تعيش العاصمة العراقية بغداد حالة من الذعر بعد أن أغرقت الأمطار الغزيرة الشوارع والأزقة ، حتى أجبرت الحكومة على إعلان عطلة رسمية لتقليل سخط المواطنين على سوء الخدمات وغياب التخطيط الاستراتيجي. ويبدو أن المواطن العراقي مل من الحزن نتيجة ما يلقاه من انفجارات يومية ، ولذلك تنادى المشتركون في مواقع التواصل الاجتماعي وأهل الصحافة والإعلام إلى جعل الفيضانات التي حوّلت مدينتهم بغداد إلى "فينيسيا اصطناعية" مادة للضحك والسخرية. ولعبت كاميرات الموبايلات الحديثة دورا توثيقيا سواء على صعيد الصورة أو الفيديو، وغالبا ما تكون لقطات صورية نادرة ومعبرة عن أحوال المواطنين ومعاناتهم التي لا يعرفون أيضحكون أم يبكون منها. واستعار الروائي والقاص شوقي كريم حسن من الفولكلور الجنوبي أغنية مشهورة يرددها أطفال البصرة والخليج احتفالا بالمطر وحوّرها لتلائم نقده اللاذع للسياسيين "مطر..مطر حلبي- كلي وين الجلبي مطر مطر شاشه.. حكومتنه الحشاشه مطر مطر ليلكي - بس كلي وين المالكي !!! كلوووووووووشششششششش !! أما كلمات الأغنية الأصلية والتي استخدمها الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب في احدى قصائده فتقول "مطر مطر حلبي .. عبّر بنات الجلبي / مطر مطر شاشا – عبّر بنات الباشا". وأما " كللوووش" الروائي حسن فهي ال"هلهولة" العراقية أو الزغرودة كما تعرف عربيا. وفي الوقت الذي أصدرت فيه أمانة بغداد بيانا أوضح أن "هذه الأمطار تعد الأشد منذ نحو عقدين من الزمن وأعلى بكثير من المعدلات الاعتيادية وتفوق القدرات التصميمية والاستيعابية لخطوط وشبكات المجاري المهيئة بالأساس لاستقبال كميات معينة؛ مما يتطلب بعض الوقت لتصريفها بشكل طبيعي من بعض مناطق العاصمة بغداد، فإن الشاعر والإعلامي حسين كاصد كتب ردا على صفحته الفيسبوكية يقلب المعادلة، يقول فيه "كان المطر قضاءً وقدرا.. ودفع ما كان أعظم.. وانسجاما مع الوحدة "المدري- شنهيه" التي تعيشها محافظة بغداد؛ لهذا المطر يتحمل مسئوليته المواطنون الذين ألحوا بالدعاء كثيرا لكي يحصل الفيضان ويحرج السياسيين" !! وانتشرت صور توضح المعاناة التي يعيشها المواطنون والتي تم عرضها كنوع من الكوميديا السوداء نظراً لسوء الخدمات ، وتغني الصور أحيانا عن مقال بعشرات الكلمات ، ولأنّ كمية ما صوّره الهواة وتداولته العوائل العراقية ب"ضحك كالبكاء" كما يصفه المتنبي. وفي هذا السياق نشر عراقيون صورا كثيرة ومثيرة للسيول، منها منظر تلاميذ يدرسون في قسم وسط بركة مياه. وأظهرت صور أخرى شابا يصطاد السمك في الشارع إمعانا في السخرية، بينما غطى أحدهم حصانه الذي يجر عربة نقل، كي يقيه من المطر، وأظهرت صورة أخرى شبابا يحلقون وسط بركة مياه في شارع بغدادي، كما أظهرت أطفال يتنقلون في الشارع العام بمركب مائي بدائي. وكانت أمطار غزيرة قد سقطت على العاصمة العراقية مساء الأحد وغمرت المياه شوارع العاصمة بغداد وتسربت إلى العديد من المباني السكنية التي اضطر قاطنوها للجوء إلى الطوابق العليا. وظلت المياه تغطي العديد من أحياء بغداد صباح الإثنين لعدم وجود شبكة فعالة لتصريف المياه من الشوارع. وقال رجل من سكان العاصمة يدعى أبو عباس "صار لنا أربع سنوات على هذه الحالة وعلى هذا الغرق. ذاك العام قشمروا (عوضوا) العالم كل واحد مليون (دينار) وسكتوا الناس وصار لنا أربع سنوات احنا غرقانين وعلى هذا الوضع. لاظلت (حوصرت) الناس بالبيوت والعالم نائمة على الكراسي".