودة, بل ووجود تفاوت كبير في مستوي الاعمال داخل قاعات المعرض. وان استطاعت تسيد المشهد الا ان المعرض حمل في طياته اشكالية فنية أعمق عبرت عنها كلمة القومسيير العام لهذه الدورة الفنان د. عبد الوهاب عبد المحسن الذي تحدث في كلمته التقديمية عن الأحجام الرموز عن المشاركة ملمحا إلي ان هذا الحجام يأتي في ظل تصور سائد بأن الجهات المسئولة عن الفنون سواء في المؤسسة الرسمية أو المؤسات الأهلية ذات الاهتمام الفني صارت تشجع اتجاهات فنية بعينها دون غيرها. ليركز د. عبد المحسن من خلال هذا علي اشكالية المرجعية في الابداع الفني. وتأتي كلمته التي يركز فيها علي قضية الانفصال بين اجيال الفن التشكيلي وعدم وجود حوار حقيقي بينهم بشكل يصل إلي مناصبة الاجيال للعداء لبعضها البعض في ظل اقامة المعرض العام بعد اسابيع قليلة من انتهاء صالون الشباب. هذا الانفصال الذي تؤكده كلمة فنان الجرافيك المعروف يتضح بالمقارنة بين الاتجاهات السائدة في صالون الشباب التي قلصت من التنوع في الاتجاهات والاساليب الفنية بل والمفاهيم المتضمنة بين المعروضات رغم وجود مستوي فني معقول بالمعرض, وذات التقلص في التنوع ولكن في اتجاه مضاد الذي بدأ في المعرض العام. فالمعرض العام فتح أبوابه لاتجاهات فنية واساليب كلاسيكية تراجعت بشدة في صالون الشباب الذي غلب عليه الجرافيك والتجهيز في الفراغ والفيديو آرت والبيرفورمانس, وتقلصت فيه المساحة المتاحة للتصوير والرسم والنحت علي العكس من المعرض العام الذي حوي لوحات مغرقة في الكلاسيكية في كثير من معروضاته. كأعمال حسن يونس ومحمد الطحان ومحمد دسوقي وغيرهم. الا انه رغم ذلك حوي مفاهيم تتسق مع اشار إليه د. عبدالوهاب عبد المحسن من كون المرجعية هي السؤال المحوري للمعرض هذا العام. وفي حين يحظي كثير من الفنانين ممن يوصفون بكونهم مثيرين للشغب( أمثال خالد حافظ ووائل شوقي صاحبي القضية الشهيرة التي اثيرت في افتتاح صالون الشباب) بالاعجاب والتشجيع لكونهم يطرحون مفاهيم مغايرة وصادمة, لا يجد آخرون ذات التشجيع لمجرد تركيزهم علي المهارة الفنية مقابل المفهوم. أو تبنيهم لمفاهيم ورؤي لا تتمتع بذات الصدامية وهو ما يجعل صالون الشباب دوما أكثر اثارة للجدل من المعرض العام لكونه يضم شبابا مازالوا يتمتعون بروح الثورة والرفض للمفاهيم السائدة. مما دفع القومسيير العام للمعرض لطرح سؤال هل المهارة ضرورة للعمل الفني؟ أم يكفي الفنان طرح أفكاره فقط ليكون الوسيط هو كل شيء غدا ينتهي المعرض العام. مخلفا وراءه كل هذه الاسئلة والاشكاليات دون اجابة أو حل واضح, سواء لقضية التواصل بين أجيال الفنانين, أو انسحاب كبارهم من الساحة, أو سؤال القيمة الفنية بين المفهوم المتضمن والمهارة. إلي جانب قضية استمرار تراجع مستوي المعرض الذي يشهد تراجعا واضحا في الساحة التشكيلية المصرية رغم المحاولات الجادة للانقاذ.