اقتحمت شبكة الإعلام العربية "محيط " الأماكن التي يتردد عليها أطفال الشوارع بمحافظة الغربية للتعرف على أسرار حياتهم والقوانين التي تحكمهم وحيلهم لمواجهة الحياة وظروفها القاسية بعد الحصول على موافقة المشرفين عن المكان. تقابلت مراسلة الشبكة مع أحمد أو كما يطلقون عليه فرارة أحد أطفال الذي قال إنهم لا يجدون مأوى سوى الشوارع والصهاريج غير المستخدمة وورش السكة الحديد ، وأنهم لا يستحقون ما يعانوه من مطاردات سواء من البشر والثعابين والحشرات التي تسرق النوم من أعينهم وكذلك وبرد الشتاء. أضاف أن عمره 12 سنة وأنه جاء من البحيرة و لا يعرف له أباه ولا أمه وقد رباه عمه والذي كان يقسو عليه وحرمه من التعليم من أجل أن يعمل في ورشة وفى نهاية اليوم يأخذ أجره مما دفعه للهروب للشارع منذ 3 سنوات واستقر به الحال فى محطة طنطا ليمارس السرقة والتسول وبيع المناديل فى القطارات ومسح السيارات ،وأن بعد هذا التعب يحصل على عائد شغلنا المعلم الذي يأمر وينهي دون أن يعترض عليه أحد. أما الطفل هشام و ينادونه "مساحة" لقيامه بمسح السيارات ، جاء من الإسكندرية ،رفض ذكر تفاصيل عن حياته سوى قوله" أصبحت حياتى هنا مع هؤلاء الذين عرفنى بهم الزمن ". وقال الطفل السيد شمة 15 سنة لقد تعرضت لكل أنواع التعذيب فى الشارع من حرق سجائر وضرب وكل شئ تتخيلونه من جانب الناس وما علينا إلا تنفيذ الأوامر فقط ، ومن يعترض منا يتعرض للتعذيب بخلع ملابسه وحرقه في أماكن حساسة وضربه وأحيانا قد يصل التعذيب للاغتصاب أمام أعين الجميع مثل ما كان يفعل التوربيني ، فمحطات سكك الحديد مليئة بأمثال التوربيني الذي يكسر النفس بدون أن يقتل. أما حقنة فهو الطفل الرابع الذي تحاورت مع الشبكة الذي قال أن القدر جاء إلى طنطا منذ 5 سنوات حيث وقتها كان يعيش مع زوجة أبيه فى القاهرة وكانت تخرجه من المنزل ليأتي لها بالفلوس فكان يقوم ببيع المناديل فى رمسيس واستقلال القطارات المتجه للوجه البحري والقبلي حتى أنه في من الأيام نزل بمحطة طنطا واستقر به الحال فيها فاستقبلته مجموعة من الشباب وقام بمرافقتهم والعمل معهم فى التسول والسرقة وبدأ رحلة العيش بالشارع ليصبح من أطفال الشوارع. ويصف حقنة الحياة التي يعيشونها فيقول أنه في الصباح يتسولون و في آخر النهار يقضون الليل في شرب السجائر وضرب الحقن وشم الكولة . وقال أن معظم الناس تخاف من أطفال الشوارع ويرفضون أن يعملوا لديهم ،وحياة أطفال الشوارع في محطة طنطا أرحم بكثير من الحياة في محطات أخرى. وعلى جانب آخر قال إسلام الكلاف مدير الأنشطة بجمعية رسالة أن أطفال الشوارع ظاهرة خطيرة في و الإحصائيات تشير أن عددهم وصل ل 3 مليون طفل ،وأيا كان العدد فهم طاقات مهدرة وطفولة ضائعة وإذا لم تدخل الدولة فسيكونون مشروعا للبلطجة وقطاع طرق وعصابات إجرام تأكل جسد المجتمع. أضاف أن من أسباب تلك الظاهرة الخوف من عقاب الأب أو الأم من لقيام الأبناء بعمل خاطئ أو هروبا من سيطرة البيت وتحكماته كما