قال الصحفي الأمريكي ديفيد اغناتيوس انه بعد ثلاث سنوات من كفاح الشعب العربي للحصول علي حقوقه فيما يعرف باسم ثورات الربيع العربي وحتى الآن تبدو القصة كلها عبارة عن "وهم", و لكن هناك بوادر أمل نادرة في تونس أول دولة عربية بدأت فيها الثورة. وأوضح اغناتيوس في مقال له اليوم بصحيفة " واشنطن بوست " الأمريكية إن تونس أصدرت دستور جديد و الذي من الممكن أن يصبح انطلاقه للديمقراطية العربية, حيث يشتمل الدستور علي مواد تلزم الدولة "بالمساواة بين الرجل و المرأة في المجالس المنتخبة ". وأضاف اغناتيوس أن أهم ما يميز الدستور التونسي ليس فقط حفاظه علي الحقوق الكاملة للنساء و الأقليات و لكن أيضا القوي الاسلامية, التي يقودها حزب النهضة في تونس, وهذا يعتبر انفراجه حقيقية حيث انه يشير إلي وجود ثقافة التسوية السياسية, و التي من الممكن أن تخرج الديمقراطية من خلالها و تزدهر. وأورد الصحفي ما قاله الخبير القانوني غازي الغرايري لصحيفة نيويورك تايمز أن الدستور التونسي كان "نتيجة لتوافق الآراء, و هذا يمثل طفرة جديدة في العالم العربي. و يقول اغناتيوس إن العديد من المحللين عقدوا مقارنه بين النهج التصالحي في تونس و بين "الانقلاب العسكري" في مصر و الذي أطاح الرئيس السابق محمد مرسي, و يؤكد الصحفي أن تونس هو النموذج الحق. وأشار محللون إلي المفارقة في أن الحملة العسكرية علي الإسلاميين في مصر دفعت حزب النهضة في تونس إلي تقديم تنازلات هامة و السعي إلي التوافق علي الدستور التونسي الجديد حتى لا تلقي نفس مصير مرسي و الإخوان المسلمين في مصر وفقا لما ذكرته الصحفية البريطانية كارلوتا غيل هذا الشهر في مجله التايمز الأمريكية. كما أورد الصحفي ما قاله المحلل السياسي الليبي فاضل الأمين "إن الدرس المستفاد من مصر بالنسبة للشعب العربي هو أننا لا يمكننا الاعتماد علي الانتخابات, و لكن علينا خلق توافق في الآراء " , و أضاف " أما الدرس المستفاد من تونس " هو أن الشعب العربي عليه أن يتعلم تقديم تنازلات ". و تابع الصحفي بعد إقرار الدستور التونسي العظيم علي حد وصفه, جاء بعده حوار وطني برعاية الرئيس منصف المرزوقي, من خلال هذا الحوار, وافق رئيس الوزراء الإسلامي و العضو في حزب النهضة "علي العريض " علي التنحي و التنازل عن السلطة لحكومة أكثر علمانية, حيث اكدد علي العريض " أن هذا كان هدفنا من الحوار الوطني و هو أن نجنب الشعب التونسي الصراع الداخلي". و نوه اغناتيوس انه علي نفس النهج تحاول أن تسير اليمن, حيث تعمل علي تعزيز الحوار الوطني لرأب الانقسامات الداخلية مثل كثير من الدول العربية, حيث تعاني اليمن الآن من صراع عرقي و طائفي اقليمي مما يجعل الانتقال المباشر إلي الديمقراطية صعب للغاية و استطرد الصحفي متسائلا هل من الممكن بناء حوار مماثل من شانه أن يملأ الفراغ السياسي في ليبيا ؟, و أوضح الصحفي أن هذا نفسه هو ما يسعي إليه الليبي فاضل الأمين بدعم من الولاياتالمتحدة، حيث أشار إلى أن الصراع السياسي الداخلي في ليبيا شل كلا من البرلمان, المعروف باسم المجتمع المؤتمر الوطني العام, و الجمعية التأسيسية التي من المفترض أن تصيغ الدستور الليبي الجديد. ثم انتقل الصحفي للحديث عن الوضع في سوريا مؤكدا أن النموذج التونسي مفيد جدا بالنسبة لسوريا في هذا الوقت الذي تكافح فيه لإنهاء الحرب الأهلية الوحشية. وأوضح اغناتيوس أن الانتخابات لم تسفر عن استقرار بدون وجود توافق وطني مسبق, و ربما يتحقق هذا الحوار برعاية الأممالمتحدة. و أكد الصحفي في نهاية مقاله إن الثورات العربية علي مدي الثلاث سنوات أظهرت انه عندما يتعلق الأمر بالديمقراطية تفشل لأنها لا تعرف أي شيء عنها مسبقا, مقارنا ذلك بالطفل فانه ليس من المعقول أن يجري قبل أن يتعلم المشي أولا علي حد وصف الصحفي. وأكد في ذات الوقت أن تونس اتبعت الخطوات السليمة, و أظهرت أن الاستقرار السياسي و التسوية لا ينفصلان.