جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين لن تنتهي و تزداد بشاعة يوم تلو الأخر، فلم يكفيهم الاعتقالات وإراقة الدماء والمستوطنات، بل قاموا بتفصيل القوانين كما يحلو لهم ليطردوا الفلسطينيين من منازلهم وتركهم في العراء بلا مأوى بحجة قانون «أملاك الغائبين». ولم يمر هذا الأمر مرور الكرام على الصحف العالمية ، حيث سلطت صحيفة «هآرتس» الصادرة اليوم الضوء على تطبيق قرار «قانون أملاك» على شرقي القدس. وفقد ذكرت أن المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين قضى في فتوى له بأنه يمكن مواصلة استخدام قانون أملاك الغائبين للاستيلاء على الأملاك في شرقي القدس، وهو ما يترتب عليه إلغاء عدد من قرارات أسلافه بشأن القانون المثير للجدل. أملاك الغائبين ووفق القانون الذي سن عام 1950 و أتاح للحكومة الإسرائيلية التصرف في العقارات الهائلة التي خلفها اللاجئون الفلسطينيون وراءهم في عام النكبة 1948، ففي حينه هدمت إسرائيل 531 قرية فلسطينية ورحلت سكانها، وينص القانون على أن «كل من يمكث في دولة عدو أو في منطقة خارج سيطرة إسرائيل، يعتبر غائبا، وتنتقل أملاكه إلى الوصي على أملاك الغائبين». وبعد حرب عام 1967، ضمت إسرائيل القدسالشرقيةالمحتلة لتصبح في نظر القانون الإسرائيلي مدينة إسرائيلية. وبذلك، نشأ وضع تحول فيه سكان الضفة الغربية، ممن لهم أملاك في القدس، إلى «غائبين عن إسرائيل»، رغم أنهم لم يغادروا بيوتهم وبقوا في منطقة محتلة تسيطر عليها إسرائيل وتدير شؤونها. وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أجرت قبل نحو أسبوعين نقاشا في استئناف أربعة ملفات أخذت فيها أملاك في شرقي القدس من سكان المناطق الفلسطينية، وفق قانون أملاك الغائبين. وفي حينه أمر القضاة بمثول فينشتاين أمامهم شخصيا لشرح موقفه، ومن ثم أعلنت النيابة العامة أن المستشار يقر القانون. كان أصدر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مازوز في فبراير 2005 قرارا بإلغاء قانون «أملاك الغائبين». وشكك مازوز في مشروعية القانون واعتبر إعادة العمل به قد تتسبب في انعكاسات خطيرة على إسرائيل في الساحة الدولية، لا سيما ما يتعلق بالجدار العازل الذي تقيمه على الأراضي الفلسطينية. وقال مازوز الذي يتولى أيضا منصب المدعي العام في بيان مطول عن القانون إن «هذا القانون حججه واهية»، مضيفا أنه لن يصمد أمام أي استئناف. شارع الأبرتهايد وفي السياق الاستيطاني، قررت لجنة التنظيم والبناء في بلدية القدسالغربية، أمس، إقامة شارع بديل يربط بين القدس ومستوطنة «معاليه أدوميم»، مما سيمكن إسرائيل من البناء بالمنطقة المصنفة «E1». ويعتبر الفلسطينيون هذا الشارع بمثابة شارع سياسي ويطلقون عليه «شارع الأبرتهايد»، لأنه يقسم الضفة الغربية إلى قسمين؛ شمال وجنوب، وكلاهما مفصول عن الآخر، ويتيح إقامة حي استيطاني جديد لليهود على الأرض الفلسطينية. وهذا الشارع، حسب التخطيط، سيربط بشكل مباشر بين المستوطنات والأنفاق في مداخل القدسالمحتلة، ومن هناك إلى مركز المدينة، حيث سيقام في الشارع جدار عال يفصل بين المسافرين الفلسطينيين والإسرائيليين. ووفق الصحيفة فإن الخطة ستقر غدا وتطرح لإقرار اللجنة المحلية للتخطيط والبناء، موضحة أن التحويلة الجديدة ستربط بين مستوطنات وسط الضفة وشمالها بالقدس. وأضافت أن التحويلة الجديدة جزء من شبكة كاملة من الطرق تبنى هذه الأيام حول القدس، وستسهل الربط بين القدس والمستوطنات التي حولها. التاريخ يتحدث وضمن حالات كثيرة مشابهة، فإن عائلة عياد من أبو ديس، كانت تمتلك فندق «كليف»، الذي يبعد نحو 200 متر عن منزل العائلة، وفصل بين المنزل والفندق برسم الحدود البلدية للقدس، بجدار الفصل. وفي عام 2003 أعلن ما يسمى «الوصي على أملاك الغائبين» عن هذه العائلة بوصفهم «غائبين»، وبالنتيجة انتقلت ملكية الفندق إلى السلطات الإسرائيلية. ولكن نقل العقار إلى هذا الوصي لم يتح له التصرف فيه وبيعه إلى جهة أخرى، لأن من كان مستشارا للحكومة في عام 1968، المحامي «وفيما بعد القاضي»، مئير شمغار، أصدر أمرا يمنع تفعيل قانون «أملاك الغائبين» على القدسالمحتلة، بيد أنه فعل مجددا مع تشكيل حكومة الليكود عام 1977. وفي ظل حكومة إسحق رابين في عام 1992، صدر قرار بعدم تفعيل القانون في القدس، وجمد مرة أخرى في عام 1997، إلا أنه في عام 2004 فعل مجددا بضغط من رئيس الحكومة في حينه أرييل شارون والوزيرين ناتان شيرانسكي وزفولون أورليف، إذ تقرر إعادة تخويل «الوصي على أملاك الغائبين» بالسيطرة على «أملاك الغائبين» في القدس. وفي عام 2006 أصدر قاضي المحكمة المركزية بوعاز أوكون، قرارا بإلغاء قانون أملاك الغائبين في القدس، إلا أن الدولة استأنفت في العام نفسه على القرار أمام المحكمة العليا. يذكر أن قرار تفعيل قانون أملاك الغائبين على «شرق القدس» له أبعاد مهمة على المستوطنات التي أقيمت في الأحياء الفلسطينية في المدينة؛ إذ جرت السيطرة على الأملاك فيها من قبل جمعيات مستوطنين حصلت عليها بواسطة قانون أملاك الغائبين.