يعتقدون ومن ضمن تلك الأسباب أن الأسرة المنعدمة ماديا تقوم بدفع أطفالها للشارع من أجل أن يأتوا لها بالمال. أشار إلى أن وجود الأطفال في الشارع يؤدي بلا شك لنشأة علاقات محرمة وبالتالي تزداد الأعداد يوما بعد الأخر فأنت أمام طفل مشرد وضائع بكل ما تحمله الكلمة من معني لذلك اتجهت جمعية رسالة وسخرت إمكانيتها لخدمة لهؤلاء الذين لا ذنب لهم حيث بدأت الجمعية بمشروع أطفال الشوارع ونظرا لصعوبة الكلمة أطلقت عليه "أطفال قد الحياة " وقدمت الجمعية تدريبات وورش العمل وإجراءات تهدف للتعرف علي نفسية الأطفال و كيفية التعامل معهم عن قرب. وقال محمد رشوان أخصائي اجتماعي أن ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر المقلقة ومعظمهم ينحرفون فيتعاطون التدخين والمخدرات بل الكحول أيضا و قد تطور الأمر ليصل إلى حد الإجرام في عدد من الحالات. أضاف أنه لا يستطيع أحد يلوم هؤلاء الأطفال لوما مباشرا فهم ضحايا قبل أن يكونوا بلطجية وقطاع طرق ومتسولين ويرجع هذا لعوامل اجتماعية كثيرة كالطلاق والذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لاستفحال هذه الظاهرة حيث أن افتراق الوالدين يعرض الأبناء للتشرد ف 90 % من أطفال الشوارع لديهم آباء وأمهات وليسوا لقطاء. ثم الفقر.. فتدنى المستويات المعيشية وعدم القدرة على توفير متطلبات الحياة تجعل الأسرة تدفع أبنائها للعمل بالشارع من أجل مساعدتهم فى متطلبات الحياة. ويأتي فى المرتبة الثالثة المشاكل الأسرية ..فالأطفال بطبعهم حساسين وكثرة المشاكل بين الأب والأم تحدث توتر على الأطفال تجعل هناك قسوة فى التعامل معهم مما يؤثر سلبا فيجد بالشارع ملاذا لا بأس به بالنسبة لما يعانيه. وأكدت الدكتورة مي عبد الرؤوف عيسى أستاذ الطب النفسي بكلية طب طنطا أن أطفال الشوارع لديهم صفات مختلفة عن باقي الأطفال بمعنى عدم القدرة على التكيف مع ظروف الأسرية من حيث الضغط وميوله للهروب من الرقابة والأوامر، لحب التملك بحصوله على المال وحب المغامرة وحب اكتساب خبرات جديدة ومعايشته لحياة أخرى . ومما يزيد من معدلات هروب الأطفال من المنزل العنف فى المعاملة من جانب الأهل أو التميز بين الأطفال بتفضيل أحدهم على الآخرين وهذا يؤدى لإحساس الطفل بالغيرة وهروبه للشارع من أجل أن يجد نفسه والشارع بطبعه جذاب هذا الى جانب الفقر وقلة الدخل والمستوى التعليمي وضعف الرقابة على الأطفال وقلة الاهتمام بهم . بينت أن المسؤولية تقع على الدولة التي لم توفر مستوى حياة مناسب للأسرة ودخل يقدرون به أن يعيشون حياة آدمية وعلى الدولة أن توفر رعاية لأطفال الشوارع المتواجدين فى الشارع بإنشاء دور معينة يعيشون فيها كما يحدث فى الدول الأوروبية والتى انعدمت لديهم جملة أطفال شوارع واختفت هذه الظاهرة بقيامهم بكلف الطفل حتى 18 سنه ودفع مرتب شهري لكافل الطفل فى تلك الدول الطفل هو مسؤلية الدولة أولا وأخير وعليها أن تقوم برعايته بغض النظر عن إذا كان والديه يريدونه أم لا.