قال المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، أنه بالرغم من توقع العالم انسحاب الشعب المصري صامتًا عقب عزل الرئيس محمد مرسي، إلا أن ثورة هذا الشعب ضد ما اسماه "الانقلاب" العسكري عملت على إحياء روح الربيع العربي. وأشار تشومسكي في تصريحات نقلها موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني، إلى أهمية القراءة المتأنية لما بين السطور في الأحداث المصرية، حيث أن ما يقع وراء "الهجوم الوحشي" من قبل القوات المسلحة، هو حماية الامتياز والازدهار الاقتصادي لهذه المؤسسة العسكرية، ومنع انهيار إمبراطوريتها التقليدية. ومن المعتاد أن تخلق "الانقلابات" العسكرية، مناخًا من الخوف في المجتمع ويدعم الشعب "الانقلاب" بدافع الخوف، ولكن هذا لم يحدث في مصر التي شهدت خروج جماعي من مؤيدي الرئيس المعزول مرسي. أما بشأن الإجراءات الجماعية غير المتوقعة للشعب المصري، قال تشومسكي أن انتفاضة الشعب المصري في مواجهة "الانقلاب" كانت مفاجأة للقوات المسلحة المصرية، والدول الغربية؛ لأن العالم أعتاد على المشاهد التقليدية عقب الانقلاب، واستعد ليشاهد انسحاب الشعب، وهو الأمر الذي لم يحدث. وعن مقتل المواطنين السلميين، أكد تشومسكي أن من ارتكب هذه الجرائم ومن أعطى الأوامر لإجرائها سوف يدفع الثمن غاليًا، وسوف يواجه الصامتون على ما حدث عواقب وخيمة خاصة في واقعة مقتل أسماء البلتاجي، كريمة محمد البلتاجي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين. زعم أن الجيش المصري قتل فتاة في أول شبابها بالقناصة ليبعث رسالة إلى الشعب، أن من سيستمر في المقاومة سوف يواجه المصير ذاته، ومع ذلك لم يتراجع الشعب المصري وسيواصل القتال حتى النهاية من أجل العيش في بلد حر. ويرى المفكر الشهير، أن القوات المسلحة لم تتخذ هذه الخطوة بمفردها، فهذا الأمر تطلب دعم الدول العربية والغربية خاصة إسرائيل، والمملكة العربية السعودية، معربًا عن دهشته من عدم دعم العديد من المصريين للأحداث الدموية. أما بشأن الدعم الغربي، قال المفكر الشهير أن التصريحات المحفوظة من قبل الاتحاد الأوروبي، وإسرائيل، والولايات المتحدةالأمريكية، تكشف أن جميعهم توقعوا حدوث هذه الأمور في مصر، بل قاموا بالتخطيط لها. كما أشار تشومسكي، إلى أن اللعبة هي السيطرة على الشرق الأوسط، واللاعبون معروفون، وسوف تكون السيطرة من خلال تفكيك النظام في دولة تعتبر واحدة من الأركان الرئيسية في الشرق الأوسط مثل مصر، ومنع بناء الديمقراطية وعرقلة إقامة دولة كبيرة في المنطقة مثل تركيا. ويؤمن تشومسكي، أن إسرائيل تدخلت في "الانقلاب" المصري، لأنها تتعاطف بشكل كبير مع القوات المسلحة المصرية، ولكن لا يوجد دليل يؤكد أن تل أبيب الطرف الوحيد المسئول عن التخطيط لهذا الانقلاب. وبسؤاله عما سيحدث في المنطقة، إذا استمرت الاضطرابات في مصر، قال المفكر أنه لا يتوقع أن تنجح القوات المسلحة في إخماد ثورة الشعب بسهولة؛ لأن مصر لم تحارب عبر تاريخها بأكمله من أجل الديمقراطية لهذه الدرجة، مشيرًا إلى أن القاهرة تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد قوى التوازن في الشرق الأوسط. وعن الموقف التركي بشأن الأزمة المصرية، أوضح تشومسكي أنها وقفت مع المظلوم وليس الظالم، وأنه من الممكن تفهم الدعم التركي للدول التي لم تمارس الديمقراطية، ولكن ينبغي أيضًا معرفة أن طرق الديمقراطية طويلة للغاية، مؤمنًا أن خلق النموذج التركي في مصر يثير الرعب الشديد للغرب، وربما تكون الأحداث في مصر نتيجة عدم وجود قبول لقوة أنقرة.