النحاس يسجل مستوى قياسيا مدفوعا باضطرابات التداول وشح المعروض    حزب الله: سنرد على اغتيال الطبطبائي وسنحدد الموعد    علي ناصر محمد: الجبهة القومية انتصرت على الخلافات وثورة الجنوب نجحت بدعم مصر    الخلود يهزم الخليج 4-3 ويحجز مقعده في نصف نهائي كأس خادم الحرمين    12-0.. منتخب مصر للشابات تحت 20 سنة يكتسح ليبيا ويتأهل لنهائي دورة شمال إفريقيا    غدا، الحكم علي التيك توكر محمد عبد العاطي في قضية الفيديوهات الخادشة    خلاف شخصي والحق سيظهر، حلمي عبد الباقي يوضح حقيقة أزمته مع مصطفى كامل    علي ناصر محمد: مصر كانت الدولة الوحيدة الداعمة لجمهورية اليمن الديمقراطية    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    يسري جبر يروي القصة الكاملة لبراءة السيدة عائشة من حادثة الإفك    القاهرة الإخبارية: وفد أوروبي رفيع يتفقد معبر رفح ومراكز المساعدات بالعريش    القاهرة الإخبارية: عائلات سورية غادرت بلدة بيت جن بعد الهجمات الإسرائيلية    راموس يستعد للرحيل عن الدوري المكسيكي    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    كيف تحولت أركان مدرسة دولية إلى مصيدة للأطفال مع ممرات بلا كاميرات    محافظة الجيزة: السيطرة على حريق داخل موقع تصوير بستوديو مصر دون خسائر بشرية    إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارة ملاكي وتوكتوك بكفر الدوار    الأرصاد: طقس الغد معتدل على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة الكبرى 26 درجة    سقوط عصابة سرقة الحسابات وانتحال الهوية عبر لينكات خبيثة    إعلام سوري: قوة إسرائيلية توغلت في حوض اليرموك بريف درعا    مفوضة أوروبية تلتقي المصابين الفلسطينيين في مستشفي العريش العام    إخماد حريق داخل «أستوديو مصر» دون إصابات.. ومحافظ الجيزة يطمئن الجميع    جامعة حلوان تنظم حفل استقبال الطلاب الوافدين الجدد.. وتكريم المتفوقين والخريجين    جامعة القاهرة تُكرّم نقيب الإعلاميين تقديرا لدوره البارز فى دعم شباب الجامعات    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    بعثة بيراميدز تساند المصري أمام زيسكو يونايتد    عمر جابر: مواجهة كايزرتشيفز تختلف عن ستيلينبوش    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    حزب الجبهة الوطنية بالجيزة يستعد بخطة لدعم مرشحيه في جولة الإعادة بانتخابات النواب    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    كامل الوزير يتفق مع شركات بريطانية على إنشاء عدة مصانع جديدة وضخ استثمارات بمصر    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    عاطف الشيتاني: مبادرة فحص المقبلين على الزواج ضرورة لحماية الأجيال القادمة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    فضل سورة الكهف.. لا تتركها يوم الجمعة وستنعم ب3 بركات لا توصف    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    جدول مباريات اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    وزارة العمل: 1450 فرصة عمل برواتب تبدأ من 10 آلاف جنيه بمشروع الضبعة النووية    سريلانكا تنشر قواتها العسكرية للمشاركة في عمليات الإغاثة في ظل ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات    الزراعة تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى المنيا    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    رسائل حاسمة من الرئيس السيسي تناولت أولويات الدولة في المرحلة المقبلة    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يستمر الصعود القطري في "القارة السمراء" ؟
نشر في محيط يوم 27 - 06 - 2013

لا يستطيع أحد أن ينكر الصعود والتواجد الكبير الذي حققته قطر في عهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في القارة الأفريقية بعد أن كان ضعيفاً في فترة التسعينيات، وخاصة في شرق وغرب أفريقيا (السودان وإريتريا وجيبوتي والصومال وإثيوبيا والصحراء الغربية).
ويتوقع المحللون استمرار هذا الدور الكبير والتمدد الإقليمي الذي تلعبه قطر في القارة الأفريقية في عهد الأمير الجديد الشيخ تميم، وذلك بسبب عدد كبير من المقومات والأدوات.
وليس أدل على قوة علاقاتها بالقارة الأفريقية سوى توجهها نحو عودة العلاقات القطرية الإثيوبية مرة أخرى في (نوفمبر 2012)، بعد أن كانت قد قطعت قبل أربع سنوات، إثر اتهامات من "أديس أبابا" ل"قطر" بدعم "إريتريا"، وجماعات جهادية صومالية ضدها.
