في ظل تصاعد سياسة الاستيطان والتهويد.. الفلسطينيون يحيون الذكرى الرابعة والثلاثين ل "يوم الأرض" احتفالات سابقة بيوم الأرض القدسالمحتلة: يُحيي الفلسطينيون، اليوم الثلاثاء، الذكرى الرابعة والثلاثين ل "يوم الأرض" ، في ظل تصاعد غير مسبوق في سياسة الاستيطان والتهويد، التي تنتهجها سلطات الاحتلال، وفي ظل إغلاق تامّ فرضته على الضفة الغربيةالمحتلة، وحصار مشدّد على المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدسالمحتلة. ويشكل هذا اليوم معلماً بارزاً في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني باعتباره اليوم الذي أعلن فيه الفلسطينيون تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية وحقهم في الدفاع عن وجودهم، رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل، التي كانت وما زالت تمارسها سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، بهدف إبعاده عن أرضه ووطنه. ففي هذا اليوم منذ 34 عاما، اجتاحت دبابات الاحتلال قرى الجليل محاولة كسر الإضراب الاحتجاجي على قرار مصادرة الأرض من دون أن تنجح، حيث سقط 6 شهداء، وجرح المئات، ومرّت العقود وصارت تلك الذكرى عنواناً لمرحلة لم تنته بعد. وتأتي ذكرى "يوم الأرض" هذا العام والاحتلال الإسرائيلي يواصل عملياته الإرهابية ضد الفلسطينيين من قتل وقصف وتدمير واعتقال وحصار، واستفحال الاستيطان وتسارع وتيرة البناء في الجدار، وتهويد القدس عبر سياسة ممنهجة في هدم المنازل، لفرض هجرة قسرية على أبناء شعبنا الفلسطيني في المدينة، في هذه الأثناء، دعت لجنة المتابعة العربية في أراضي العام 1948 إلى إحياء ذكرى يوم الأرض عبر المشاركة في مهرجان جماهيري في النقب احتجاجاً على ما يعانيه الفلسطينيون هناك من مصادرة أراضٍ وهدم بيوت، وبمسيرة مركزية ظهر اليوم في مدينة سخنين، فيما شدّدت معظم القوى والفصائل الفلسطينية على ضرورة أن تكون هذه المناسبة فرصة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية. واستبقت إسرائيل ذكرى يوم الأرض، الذي يتزامن هذا العام مع بدء الاحتفالات بعيد الفصح اليهودي، بفرض المزيد من الإجراءات القمعية بحق الفلسطينيين في القدس والضفة، حيث واصلت قوات الاحتلال إغلاق معظم بوابات المسجد الأقصى، حيث منع المصلون ممن هم دون الخمسين عاماً من الدخول إلى المسجد، فيما اتخذت إجراءات مشابهة على بوابات البلدة القديمة. كما فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي إغلاقاً تاماً للضفة الغربية حتى السادس من نيسان «لدواع أمنية» في مناسبة عيد الفصح. واعتقلت شرطة الاحتلال، مساء أمس، فتى فلسطينياً من القدسالشرقية بزعم وجود سكين معه. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن أفراد الشرطة اشتبهوا في هذا الفتى (16 عاماً) الذي كان يعتمر طاقية دينية يهودية، زاعمة أنه اعترف خلال التحقيق الأولي بأنه كان ينوي طعن شرطي. وبمناسبة يوم الأرض، اصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريراً، أظهر أن أكثر من 85 في المائة من فلسطين التاريخية أصبحت تحت السيطرة الإسرائيلية، وأن 55 في المئة من المستوطنين في الضفة الغربية يسكنون في محافظة القدس. وحسبما ذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية، أشار التقرير إلى أنّ مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين جدار الفصل العنصري والخط الأخضر بلغت نحو 555 ألف دونم، أي ما نسبته حوالى 9.8 في المئة من مساحة الضفة الغربية، في حين بلغت المساحة الواقعة شرقي الجدار، والمحاطة بجدار جزئي أو كامل، حوالى 191 كيلومتر