قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، إن مصر سقطت مجددًا في العنف عقب أقل من شهر ونصف عاشت فيها مع حكومة هيمن عليها الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي أطاح بجماعة الإخوان المسلمين في انقلاب عسكري نال ترحيب شعبي. وأوضحت المجلة قول الحكومة بأنها استخدمت أقصى درجة من درجات ضبط النفس هذا الأسبوع، ولكن الحقيقة أن خيارها لإطلاق العنان للقوة المميتة ضد شعبها كان خيارًا وحشيًا ومتهورًا، مضيفة أن عمليات القتل تهدد بظهور الفتنة التي بإمكانها قيادة البلاد نحو الحرب الأهلية، ضاربة مثال بما حدث في الجزائر من قبل. وترى المجلة أن مصر مازال لديها طريقًا طويلاً لتقطعه قبل الوصول إلى هذا المصير، إلا أن شعبها المكون من 85 مليون نسمة منقسم بشدة اليوم أكثر مما كان في أي وقت سابق، منذ أن أصبحت مصر جمهورية في 1953، ويكمن السؤال في ما إذا كان القمع هو الطريق للتعامل مع الإخوان أو أنه أمر يؤدي إلى الفوضى. وأكدت المجلة أن أداء الرئيس المعزول محمد مرسي كان كارثيًا ورفض هو وجماعته منذ عزله أي تلميح بالوصول إلى حل وسط وبدا أن أداء دور الضحية والاستشهاد سلاحًا سياسيًا أكثر فعالية من وضع السياسات، ولكن هذا لا يمنح قادة القوات المسلحة حقًا لشن الانقلاب أو سفك الدماء. وأشارت المجلة أن الانقلاب كان خطأ تكتيكيًا، فجماعة الإخوان كانت ستخسر أي انتخابات وكان الشعب سينتفض ضدها إذا رفضت إجراء التصويت، كما أن عنف الجيش منذ ذلك الانقلاب كان كارثيًا. ونوهت أن الخطأ الأسوأ الذي ارتكبه قادة الجيش هو تجاهل الدرس الرئيسي للربيع العربي وهو أن الشعب يتوق من أجل الكرامة، ويكرهون أن يتم التحكم بهم من قبل صغار المسئولين وحكمهم من قبل الحكام المستبدين الفاسدين ويرفضون جهاز الدولة البوليسية، بل يريدون حياة أفضل. وأوضحت أنه لا يزال الإسلاميون يشكلون 30 % من السكان، ومن ثم لا يستطيع القادة قمعهم دون حرمان الملايين من الحريات التي يسعون إليها منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك. وقالت المجلة أنه إذا أراد القادة دولة مصرية مستقرة يستأثرون فيها على ولاء المصريين ينبغي التراجع عن ما وصفته بحافة الهاوية، وأنه من الصعب موافقة الإخوان على المشاركة في السيرك السياسي الجديد نظرًا للأسلوب الذي يُعاملون به من قبل الجيش. ومن ثم ترى المجلة أن السيسي "القوة الكامنة وراء العرش" والرئيس المؤقت عدلي منصور بإمكانهما خلق الظروف الملائمة لإنشاء اقتصاد فعال وسياسة شاملة، ولذلك ينبغي وضع جدول زمني لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأن يتم ضم الإسلاميين إلى اللجنة العاملة على تعديل الدستور، وإقناع أي أحزاب إسلامية – إذا رفض الإخوان – بأداء دورهم في السياسة. أما عن العالم، شددت المجلة على أهمية أن توقف الولاياتالمتحدةالأمريكية التدريبات العسكرية المشتركة بينها وبين مصر حتى يتم انتخاب حكومة مدنية، كما ينبغي ألا تقدم المملكة العربية السعودية والدول الخليجية الأموال للقادة لمجرد كراهيتهم للإخوان، مؤكدة أنه ينبغي على قادة الجيش العلم أنه لا يمكن نهائيًا في التاريخ الحديث التغلب على هذه العقبات الهائلة من خلال العنف.