وتمكنت من فعل ذلك بفضل وفرتها المالية من الغاز والنفط، فضلاً عن تدشينها أدوات عابرة للإقليم، سواء أكانت إعلامية (قناة الجزيرة)، أو اقتصادية (شراء شركات ومؤسسات إقليمية وعالمية)، أو عسكرية (احتضان قاعدة العديد وهي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية)، أو إنسانية (الوجود الإغاثي الفاعل في الصراعات)، أو سياسية (التوسط في الصراعات الإقليمية والعالمية، ودعم الثورات العربية)، علاوة على استضافتها لعدد من الفعاليات العالمية الهامة، سواء أكانت منتديات اقتصادية دولية، أو حتى تنظيم مونديال كأس العالم في عام 2022. فما هي الأسباب التي تجعلها حريصة على أن تقوم بمثل هذه الأدوار المكلفة للغاية؟
مفهوم المصلحة
وفي محاولة لتفسير هذا التصاعد وتلك التحركات القطرية في القارة السمراء، فنجد أنه يكمن إلى حد كبير في مفهوم المصلحة (المفهوم المسيطر على العلاقات الدولية).
فعلى الرغم من عدم فرض الدول تهديدات مباشرة على "قطر" (مناطق كشرق وغرب أفريقيا)، تحرص الدولة على فعل أدوار في تلك المنطقة، وذلك ضمن الخطوط العامة للسياسة الخارجية القائمة على إنهاء "عقدة الدولة الصغيرة" المُستقبِلة لتهديدات البيئتين الإقليمية والدولية.
عقدة تاريخية
وتعود تلك العقدة تاريخيًّا إلى ما استشعرته قطر من عدم أمان إقليمي بدا جلياً إبان الغزو العراقي للكويت في عام 1990، فرغم ما تمتلكه من وفرات مالية، إلا أن حجم وتركيبة السكان لا يسمحان لها بالدفاع عن نفسها في ظل مخاوف وخصومات مكتومة مع جارتها الأكبر السعودية، وهو ما دفع قطر إلى إنهاء تلك العقدة عبر سياسات تعضيد مكانتها الإقليمية والعالمية لتأمين بقائها كدولة.
فتخشى الدول الصغيرة أن تتعرض لتأثيرات داخلية، جراء التغيرات في المحيطين الإقليمي والدولي الأمر الذي يجعلها حريصة على أن يكون لها مكانة إقليمية ودولية تحميها من الحسابات المتغيرة في العلاقات الدولية.
وتعد الرغبة في تنويع قاعدة الاقتصاد القطري المعتمد بصورة أساسية على عائدات الغاز القابلة للنضوب، ضمن الأسباب التي تجعل قطر حريصة على التواجد في القارة السمراء، وتهدف إلى تكثيف استثماراتها في أفريقيا، لا سيما وأن الأخيرة تمثل منصة للاستثمار الزراعي الذي قد يعالج أزمة دولة مستوردة للغذاء، فضلاً عن انكماش الاقتصاديات الغربية.
وإذا كان الغرب الأفريقي يشكل منطقة نفط استثمارية واعدة، خاصةً لجهة النفط الذي تصبو "قطر" للاستفادة منها عبر شراكات دولية، يظهر الاهتمام "بشرقه" وذلك لاعتباره مخزن مياه للدول التي تواجه فقرًا مائيًّا ومنها قطر.
علاوة على ذلك تعتبر منطقة القرن الأفريقي والغربي منطقة ذات طبيعة جيو إستراتيجية، على اعتبارهما ظهيرًا أمنيًّا للمنطقة العربية والدولة الخليجية الصغيرة، ومصدرًا لتهديدات مباشرة للفاعلين الإقليميين الكبار كمصر وليبيا والسعودية والجزائر والمغرب.
ويستمد القرن الأفريقي على سبيل المثال أهميته بالنسبة لقطر من ارتباطه الوثيق بالبحر الأحمر الذي يمثل أهمية جيوإستراتيجية لدول الخليج، لا سيما وأنه يتم خلاله نقل النفط إلى الدول الغربية.
أدوات قطرية
وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف، اعتمدت السياسة القطرية في أفريقيا على مجموعة من الأدوات الملائمة للقارة السمراء لتفعيل مصالحها أبرزها ما يلي:
أولًا: الوساطة بين الدول الأفريقية، حيث لعبت قطر أدوارًا متعددة في هذا الشأن، مثل الوساطة التي قامت بها بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور منذ عام 2008 وحتى الآن، مستغلة تراجع الدورين المصري والليبي، فضلاً عن مشاركتها كوسيط مهم بين إريتريا وجيبوتي في عام 2010 عند نشوب الأزمة الحدودية الأخيرة بينهما، والتي انتهت بتوقيع اتفاق تهدئة، تم بموجبه نشر قطر قوة لحفظ السلام بينهما، بل وأشارت تقارير غربية إلى أن قطر عقب إعادة علاقاتها مع إثيوبيا طرحت مبادرة مدعومة غربيًّا للوساطة بين أديس أبابا وأسمرة. وقد استغلت لعب هذا الدور من خلال الربط بين الوساطة وتقديم حوافز مالية واستثمارية، ففي دارفور وعدت قطر بدفع ملياري دولار كرأسمال لبنك تنمية دارفور، حال تحول الاتفاقات في الدوحة إلى أرض الواقع في السودان.
