أيقونة العالم في بينالي القاهرة الدولي العاشر في واحدة من ليالي الثقافة المصرية ، افتتح الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية معرض بينالي القاهرة الدولي العاشر الذي يعرض بثلاثة أماكن مختلفة "قاعتي ابعاد والباب بمتحف الفن المصري الحديث, عمل هيلدا الحياري. وقصر الفنون بالأوبرا, ومركز الجزيرة للفنون بأرض الجزيرة" تحت عنوان "الصورة وزمانها", بالإشتراك مع "الفنان المصري صلاح طاهر, والروسي ميخائيل بتروفيسكي مدير متحف الأرميتاج بموسكو" رئيسا الشرف للبينالي, وتستمر فعاليات البينالي حتى الواحد والثلاثون من يناير المقبل. محيط رهام محمود : شارك بالمعرض نحو 127 فنانا جاءوا من سبعة وأربعين دولة مختلفة في العالم, "من بينهم مصر, والعراق, والاكوادور, وأمريكا, وهولندا, وفرنسا, والأردن, والكويت, وتركيا, وباكستان, وايطاليا, والمغرب, والفلبين..." يمثلون حوارا ثقافيا لحضارات البلاد المختلفة, واتجاهات فنية متعددة كالرسم والتصوير والنحت والخزف والميديا والفيديو آرت والجرافيك واعمال مركبة وتصوير فوتوغرافي, كما تنوعت الخامات المختلفة المستخدمة في الاعمال . جاءت كلمة الفنان فاروق حسني وزير الثقافة: "يأتي بينالي القاهرة الدولي في دورته العاشرة وسط حراك ثقافي نشط ومتزايد على جميع المستويات, ومن خلال ذلك التنوع الفريد الحر لفنانين يعرضون اعمالهم المعاصرة في مواقع الفن بالقاهرة, وتبدو هذه الدورة مجللة بضيوف يتمتعون بمكانة عالية في المجتمع العالمي, فنحن من هنا نرحب بهم في مصر بلد الحضارة الأولى. تشكلت اللجنة الدائمة لمتحف الفن المصري الحديث من أربعة فنانين بارزين وهم... أحمد فؤاد سليم القوميسير العام للمعرض, ومحسن شعلان رئيس البينالي, والفنان مصطفى الرزاز, وحلمي التوني, وتضم لجنة التحكيم هذا العام سبعة نقاد عالميين هم...ماركو فاللورا رئيس لجنة التحكيم من إيطاليا, وإيزابيل تيجيدا من إسبانيا, وبيتر موري من أيرلندا, وفريد الزاهي من المغرب, وكارولوس أشيدا من المكسيك, وماركو بيرني من إيطاليا, وعبد الغفار شديد من مصر, أما ضيوف شرف البينالي هم بابلو إيشارين من إيطاليا, وميلان ستانسافيليك من الصربيا, وأبو خليل لطفي وعبد الوهاب مرسي من مصر. وقد لفت الإنتباه بالمعرض عمل الفنانة الإسبانية فرانسيسكا مارتي "بقصر الفنون" الذي حاز فيه الجناح الإسباني بجائزة لجنة التحكيم لأفضل جناح, وكان عن فن الميديا, الفنانة الاسبانية فرانسيسكا مارتي. استخدمت مارتي الفوتوغرافيا الرقمية والرسم والفيديو لتبني عالما مسرحيا تحت عنوان "soul", وعرضت خمس شاشات بحجم كبير, يتحرك داخلهما رجلا من شاشة إلى أخرى ليقدم لنا رقصة بطقوس خاصة, كما فازا من قبرص الفنانتان ملينا شوكوروجلو, وكيرياكي كوستا عن عملهما المركب المشترك بعنوان "الأرض الحلوة" بجائزة لجنة التحكيم لأفضل جناح, وكان العمل عبارة عن شرائح معدنية ملونة وغير ملونة بحجم كبير ملتصقة كل شريحة بجانب الأخرى في وضع أفقي وبأطوال متغيرة. فاز بجائزة البينالي الأولى "أفضل عمل وقيمتها خمسة