مربع، أي ما نسبته حوالى 3.4 في المئة من مساحة الضفة، فيما أقام الاحتلال منطقة عازلة بعرض 1500 متر، على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، والبالغة نحو 58 كيلومتراً، ما يعني أنها ستقتطع 87 كيلومتراً مربعاً من إجمالي مساحة قطاع غزة (أي 24 في المئة من مساحته). ولفت التقرير إلى أنّ قوات الاحتلال هدمت ما يزيد عن 23 ألف ومئة وحدة سكنية في الأراضي الفلسطينية بين العامين 1967 و2009، بحجة مقاومة الاحتلال أو البناء من دون ترخيص. "يوم الأرض" بدأت شرارة هذا اليوم في أوائل عام 1976، وتحديداً في الثالث عشر من فبراير/ شباط، حين أعلن الحاكم العسكري الإسرائيلي عن المنطقة 9 (منطقة المل) التي تضم أراضي قرى عرابة وسخنين ودير حنا، أنّها منطقة عسكرية مغلقة ومصادرة 21 ألف دونم. وفي الفترة الزمنية نفسها، كُشف عن وثيقة صدرت عن متصرف لواء الشمال يسرائيل كينغ، اسمها "وثيقة كينج"، تتحدث عن ضرورة تهويد منطقة الجليل. قوبلت هذه الخطوات باحتجاج فلسطينيي 48. وأعلنت لجنة الدفاع عن الأراضي التي تألفت في حينه، يوم الثلاثين من آذار إضراباً عاماً. حاولت السلطات كسر الإضراب بشتى الوسائل الترهيبية: رسائل للموظفين، وتحقيقات مع الشبّان، وتهديدات لطرد العمال من العمل، إلا أنّ هذه الأساليب لم تنفع. وفي التاسع والعشرين من مارس/ آذار، قبل يوم واحد من الإضراب، اجتاحت قوّات معززة من الشرطة الإسرائيلية والجيش القرى الثلاث، واندلعت المواجهات في قرية دير حنا وامتدت إلى عرّابة وسخنين. ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن مواطن فلسطيني عاصر تلك الأيام، ويدعى "أبو أحمد"، قوله: "إنني لا أزال أذكر جيداً صوت الدبابات. دخلت القرية والناس كانوا في قمة الغضب وتفجّرت الأوضاع. لا أعرف، أذكر أن الناس كانوا في حينه أقوى.. شبان القرية احتجزوا جنوداً في باب الزاوية (حيّ في عرابة) ولم يطلقوا سراحهم إلى بعد تحرير المعتقلين من قسم الشرطة. أذكر أيضاً أن أحد الشبّان صعد على ظهر دبابة. كانت هناك شجاعة". ومع منتصف يوم الثلاثين من مارس، اشتدت المواجهات بين الأهالي والمحتل على مدخل قرية عرابة، حيث أطلقت رصاصة حيّة باتجاه المتظاهرين، وسقط شهيد يوم الأرض الأول، خير ياسين. وبدلاً من ترهيب الناس باستشهاد ياسين، اشتدت المواجهات أكثر، ليسقط خمسة شهداء غيره: رجا أبو ريا، ورأفت الزهيري، وخديجة شواهنه، وخضر خلايله، ومحسن طه. وقد أدّت المواجهات إلى سقوط 125 جريحاً، منهم من بقي مع جرح مزمن، ومئات المعتقلين. لكنّ مخطط المصادرة توقف بسبب الهبّة الشعبية. وسميت القرى الثلاث باسم «مثلث يوم الأرض». فعاليات الذكرى تنطلق المسيرة اليوم في الساعة الواحدة ظهراً بالتوقيت المحلي من شارع الشهداء في قرية سخنين، مُروراً بالمسار التقليدي في شوارع المدينة، وتُختتم باجتماع شعبي عند النصب التذكاري لشهداء يوم الأرض، يتحدث خلاله رئيس بلدية سخنين مازن غنايم ورئيس لجنة المتابعة العليا محمد زيدان، ورافض الخدمة العسكرية والناشط السياسي ضد المؤسسة الإسرائيلية المحاضر غادي الغازي. كذلك سيعقد مهرجان شعبي في اليوم نفسه، في قرية العراقيب غير المعترف بها في النقب، عند الساعة الرابعة بعد الظهر، يتحدث خلاله جميع رؤساء الأحزاب والحركات السياسية والهيئات المختلفة. واتفق ممثلو الأحزاب في اجتماعهم الأخير على ضرورة الالتزام بالشعارات والهتافات، ضمن المواضيع والقضايا المتفق عليها، وعدم رفع الأعلام والرموز الحزبية والفئوية، وتجسيد أهمية الوحدة الوطنية الحقيقية في هذه المناسبة، من دون التعارُض مع حيوية التعددية والتنوُّع.