استغلال النفط
وتتمثل ثاني هذه الأدوات في توطين الاستثمارات القطرية في أفريقيا، إذ تمكنت قطر من استثمار فوائضها المالية في دعم المشروعات خاصة الزراعية والتعدينية في مناطق وسط وشرق وغرب أفريقيا، فعلى سبيل المثال، فإن قطر تعد من أكبر ست دول تستثمر في السودان بحجم يقترب من 3.8 مليار دولار في مشاريع متنوعة زراعية وصناعية وغيرها، كما أن جهاز "قطر" للاستثمار - بحسب تقارير رسمية - أنفق ما يقرب من 30 مليار دولار في عام 2012، الأمر الذي أدى إلى تهافت الدول الأفريقية، خاصة في وسط أفريقيا كتشاد وأفريقيا الوسطى على المال القطري، علاوة على استثمارات نفطية في موريتانيا، إذ تساهم "قطر للبترول" بنسبة (25%) في رخص استغلال النفط والغاز في منطقة "تاودني" الموريتانية المحاذية للجزائر، كما تسعى قطر للربط بين استثمارات في الشرق والغرب عبر دراسة مشروع للسكة الحديد يبدأ من مدينة نيالا في السودان، ويمتد حتى الحدود التشادية السودانية ويدخل إلى تشاد، ثم يمتد حتى حدود الكاميرون ونيجيريا، ويصل إلى سواحل المحيط الأطلسي.
دور إغاثي
وعن ثالث هذه الأدوات القطرية، فتنطوي في دعم الدور الإغاثي في الصراعات الأفريقية، إذ تعد قطر من الدول العربية البارزة في مجال الإغاثة في أفريقيا بعد السعودية، وتركزت معظم جهود الجمعيات الخيرية القطرية في مناطق القرن الأفريقي وبعض دول الغرب، خاصة في بناء المساجد ودعم المدارس الإسلامية والمراكز الصحية، ولعل تواجد جمعية الهلال القطري في "غاو" شمال مالي خير دليل على ذلك.
ومن أقوى الأدوات والآليات القطرية التي تساعدها على تحقيق كل ما سبق، امتداد الإعلام القطري إلى أفريقيا، فعلى غرار الأدوار الإعلامية التي لعبتها قناة "الجزيرة" في دعم الثورات العربية في مصر وتونس، فقد أطلقت القناة باللغة السواحلية والتي تستهدف قرابة مائة مليون شخص، خاصة في مناطق جنوب وشرق أفريقيا، لتكسر احتكار ال"بي بي سي" للمنطقة.
تحديات قطرية
وعلى الرغم من تلك التحركات القطرية المكثفة متعددة الأبعاد في أفريقيا، لا تزال الدولة القطرية تواجه تحديات رئيسة، أحدها: يتعلق بالتصاق دورها بشُبهة عدم المساواة والنزاهة، فضلاً عن عدم تحقيق نتائج ملموسة من هذه الوساطة.
فينظر البعض إلى أنه رغم كثرة المبادرات القطرية في دارفور، إلا أنها لم تسهم على الأرض في حل الأزمة؛ وذلك لنظرة بعض الأطراف إلى قطر على أنها منحازة لنظام عمر البشير الذي دعمته في مواجهة العزلة الدولية، وأنها تمارس لعبة شق صفوف الحركات المسلحة في "دارفور"، واستقطابها للتوقيع في الدوحة ، وهو الأمر الذي أفصحت عنه حركة "العدل والمساواة" - أكثر المجموعات المتمردة تسلحًا في "دارفور" في الاتفاق الأخير - مشيرة إلى أن الفصيل المنشق عنها، والذي وقع الاتفاق في "قطر" لا يمثل سوى اتجاه صغير موالٍ لنظام البشير.
وثاني هذه التحديات، يتعلق برد فعل الأطرف الأخرى وربما الشعوب الأفريقية الرافضة للتغلغل القطري في أفريقيا، مستغلاً انكفاء مصر وليبيا والهشاشة السياسية للنظام الجزائري.
فتعرضت قطر في ليبيا - على سبيل المثال - لانتقادات لاذعة من محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا السابق، عندما اتهمها بدعم أطراف بعينها للتأثير على القرار السياسي الليبي، وهو ما فسرته تقارير أجنبية بأنه دعم لفصائل إسلامية متشددة كانت إحدى ثمراته مقتل السفير الأمريكي في بنغازي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.