وعشرون ألف جنيه" خمسة فنانين هم... الفنان المصري جورج فكري, ورشيد عبد الرحمن من سلطنة عمان, وماهر البارودي من سوريا, وبيتسيابي روميرون المكسيك, وهيلدا حياري من الأردن عن عملا مركب بعنوان "حوار", ويتناول العمل شاشة فيديو تصور شفتي امرأة يخرج منها دخان أبيض , يصطف امام الشاشة مجموعة كبيرة من الطرابيش باللون الاحمر.. كما فاز بجائزة العمل المتميز "حتحور""قيمة الجائزة خمسة آلاف جنيه" خمسة فنانين هم... الفنان الأمريكي دانييل جوزيف عن عمل بعنوان "الأرض وقد استنارت تماما تشع انتصار الكارثة" بقصر الفنون, استخدم دانييل تقنية الإنسان الآلي بهدف خلق نظير مقنع للحياة البشرية ذات تأثير نفسي قوي, حيث صنع إنسانا آليا مثبتا بالأرض التف حوله المتلقون في ذهول , وهو يهتز بحركات هيستيرية, كأنه شخصا مريض بالهياج العصبي الناتج عن مشاكل الحياة, ومن لبنان الفنان وليد عوني الذي قدم عملا جداريا بمدخل قصر الفنون بعنوان "الجدار العازل" الذي عبر من خلاله عن مأساة فليسطين والعنف الإسرائيلي, والفنانة تيني فاردنيان من أرمينيا, وحسان علي أحمد من السودان عن لوحاتة التى عرضت بمركز الجزيرة, ومن إيطاليا الفنان إيمليو ليوفريدي الذي قدم لنا اعمالا نتاج رحلته للهند تحت عنوان "من مفكرة الهند" استخدم ولأول مرة صورا رقمية قام بنقلها عبر وسيطين مختلفين للكمبيوتر, حيث تم تخزين الصورة في الكمبيوتر ثم طبعها على سطح السجادة ولذلك سماها بالسجاد الطائر, وقد استلهم هذه الصور من مخزون ذكرياته عن رحلته للهند ومشاهدته للأطفال في اقليم التبت وهم يقومون بغزل هذه الأكلمة. ونال الجائزة التقديرية للجنة التحكيم ... الفنان ميودراج كروكويا من صربيا عن عرض فيديو لبطاقة شخصية بمركز الجزيرة, كما حصل على نفس الجائزة مارك شمتز من ألمانيا, وهيرفي جورمان من سويسرا. عمل للفنان الأمريكي دانييل جوزيف. قدم الفنانون الإيطاليون في الجناح الإيطالي اعمالا مستوحاة من فكرة المعرض "زمن الصورة وكونها هبة التاريخ لنا", فالفنانة لويزا زانيبللي تعلن احتجاجها على جريمة تدمير الغابات, واستخدمت خامة البلاستيك بدلا من القماش المعتاد في التصوير, بينما استخدمت ستيفاني لوبراني عجينة من مادة الشمع في لوحاتها وعالجتها برؤيتها الخاصة قبل أن تغلف بها فضاء الورق, كما رسم دانيللو بوتشي وجوها معاصرة تذكرنا بوجوه الفيوم, ونقلنا أليساندرو كانيسترا لعالمة الخيالي برسم مشاهد طبيعية, كما تعكس لوحات سينيسكا التجريدية الأربعة احساسا وجدانيا بالمدينة الكبيرة وشعور الإنسان بالوحدة وعزاته في هذا الكون, وقدم النحات الشاب جيوفاني بالديري تكوينات صارمة عن العمل النحتي برؤية جمالية معاصرة. ومن مصر عرض الفنان عبد الوهاب عبد المحسن عملا يجمع بين الميديا "INSTALLAION" والعمل الفني المجهز في الفراغ, فقد عبر عن ثروات الأرض من خلال مجموعة لوحات فوتوغرافية تصور شقوق الأرض التي نتجت عن عطشها, نشاهد خلفها عرض فيديو عن أجواء البحار, أسفلها صخرة بحجم كبير يوجد على سطحها نفس التأثير الذي شاهدناه في اللوحات الفوتوغرافية "تشققات الأرض", كما قدم الفنان أحمد عبد الغني في الجناح المصري عمل تجهيز في الفراغ يصل حجمة إلى 3م×14متر. عرض رياض كنعان من الأردن نحت أرضي تحية إلى شهداء لبنان "تجهيز INSTALLAION ", ترتكز فكرة العمل على صنع نماذج جصية بيضاء بابعاد حقيقية للجسد الانساني المنتهك عمل عبد الوهاب عبد المحسن. بفعل آلة الدمار العشوائية وصور الاجساد المهشمة والمفرغة بدون رؤوس واقدام وكفوف, كما يشع الضوء من داخل هذه الأجسام, وقد تكون هذا العمل من سبع قطع تستند على الأرض أفقيا, داخل فضاء مفتوح بأبعاد 3م×5متر. وتم توزيع الجوائز في اليوم التالي من الافتتاح بمتحف الفن الحديث, كما أقيمت ندوة دولية موازية للبينالي استمرت ثلاثة أيام, يرأسها الفنان مصطفى الرزاز تحت عنوان "الذاكرة الكولاجية للفن المعاصر", وتضمنت موضوعات... الحرية, والإخاء, والمساواة - التحول من التمايز العرقي إلى النزعة الإنسانية, والإنفتاح على الثقافات المغايرة - المداخل الأسيوية, والأفريقية, واللاتين امريكين, في تيار الفن الغربي الحديث - دور السنيما في تعبير ثقافة الرؤية, الواقع المصنوع بديلا عن الواقع الحسي في السنيما في الفن التشكيلي - مشاركة الإبداع الذاتي بإبداع لمطبوع والآلة وسابقة التجهيز - الذاكرة الكولاجية ومستقبل الفن - التفاعلية بين الثقافات - الخبرة الإبداعية عبر الوسائط وميادين التشكيل. من النقاد والفنانين المشاركين في الندوة... الفنانة السويسرية اديث كابلير, والناقد الإيطالي ماركو فاللورا, والناقد طلال معلا من الشارقة, والبروفيسور كارلوس اشيدا من المكسيك, وماركو بيريني مدير مركز الفنون المعاصرة بمدينة سينا بإيطاليا, ويدير الجلسات كلا من الفنان المصمم حلمي التوني, ومحمد كامل القليوبي, وأحمد فؤاد سليم من مصر, ومحمد بن حموده من تونس. يقول الفنان محسن شعلان...تلك هي الدورة العاشرة لبينالي القاهرة الدولي, الذي كانت بدايته في عام 1984, وكانت قد ألغيت إحدى دوراته بسبب حرب الخليج الأول, فصار عمرة اليوم اثنين وعشرون عاما, وهذه الدورة بمثابة إحتفالية فنية, وقومية, من عدة وجوه, معلنين أن توجهاته الاساسية التي يؤمن بها هي "حرية التعبير, والحداثة". كما تقول اللجنة الدائمة لمتحف الفن المصري الحديث "أحمد فؤاد سليم - حلمي التوني - محسن شعلان - مصطفى الرزاز"... حين ينادي البينالي ب"الصورة وزمانها" إنما هو يقترح شيئا هو بمثابة هدنة بين جميع البؤر المتوترة التي صاغتها الإمبريالية العالمية, تلك التي تنتشر في جميع أنحاء العالم, حتى نتأمل حالنا, ومبغانا. إن الصورة هي الروح التي تتجلى في الذكريات الإنسانية, وبها نرى الميلاد, مثلما نرى الموت, بل هي أيقونة العالم التي حاولت الأدوات الجهنمية أن تجعلها شرا, حين حولت الصورة إلى مجرد خبر عبر فضائيات العالم, ولذلك فإن بينالي القاهرة الدولي وهو يضع العنوان عل متن المانيفستو "الصورة وزمانها" إنما يدعونا إلى أن نرى الإبداع بين نقيضين هما: الصورة التي هي تاريخ, والزمن الذي هو وعاء التاريخ, دعوة للتأمل, ولمعرفة الذات.