ما الذى جرى ؟ . أين النكات والقفشات والسهرات الجميلة التي كانت تستقبل العام الجديد ؟ . لم نرها هذا العام . بل على العكس ، استبدلناها بعبوس وتشاؤم وقلق وخوف قاتل من بكرة . لم أر شيئا من الفرحة أو أثرا للبهجة على وجوه الناس . أهي السياسة ؟. لعن الله السياسة وساس ويسوس وسائس ومسوس وكل مشتقاتها . فما جنينا منها إلا الفرقة والانقسام والبغض والكراهية ، وابتعاد الأخ عن أخيه والصديق عن صديقه . النكتة هي سلاح المصريين في مواجهة الأزمات . الأزمات بكل أنواعها ، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية .. أي أزمة كنا نتجاوزها بالقفشات والضحكات والسخرية الراقية الجميلة ، التي تترك في النفس سرورا وبهجة ، بدلا من هذه الكآبة التي ظللت الوجوه ، وأصبحت في عدواها كا الأنفلونزا تنتشر بسرعة رهيبة . هل تصدق أخي الكريم أننا تجاوزنا الآثار الكارثية لهزيمة يونيو 67 باستخدام هذا السلاح الجبار . سلاح النكتة ! . أتذكر أنه لم يسلم أي رئيس من لسان الشعب أبدا . فالنكت التي قيلت على عبد الناصر والسادات كانت لاذعة جدا . وأعلم أن الرئيس عبد الناصر لم يكن يغضب من النكات التي تقال ضده . بل على العكس ، كان حريصا على أن يسأل مدير مكتبه سامي شرف ، صباح كل يوم عن النكتة الجديدة التي قالها الناس عنه ، ويستغرق في الضحك عند سماعها . أما الرئيس السادات فناله أيضا نصيب كبير من النكات ، لكنه كان يغضب من بعضها أحيانا . أما النصيب الأوفر ، فكان من نصيب الرئيس مبارك ، لكن من حسن الحظ أنه لم يكن يعر الأمر بالا . النكتة تعد من أهم السمات التي ميزت الشخصية المصرية ، ومنحتها ثباتا وعمقا قلما تجده عند أي شعب آخر . نستمع إليها في البيت ، وفي الشارع ، وفي العمل ، أو على المقاهي ، أو حتى في وسائل المواصلات وفي أي مكان . كانت هي السبيل الوحيد تقريبا كي نتجاوز حالات الإحباط والأزمات التي كانت تضربنا بين حين وآخر وتمنحنا الأمل . لذلك : الحذر كل الحذر من فقدان الأمل . فإن من شأنه أن يولد عنفا لم نعهده من قبل ، ولا قبل لنا به من بعد .