استخدمنا طريقة "السد الناري" لكشف الطائرات الفانتوم التي قصفت مدرسة بحر البقر المخابرات العامة نجحت بالتنسيق مع القوات البحرية والخارجية بتدمير الحفار الاسرائيلي"كيتنج 1" بساحل العاج حكي اللواء طلعت موسى أحد ابطال حرب أكتوبر ذكرياته حول حرب أكتوبر 1973 والذي اختص بها"محيط" ، فى الحلقة السابقة والتي دار حديث الذكريات فيها حول تفاصيل لماذا توقفت القوات فى يوم 10 أكتوبر؟.. ولماذا لم تستكمل تطوير الهجوم شرقا؟ . أما في هذه الحلقة فيستكمل "موسي" حكاياته عن بطولات سريته وقصص افراد قوتنا في مواجهة العدو الاسرائيلي . يروي اللواء طلعت موسي أنه قد قامت قواتنا بعمل الكمائن علي الطرق والمدقات لحرمانه من حرية الحركة ، خلال وجوده علي الضفة الشرقية بالقناة ، والقيام بعمليات الاغارة علي نقطة الملاحظة ونقطه الحصينة بدأت بمستوي مجموعة من الأفراد. وتدرجت الي مستوي الفصيلة ثم السرية ثم الكتيبة في وضح النهار واستمرت الأنشطة القتالية في تصاعد ليلا ونهارا. فتزايدت خسائر العدو في الافراد والمعدات. وتميزت تلك الفترة بالاستنزاف المستمر ، وارتفعت معنويات المصريين والعرب لنجاح تلك الاعمال البطولية لقواتنا ، ولقد جن جنون العدو من نجاح تلك الاعمال. فقام بمهاجمة قواتنا المنعزلة كالجزيرة الخضراء وخليج السويس ، وجزيرة شدوان ، فكبدته قواتنا خسائر جسيمة واظهرت بطولات فائقة جعلته لا يحاول تكرار تلك المحاولات مرة ثانية وكان العدو يقوم بتنفيذ تلك الاعمال تحت ستر وغطاء قواته الجوية "الذراع الطولي" من طائرات الفانتوم الفائقة والتي قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية ،بإمداده بها بأعداد كبيرة. ولكن في 9 ديسمبر 1969 كانت بداية تحطيم تلك الاسطورة فقد اسقطت طائرات الميج 21 إحدي طائرات الفانتوم في معركة جوية بواسطة أحد طياري مصر الأبطال ، وتوالي سقوطها في المعارك بعد ذلك مؤكدين ارتفاع المستوي العلمي والتكنولوجي والفني والروح المعنوية والاصرار والعزيمة علي القتال لاسترجاع الأرض. بحر البقر وهنا أتذكر اشتباك قوات سريتي المشاه مع الطائرة الفانتوم التي قصفت مدرسة بحر البقر بطريقة "السد الناري" وإجبارها علي الفرار. ، حيث كان موقع السرية علي النطاق الدفاعي الثاني الذي يبعد حوالي 20 كيلو مترا غرب القناة ويتقاطع مع وادي اسمه "وادي العشرة" ، ويبدأ هذا الوادي من غرب البحيرات المرة وينتهي عند غرود الخانكة في مدخل القاهرة من الاتجاه الشمالي الشرقي. واستغله الطيار الاسرائيلي في الاقتراب علي ارتفاع منخفض حتي لايظهر علي شاشات الرادار وتكتشفه وسائل وعناصر الانذار ، ونتيجة لذلك فقد أمرت جنودي بالانتشار واحتلال الحفر البرميلية لتحقيق الوقاية لتقليل الخسائر ، حيث توقعت عودة الطائرة لقصف قواتنا وخاصة موقع كتيبة الصواريخ المضادة للطائرات والذي كان يتم بناؤه وإعداده وعلي مسافة حوالي 500 متر من موقع سريتي ، والذي كانت تتوالي عليه الغارات يوميا لتدمير ماكان يتم بناؤه في اليوم السابق والذي استكمل وتم احتلاله عنوة وتحت تأثير قصفات وقنابل الطائرات الاسرائيلية. ولقد صح ماتوقعت فبعد حوالي عشر دقائق فوجئنا بعودة نفس الطائرة الفانتوم وعلي نفس الارتفاع حوالي 10 أمتار في طريق عودتها في اتجاه القناة ، ونتيجة للتدريب العالي فقد فتح افراد السرية نيران بنادقهم الالية التسليح الشخصي الفردي بأقصي معدل من النيران ليصدر مخروطا من نيران الاسلحة الصغيرة علي الطائرة ، مما أجبر الطيار علي الارتفاع وزيادة سرعته والقيام بأعمال المناورة الأفقية والرأسية ، ويفر هاربا في اتجاه الشرق. السد الناري وليظهر علي شاشات الرادار وليتعامل معه نوع آخر من الصواريخ التي يدخل في مداها وهذه احدي طرق التكامل مع الطائرات المغيرة علي ارتفاع منخفض تسمي طريقة "السد الناري" والتي يتم التدريب عليها والتعود علي استخدامها بواسطة قوات المشاه حيث اكتسب الجنود شجاعة مواجهة الطائرة بالبندقية نتيجة الاشتباك اليومي مع طائرات البدو. والخبرات المكتسبة من التعامل منه خلال حرب الاستنزاف. القوات البحرية والجوية في هذه المرحلة قامت القوات البحرية بأعمال جديدة أذكر منها: قصف بالوظة ورمانة علي ساحل البحر المتوسط وتحقيق خسائر كبيرة لمواقع العدو بهما كما شنت الضفادع البحرية هجوما علي ميناء إيلات الاسرائيلي في 16 نوفمبر 1969 واغرقت له ثلاث قطع بحرية داخل الميناء. ثم هاجمته مرة أخري في 6 فبراير 1970 وأغرقت له أيضا قطعتين بحريتين مكدستين بالمعدات والذخائر مما ضاعف من حجم الخسائر لدي العدو نتيجة للعملية. أما عن القوات الجوية فكانت تفاجئ العدو بين الحين والاخر بضربات موجعة وتتصدي لطائراته الجديدة من طراز فانتوم وتم اسقاط 24 طائرة في شهر يوليو 1970 مما كان له أكبر الاثر في قبوله لمبادرة روجرز بايقاف اطلاق النيران يوم 8 اغسطس 1970. حيث بدأ التخطيط والتجهيز والاعداد لمعركة العزة والكرامة في أكتوبر المجيد. أجهزة الدولة بعد حدوث النكسة مباشرة. ارتفع شعار لاصوت يعلو فوق صوت المعركة. واتجهت جهود جميع الوزارات ومؤسسات الدولة لتحقيق هذا الشعار وظهر التعاون والتنسيق بين كل تلك الجهات في أسمي صورة ومعانيه. وظهر التفاف الشعب بكل طوائفه والوانه حول قيادته السياسية وقواته المسلحة. وقامت كل بالاعداد للمعركة القادمة.وعن الاعداد السياسي لحرب أكتوبر ، أود أن أوضح في البداية أن استخدام القوات المسلحة هو أحد أدوات السياسة التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف القومية للدولة حين تفشل كافة الوسائل الأخري في تحقيقها.. وهذا ما انطبق علي هذه الحالة ، حيث تأكد السادات ان كل الجهود السلمية والوسائل الدبلوماسية.. قد باءت بالفشل. وانه لابديل عن تحرير الأرض بالقوة المسلحة. الحفار "كيتنج 1"ويروي الخبير العسكري إحدي بطولات جهاز المخابرات المصرية ، حيث قامت المخابرات العامة والحربية بأعمال "مجيدة" خلال حرب الاستنزاف كان من ابرزها تدمير الحفار الاسرائيلي خارج المياه الاقليمية للبلدين ، فبعد احتلال إسرائيل لسيناء 1967 بدأت في نهب ثرواتها الطبيعية وأهمها البترول ، ومن أجل ذلك قامت بشراء حفار بحري من كندا لاستخدامه في البحث والتنقيب عن البترول في مياه خليج السويس. لاظهار مصر امام العالم بمظهر العاجز عن حماية أرضه وموارده الطبيعية.ووصلت المعلومات الي المخابرات الحربية بأن الحفار اسمه "كيتنج 1" وأنه يعبر المحيط الاطلنطي في طريقه الي الساحل الغربي لافريقيا ليتوقف في أحد موانيها للتزود بالوقود ، ثم اتخاذ طريقه الي الجنوب ليدور حول القارة الافريقية ثم الي البحر الاحمر الي خليج السويس ،واتخذ الرئيس جمال عبدالناصر قرارا بتدمير الحفار قبل وصوله الي خليج السويس فنشطت الأجهزة المختصة في أروع وأعظم العمليات التي تمت من خلال سيمفونية رائعة وتنسيق كامل بين كل من المخابرات العامة والمخابرات الحربية والقوات البحرية ووزارة الخارجية في عملية متكاملة أدي كل شخص دوره علي أكمل وجه. فلقد تجمعت المعلومات علي ان الحفار وصل فعلا الي ميناء داكار بالسنغال وانه سيمكث حوالي ثلاثة اسابيع لاجراء بعض الاصلاحات وتجمع الافراد في داكار لتنفيذ المهمة وحددوا اليوم الذي سيتم فيه تدمير الحفار ولكنهم فوجئوا بخروج الحفار من ميناء داكار مقطورا بواسطة قاطرة هولندية الي جهة غير معلومة في الليلة السابقة لتنفيذ العملية وتقرر عودة الأفراد الي القاهرة ، وبعد عشرة أيام أفادت المعلومات بأن الحفار لجأ الي ميناء أبيدجان في ساحل العاج وفي اليوم التالي كان الافراد بمعداتهم والغامهم في أبيدجان ونفذوا العملية بتدمير الحفار في مساء 7 مارس 1970 ضاربين أروع الامثلة للتضحية والفداء والمجد. ولقد كان من المتوقع ان تثير هذه العمليات أزمات سياسية مع عديد من الدول فالحفار قامت ببنائه شركة انجليزية وتملكه شركة أمريكية وتستأجره إسرائيل ، وتقوم بسحبه قاطرة هولندية وسيتم تدميره في دولة أفريقية.